الشيخ الددو: الدعوة مستمرة يحملها الخيار العدول(صور) |
الأحد, 30 مارس 2014 00:27 |
قال العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو في محاضرة ألقاها بمسجد الحرمين بمقاطعة الرياض مساء اليوم"السبت29-03-2014" إن الخيار من أبناء الأمة الإسلامية هم الذين يبذلون أرواحهم ودماءهم نصرة لدين الله تعالى وتبليغ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. وأضاف الشيخ الددو :(بدون الدعوة إلى الله تعالى لا أمن ولا استقرار، فالدعوة جهد مشترك تتحمله الدولة والمجتمع، ومع ذلك فالدعوة مستمرة مهما كان حتى يرث الله الأرض ومن عليه). وقال الشيخ الددو إن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يحملها ويسير في طريقها إلا الأقوياء الذين لا يخافون لومة لائم، ويعلمون أن الله هو المدبر المالك لكل شيء، وأن(..اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا..). وأكد الشيخ الددو أن الدعوة إلى الله تعالى صفة شريفة، وصف الله تعالى بها نفسه (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وأخبره بأنها أرضى الأقوال: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ). ودعا الشيخ الددو الدعاة إلى الله تعالى إلى تهيئة نفوسهم للتعرض العقبات التي ستواجه الدعاة إلى الله تعالى وهم ينشرون دين الله، مؤكدا أن الأمة حلقات مرتبطة فما أصاب الأنبياء في الزمن الماضي لا بد وأن يصيب جزء منه دعاة اليوم. فوائد الدعوة: 1- هداية الداعي نفسه، ونجاة نفسه، ثم هداية الآخرين على يديه، لأن الداعية الجاد الصادق لا يرضى لنفسه أن يكون كالمصباح الذي يحترق ليضيء للآخرين، ولأن ذلك من سمت الأنبيات وهديه، فشعيب عليه السلام يقول: "وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت"، وأبو الأسود الدؤلي يقول: يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم 2- نيل الإنسان ميراثه من نصيب الأنبياء: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة"، فالأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وإنما ورثوا هذا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر". 3- سبب لاجتباء الله لمن يقيم بهم الحجة على الناس، فالله تعالى يقول: "وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ". 4- سبب لقبول العمل: لأن أعمال الإنسان قد يدخلها الرياء والتسميع، وغير ذلك من عوائق الأعمال وشوائبها، بينما عمل من دعاهم إلى الخير فاستجابوا لا يضره فيها ما خالطها من رياء وتسميع، بل خيرها له وشرها على مرتكبها المباشر. 5- أن الدعاة شركاء في الأجر، فلكل داعية أجر العمل كاملا، يستوي في ذلك الذكر والأنثى والنائم واليقظ، والقوي والضعيف والعالم والجاهل، فمن ساهم في الدعوة وشارك فيها نال أجر جميع العاملين فيها، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. 6- أن عمل الدعوة مضاعف: فكما تفضل صلاة الجماعة صلاة المنفرد، يفضل كذلك عمل الجماعة عمل الفرد، ويزاد الأجر فيه من الله بحسب ذلك. 7- تحقيق العداوة لإبليس، فالله تعالى قال: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا"، واتخاذ الشيطان عدوا يتحقق بأمرين: أ- اجتناب خطواته، امتثالا لأمر الله: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر". ب- ونقص جنده، وذلك يتم بالدعوة إلى الله تعالى، فالملوك حين يكونون في حرب لا يتقاتل الملكان المتصارعان فيها مباشرة، وإنما القتال بين الجنود، فكل ما قتل أحدهما من جند الآخر أو أسر كان أقرب للنصر، وكذلك الداعية حين يكسب من صف إبليس من يهديهم الله على يديه، يكون قد نقص جنده بذلك. 8- أن الدعوة سبب لحسن الخاتمة: لأن الله تعالى قال: "وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين، وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين"، وهذا يقتضي من الداعية الصبر على الأذى الذي يلحقه في سبيل الدعوة حتى يأتيه الموت وهو مستعد له، وبالتالي فلا يخاف أهل الأرض ولو تجمعوا عليه عن بكرة أبيهم، فنوح قال: "فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون"، وهو قال: "فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون"، وموسى قال: "كلا إن معي ربي سيهدين"، والصحابة قالوا "حسنبا الله ونعم الوكيل"، وذلك حين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم"، وكل نكبة أصابت السابقين وهم الأنبياء والصحابة والدعاة الصالحون المصلحون ستصيب أتباعهم لا محالة، وهذا مدعاة للاستعداد للابتلاء يجعل الموت لا يفاجئ الداعية، ولا يأتيه إلا وهو مستعد له، ومن كان مستعدا للقاء الله بالعمل الصالح كانت خاتمته حسنة. 9- أن الدعوة تشجع على قول الحق: إذ صاحبها متوكل على الله لا يخاف غير الله، يعلم أن الله قال: "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير، لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم"، وهذه الشجاعة في قول الحب يساعد فيها تنز الملائكة على الدعاة إلى الله يثبتونهم، لأن الله قال: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم"، ثم أتبع ذلك قوله: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين". 10- التخلص من الطمع في الخلق: فالدعوة تكسب الثقة في الله، والرضى بما قسم، فهذا نبي الله سليمان عليه السلام، حين جاءته هدايا أهل اليمن، قال: "أتمدونني بمال؟" "فما آتاني الله خير مما آتاكم، بل أنتم بهديتكم تفرحون"، فهو لا يفرح بما عند الناس ولا يرغب فيه، والله تعالى يقول: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون". وسائل الدعوة: وبعد أن ذكر الشيخ فوائد الدعوة شرع في ذكر وسائلها، وقال: إن وسائل الدعوة إلى الله سبعة، أربع في سورة يوسف، في قول الله تعالى: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"، وثلاث في سورة النحل، في قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" وتفصيل وسائل الدعوة على النحو التالي: 1- العلم الشرعي، وذلك مستفاد من قول الله تعالى: "على بصيرة"، فلا بد للداعية أن يعرف ما يدعو إليه. 2- العمل الجماعي، وذلك مستفاد من قول الله : أنا ومن اتبعني، فلم يقل "أنا وحدي"، ولذلك فالدعوة عمل جماعي لابد أن يقوم به كل الأفراد، وأن يتم عليه التعاون، وأن يتحمل كل فيه بقدر طاقته. 3- الرانية، وذلك انطلاقا من قول الله: "وسبحان الله" فالداعية لا بد أن يكون له ورد ثابت، وعمل صالح خاص به يصل به الحبل بينه وبين الله، ولا يمكن لداعية مخلص أن يرضى أن يكون قنديلا يحترق ليضيء للآخرين. 4- التميز عن المدعوين، وذلك مستفاد من قول الله: "وما أنا من المشركين"، فالداعية لا يمكن أن يأتي ما ينهى الناس عنه، وشعيب عليه السلام قال: "وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه"، والشاعر يقول: فإنك إما تأت ما أنت آمر به تلف من إياه تأمر آتيا. 5- الحكمة: وهي مستفادة من قوله: "بالحكمة"، وهي وضع الشيء في موضعه كما قال أبو الطيب: ووضع الندى في موضع السيف بالندى مضر كوضع السيف في موضع الندى فلكل مقام مقال، ولكل حادثة حديث، والحكمة ليست المهانة، ولا الاستكانة، فمنها الجهر بالسوء من القول لمن ظلم، "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم". 6- الموعظةالحسنة، وتكون بالنهي كما تكون بالأمر، لأن الله قال: "فمن جاءه موعظة من ربه فا انتهى فله ما سلف"، والموعظة هنا النهي عن الربى، وتكون بتذكر أيام الله في الأمم السابقة من قوم نوح وقوم هود وقوم صالح، وقوم لوط، وقوم إبراهيم وقوم شعيب... كما تكون أيضا بتذكرك نعم الله عليه وهمك الذي فرجه، وكربك الماضي الذي نفسه... وتكون أيضا بتذكر الإنسان لمن مات ممن عاصروه، ومن مرض.. كما تكون بتذكر الآخرة وأهوالها والجنة وجزائها. 7- المجادلة بالتي هي أحسن، وهي أن يستمع للخصم وحجته، ويرد عليها بما يناسبها من بيان الحق والخير، وأن يبدأ بالمتفق عليه قبل المختلف فيه، كما قال الله تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون". استمرارية الدعوة: وقال الشيخ إن الدعوة إلى الله مستمرة حتى نزول عيسى عليه السلام، يحكم بالشريعة فيقتل الخنزير ويضع الجزية، وأن الله سيعلمه القرآن والسنة، كما في قول الله تعالى: "ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل"، فالكتاب القرآن والحكمة السنة، وقال إن توقف الدعوة يعني إيذان البشرية بالقوراع والمثلات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتأمرونَّ بالمعروف ، ولتنهونَّ عن المنكر ، أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقاباً ، ثم تدعونه فلا يستجابُ لكم"، "يَكُونُ أُمَرَاءٌ يَغْشَاهُمْ غَوَاشٍ مِنَ النَّاسِ يَظْلِمُونَ وَيَكْذِبُونَ ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَلَيْس مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ "، "وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ"، "ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع". وقال الشيخ إن واجب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متحتم على كل مسلم، ولو لم يكن من أهل العلم فمن علم شيئا من هذا الدين، وجب عليه تبليغه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بلغوا عني ولو آية"، "فليبلغ الشاهد الغائب"، وقال إن الدعوة جهد جماعي يشترك فيه الكبير والصغير والمرأة والرجل والعربي والعجمي وكل المؤمنين، وهو جهد إصلاح يحتاجه الجميع ولا بد لهم منه. وقال الشيخ إن الداعية إلى الله ابن زمانه، ولن يجد الناس دعاة كالصحابة في هذا العصر، ولكن يجدون ناسا أبناء زمانهم، يعرفون منهم وينكرون، فعلى الداعية أن لا يستقل عمله وجهده ولا عمل إخوانه وأن يخلص ويبذل حتى يلقى أجره عند الله. وقال الشيخ إن الدعوة قسمان قسم عام الأصل فيه أنه فرض كفاية، وقسم خاص متعين على كل فرد، وهو أن يدعو أهله ومن هم تحت ولايته للخير، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا". |