مسجد ابن عباس...معلمة دينية وواجهة حضارية
الأربعاء, 11 سبتمبر 2013 15:42

altaltيعتبر جامع ابن عباس أقدم مسجد في العاصمة نواكشوط،حيث تأسس 1963 وذالك بأوامر من رئيس الدولة حينها المؤسس المختار ولد داداه -رحمه الله -،وبمبادرة من الدبلوماسي الأديب يعقوب ولد أبو مدين الذي يقال إنه تبرع بثمن قطيع من البقر باعه لتمويل هذا المشروع العظيم.

وفور تشييده ثارت خلافات فقهية بين بعض الفقهاء حول صلاة الجمعة فيه هل تصح أم لا؟،فذهب القاضي الامام ولد اشريف أن صلاة الجمعة ساقطة عن أهل نواكشوط،بينما أفتي الإمام الأكبر بداه ولد البوصيري –أول إمام وخطيب للجامع - بوجوب صلاة الجمعة على أهل نواكشوط في تلك الفترة.

وواصل الإمام بداه الصلاة في هذا المسجد واشتهر بخطبه المؤثرة التي كانت تنقلها حينها الإذاعة الوطنية فيبث فيها رسائل اجتماعية وسياسية لحكام نواكشوط.

كما كانت تقام في هذا المسجد صلاة العيدين وذالك بحضور الرؤساء المتعاقبين،وقد كان الإمام بداه يخلف في هذا المسجد بعض نوابه كالإمام محمد الامين ولد اميو-رحمه الله.

ومع مطلع عام 1991 وتأسيس الجامع السعودي وانتقال الإمام بداه إليه،أحالت لجنة المساجد والمحاظر الإمام والأستاذ في معهد ابن عباس حدمين ولد السالك إلى إمامة هذا الجامع فأصبح هو الإمام الرسمي وهو المنصب  الذي ما زال يتولاه إلى يومنا هذا.

تجاعيد السنين

مع أن المسجد لا يزال بناؤه متماسكا وقويا إلا أنه يحتاج لبعض الترميمات،ففي موسم الخريف يتضرر المسجد من أثر السيول، كما أن جل نوافذه طالتها عوامل الإهمال،هذا فضلا عن تحديات الكهرباء الذي تقطعه الشركة بين الفينة والأخرى مما يضطر إمام المسجد إلى كتابة رسالة لرئاسة الجمهورية التي تأمر بإعادته فورا!!

ويقول إمام "جامع ابن عباس"حدمين ولد السالك في تصريح للسراج الدعوي :إن المسجد يعاني من بعض التحديات خاصة  أزمة سداد فواتير الماء والكهرباء،مع أن هناك تحسنا واهتماما-إلى حد ما-من الدولة برعاية المسجد.

ويذكر ولد السالك"أن المسجد حظي بترميم سنة 2012من طرف وزارة الإسكان ،أما الوزارة المعنية بالمساجد فما تزال جهودها قاصرة في هذا الجانب"!

ومع أن هذا الجامع العريق لا تتبع له محظرة فإنه عرف في السنوات الأخيرة تنظيم مسابقات قرآنية كبري خاصة في المواسم الرمضانية ،حيث يتم نقلها عبر أمواج الإذاعة الوطنية،كما أن هذا المسجد ارتبط  بالمعهد المنسوب إليه وهو معهد ابن عباس المتخصص في شؤون الشريعة الإسلامية.

ويبقي مسجد ابن عباس معلمة دينية وواجهة حضارية تحتاج إلى الصيانة والترميم،باعتباره أول جامع بني منذ إنشاء الدولة الوطنية الحديثة،كما أنه ارتبط ذهنيا بخطب عالم موريتانيا الأكبر بداه ولد البوصيري الصداع بالحق وصاحب المواقف الخالدة.

بيد أن رعاية المسجد في موريتانيا-وللأسف-لا تزال ثقافة غائبة عن عماري المساجد وروادها ،فالمساجد ينبغي أن توفر لها كل مستلزمات الرعاية والإعمار من بنى ومرافق خدمية بما يمكن المسلم من القيام بالعبادات المفروضة عليه في أجواء تتسم بأعلى معايير الأمان والرعاية.

وتبقي جهود الدولة معولا عليها في هذا الباب كونها الوصية على الإرث الحضاري والدين لهذا البلد المشهور بمنابره ومنائره حتى لا تنال عوامل الاندثار من موروثنا الضارب في الأعماق..فهل من مجيب؟.

 

 

مسجد ابن عباس...معلمة دينية وواجهة حضارية

السراج TV