الداعية خالد ولد إسلم: الإنفاق في رمضان أهم مظاهر الإحسان
الثلاثاء, 16 يوليو 2013 01:16

altaltاحتضن مسجد الوفاء ببغداد مساء اليوم الإثنين محاضرة  تحت عنوان الإحسان في رمضان، قدمها فضيلة الإمام الداعية خالد ولد إسلم.

وقفات مع آيات الإحسان:

استهل الشيخ محاضرته بمجموعة من الآيات تحض على الإحسان، وتأمر به، كقول الله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي"، وكقوله: "وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"، وكقوله: "والله يحب المحسنين"، وكقوله: "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسون"... إلى غير ذلك من الآيات التي تحض على الإحسان بشكل عام.

مبادرة الصحابة:

وشفع الشيخ ذلك بحديث عن مبادرة الصحابة لامتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الشيخ في هذا الإطار مجموعة من الصحابة من أبرزها:

-   تصدق أبي طلحة الأنصاري ببير حاء، حيث أعطى بير حاء لله ولرسوله بمجرد سماعه النبي صلى الله عليه وسلم يتلو قول الله تعالى: لن تنال البر حتى تنفقوا مما تحبون، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلها في الأقربين.

-   عمر ابن أبي سلمة رضي الله عنه، الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يأكل معه آداب الأكل، فجعلها دستور حياته من بعد، رغم صغر سنه حينئذ، فقال: "فما زالت تلك طعمتي بعد".

-   حكيم بن حزام: نموذج الاستعفاف عما في أيدي الناس، حيث سمع النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من الرغبة في ما في أيدي الناس، فقرر فورا  أن لا يسأل أحدا شيئا حتى يلقى الله، ونفذ فعلا؛ إذ قد كان سوطه يسقط فيأبى أن يرفعه له أحد.

وقفة مع الصلاة:

وأكد الشيخ في محاضرته على وجوب الصلاة، ولزوم أدائها في الجماعات، مذكرا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه، "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق"، مؤكدا على ضرورة الحفاظ على الصلاة في رمضان، وخطورة التفريط فيها، خاصة صلاة الصبح التي قال إن بعض الصائمين يفرط فيها، وينام عنها، مع ما فيها من عظيم الأجر "من صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله"...

حض على الإنفاق:

وقد ذكر الشيخ بالترغيب الشرعي في الإنفاق في سبيل الله، وحذر من نسيان المساكين، مستشهدا بقول الله تعالى حكاية عن أهل النار، حين سئلوا ما سلككم في سقر، "قالوا: لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين"، وجعل منع إطعام المسكين مع ترك الصلاة، وتقديمه على الخوض مع الخائضين، والتكذيب بيوم القيامة، دليل على خطورة شأنه.

وأكد الشيخ على ضرورة الإنفاق، سواء كان إنفاقا واجبا كالزكاة، أو مؤكدا كالصدقات، أو فاضلا كالجمع بين الزكاة الواجبة، والصدقة التطوعية، وذكر الشيخ بأفضلية الإنفاق، منوها إلى أن الإنفاق يقع في القليل والكثير، لحديث فاتقوا النار ولو بشق تمرة"، وذكر الشيخ في هذا السياق بخطورة كنز المال، وتعطيل حق الفقراء فيه، مذكرا بقول الله تعالى: "يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون"، ومحذرا من "دع اليتيم" أو التقصير في الحض على إطعامه، مذكرا بقوله الله تعالى: "أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين".

وحذر الشيخ من إيثار الأغنياء بالمآدب، وإهمال الفقراء، مشيرا إلى أن وليمة يدعى لها الفقراء ويحرم منها الفقراء بائسة، لا بركة فيها....

واستشهد الشيخ على مساواة الإسلام بين الناس، في المدرسة النبوية وهديهم في هذا المجال، حيث كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يأكل مع غلمانه، ويكسوهم مما يكتسي، رغم غناه، وسعة ذات يده؛ لأنه يقول الشيخ خريج مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم.

لا حسد إلا في اثنتين:

وأكد الشيخ ضرورة الإحسان إلى الناس، وأن الحسد المحرم أبيح منه نوعان سميا تحاشيا للاسم المذموم "الحسد" "بالغبطة"، وهذان النوعان هما:

من أعطاه الله الحكمة فهو يعلمها ويقضي بها بن النسا؛ فهذا الإنسان ينبغي أن يتمنى المسلم أن يكون مثله.

من أعطاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، وهو إنفاقه فيما يحبه الله ويرضاه.

فالإرشاد النبوي يدل الإنسان المسلم على الاغتباط المحمود لمن أنعم الله عليه، وهذه من أعظم النعم، بعكس الحسد الذي هو تمني زوال النعمة عن صاحبها، وهو نوع من الاعتراض على القدر نسأل الله العافية.

بينما هذه الغبطة ليست بتمني زوال النعمة، وإنما هي تمني مثلها...

ورجل تصدق بصدقة فأخفاها:

وحض الشيخ في محاضرته على ضرورة الصدقة، وعظيم أجرها؛ إذ من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، "رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه"، وأكد على كون صدقة السر أفضل وأبعد عن الرياء، لا يعني إطلاقا ذم صدقة العلانية؛ لقول الله تعالى: "إن تبد الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم"، وذلك يقول الشيخ، لأن الجهر بالصدقة قد يكون من سن الخير، والدعوة إلى فعله، وهو أمر فاضل لا محالة.

وأكد الشيخ على كون إفطار الصائمين من أفضل أنواع إطعام الطعام، وأنه ممكن بوسائل شتى منها أن يتخفى الإنسان، ويتجه إلى المستشفيات، والأحياء الفقيرة، وينفق فيها لإفطار الصائم، ومواساة المريض والمحتاج، فالملائكة يقول الشيخ –كما في الحديث- تدعو لمن فطر صائمين حتى يفرغوا، أو حتى يشبعوا.

إطعام الطعام:

وقال الشيخ إن من أفضل الأعمال الصالحة إطعام الفقراء والجيران والمحتاجين، وتقديم ذوي القربى، وإيثار أهل الفضل والخير، لأن النبي صلى الله عليه سئل أي الإسلام خير فقال: "تطعم الطعام"، وحذر الشيخ من إطعام الناس ما يترفع الإنسان على إطعامه لو أعطي له، مؤكدا على أن ذلك ليس من البر، بل لا ينال البر إلا من أنفق مما يحب، وبالمقابل حذر من الترفع على سؤر المؤمن التقي؛ إذ لا ينبغي يقول الشيخ أن يترفع المؤمن على طعام أخيه، وهو محتاج له.

وإطعام الطعام في هذا الحديث جعل مع أعمال كبيرة يقول الشيخ، حيث جعل مع إفشاء السلام، وقيام الليل، وهذا يدل على فضله، وعظيم منزلته.

إنفاق الرسول:

ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فقال لا، وهذا يدل على كرمه صلى الله عليه وسلم، ونحن مطالبون بالاقتداء به، ولذلك قال الشاعر في علي زين العابدين:

ما قال لا قط إلا في تشهده

لولا التشهد كانت لاؤه نعم

ورسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بهذا من علي زين العابدين رضي الله عنه، وهذا يدل على كرم النبي صلى الله عليه وسلم، وسمو خلقه، وصدق الله حين قال عنه: وإنك لعلى خلق عظيم.

ما نقصت صدقة من مال:

ولا بد يقول الشيخ، من أن يعرف المنفق أن الصدقة تزيد في الرزق، فالله تعالى يقول في الحديث القدسي: "يا ابن آدم أنفق أنفق علييك"، والملك يقول: "الله أعط منفقا خلفا"، والآخر يقول: "اللهم اعط ممسكا تلفا"، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما نقصت صدقة من مال"، وقد سأل الصحابة: أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله، فقالوا: كلنا يحب ماله على مال وارثه، فقال: ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدق فأبقيت.

الصيام أكبر دواعي الإنفاق:

وأكد الشيخ أن الصائم عليه أن يجود بالخير على الناس، وأن يعطيهم مما أعطاه الله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، كان أجود الناس، ولكن كان أجود ما يكون في رمضان حين يدارسه جبريل القرآن، مشيرا إلى أن جبريل كان يدارسه القرآن في كل ليلة، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنه تعقيبا على هذا: فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.

وفي الختام ركز الشيخ على أن الإحسان في رمضان لا يعني فقط الإنفاق والانتباه للمرضى والمحتاجين والفقراء والمعوزين، (رغم أهمية هذا الأمر وآكديته، وكثرة غفلة الناس عنه) ولكنه يشمل:

الدعاء عن ظهر غيب للمسلمين المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.

الإكثار من الصلاة والذكر والدعاء، وتدبر القرآن، واصطحاب كتاب الله، والتبرك والاستشفاء به.

الإكثار من أعمال الصالحة بمختلف أبوابها، على عكس ما هو شائع يقول الشيخ من كثرة النوم في رمضان، وكثرة الأكل فيه.

 

الداعية خالد ولد إسلم: الإنفاق في رمضان أهم مظاهر الإحسان

السراج TV