آفطوط لتحفيظ القرآن الكريم.. عمل كبير في ميدان محتاج
الأربعاء, 16 أبريل 2014 17:47

عند الضحى يتفرغ التلاميذ لكتابة ألواحهم ومن المصاحف مباشرة

تأسست مبادرة آفطوط لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم العلوم الشرعية نهاية القرن العشرين 1999 بعد تجارب دعوية تعليمية في تعليم الوافدين على نواكشوط من العمال والمهنيين ممن يصطلح على تسميتهم بالطبقات "الهشة".

وتعمل المبادرة على تعليم القرآن الكريم، ومبادئ العلوم الشرعية، ومحو الأمية عن الطبقات "الهشة" التي لا يصلها التعليم نظرا لظروفها الاقتصادية ولا تهتم بالدعوة والتعليم نظرا لانشغالها بلقمة العيش والكد اليومي ما يتسفرغ جهدها ويجعل الكثيرين يغفلون عنها.

الميدان مدرسة..

كانت بداية تجربة المبادرة قبل أن تكو بهذا الاسم بداية دعوية تعلمية تركز على الطبقات الضعيفة التي يغيب عنها التعليم، ويتخطاها المربون بسبب مشاغلها المهنية، فنشطت المبادرة في باعة الفحم والحمالين والعاملات في المنازل وباعة المحار والحصباء المخصصة للبنيان في المقاطعة السادسة والرياض وعرفات ولكصر.. وكذا ساقة الشاحنات الكبيرة..

كان التدريس والتوجيه يتركز على محاور ثلاث، هي محول الأمية الأبجدية المتمثل في تعليم المستهدفين القراءة والكتابة، ومحو الأمية الشرعية، بتعليمهم أهم الأحكام الفقهية المتعلقة بالفرد، ثم محو الأمية الحضارية المعلقة بتعليمهم أسس السلوك المدني نظرا لكونهم وافدين في أغلبهم من الداخل، يحتاجون حسب القائمين على المبادرة إلى توعية بواجبات المدينة، والضوابط الشرعية لسكنها التي تمنع الضرر والضرار.

وبعد دراسة على المستهدفين تبين –حسب القائمين على المبادرة- أن 80% من المستهدفين ينحدرون من منطقة "آفطوط" و"أفلَّ" بدرجة ثانية، فقررت المبادرة التوجه إلى هذه المناطق للتدريس والتعليم والدعوة والتوجيه في مناطق يرغب الكثيرون عن المقام فيها نظرا لشح الموارد وصعوبة الظروف.

 أنشطة ومحاظر وخريجون:

 توجهت أنشطة المبادرة إلى ساكنة المنطقة رجالا ونساء وأطفالا بدون استثناء، تعلم الدين ومبادئه من عقيدة صحيحة، وعبادة صالحة، وقراءة وكتابة...

 كما قامت المبادرة بفتح الفروع وممارسة أنشطتها، فسيرت الكثير من القوافل والرحلات الدعوية الموجهة للمعنيين في المنطقة المحددة، ففتحت في المنطقة أكثر من 12 محظرة موزعة على مناطق: امبود؛ بوغول؛ تابنكة؛ فرع لادم؛ كوب أهل جعفر؛ أجار؛ حاس سيد أحمد؛ لبحير؛ هذا بالإضافة إلى لمغمظ؛ وآمريش؛ وامريميدة في منطقة أفل.

وقد خرجت هذه المحاظر عشرات الحفاظ خاصة من الطلبة الصغار، كما حفظت على يدي المدرسين فيها الكثير من الأمهات والمسنات، وكذا الآباء والمسنين عددا من أجزاء القرآن حسب طاقة كل فرد الذهنية وإمكاناته الوقتية...

ويحظى الحفظة الخريجون من محاظر بالمبادرة بتيسير متابعة الدراسات الشرعية في كيفة أو نواكشوط على أحد المشايخ، إلا أن الظروف المادية الصعبة تعيق كثيرين –حسب الإمام الشيخ ولد صالح- عن إكمال مشوارهم العلمي كما ينبغي. المساجد والآبار: بالإضافة إلى علم المبادرة في المجالين الدعوي والتعليمي تمارس أحيانا بعض الأعمال الخيرية عن طريق وسطاء تدلهم على المنطقة من أجل بناء المساجد وحفر الآبار وتشرف المبادرة عبر أساتذتها على تنظيم دروس توجيهية في تلك المساجد حسب الحاجة.

الأساتذة.. والرسالية:

يقول الإمام الشيخ ولد صالح المتحدث الإعلامي باسم المبادرة إن المبادرة في بداية نشأتها لم تجد كبير مشقة في الأساتذة المتطوعين حين كان العمل الدعوي التعليمي قاصرا على نواكشوط، أما حين توجه القائمون على المبادرة إلى المناطق الداخلية فقد خف الحماس للتطوع لها نظرا لارتباط الكثيرين بالعاصمة، ولصعوبة أجواء الداخل ماديا وتعليميا، ما دفع المبادرة إلى جمع تبرعات للأساتذة تساعدهم على المقام في تلك المناطق النائية، وقد لقيت المبادرة حسب ولد صالح بعض الدعم من بعض الرسميين لفترة كانت مهمة من تاريخ المبادرة.

أما بخصوص الرسالية فلم تكن الرياح تجري دائما بما تشتهي سفن المبادرين لتعليم مناطق قد لا تكون حاجتها للقدوية والرسالية أقل من حاجتها للتعليم والتوجيه؛ إذ كان بعض الأساتذة الذين تنتدبهم المبادرة للمهمة لا يؤدون الدور المطلوب كما ينبغي ولا يوصلون الرسالة على الوجه الأكمل، بل يتحولون أحيانا إلى أبناء مدللين لأهل تلك المناطق يعيشون من إكرامات الساكنة دون تقديم رسالة تذكر، ما دفع المبادرة لصرامة في اكتتاب الأساتذة، ووضع شرط "الرسالية" (التي تقتضي التزام البرنامج المقرر كاملا في فترة زمنية محددة) إلى جنب شروط حفظ القرآن وإتقانه، ومعرفة أساسيات العلوم الشرعية والعربية، وبعض من طرق التدريس والتوصيل.

التمويل والعلاقة بالمؤسسات المشابهة:

يقول القائمون على المبادرة إنها تقوم على تبرعات القائمين عليها ومساعدات بعض الخيرين من أبناء هذه البلد، إلا أن كل ذلك لا يبلغ القصد والغاية التي يتأدى به العمل، ما يدفع القائمين على المبادرة للتعاون مع بعض المؤسسات الأخرى المشابهة كرابطة حفاظ القرآن الكريم، والاجتماعية كالجمعية الموريتانية لمساعدة المرضى المحتاجين، والخيرية الأخرى، في مجالات كحفر الآبار وبناء المساجد وتنظيم الرحلات الطبية.

آفاق عمل المبادرة:

 يتمنى القائمون على المبادرة أن يتطور العمل بعدما شهده من نجاحات على اعتبارها لا ترقى إلى ما كانوا يطمحون إليه –يقول الشيخ ولد صالح- إلى أن يجدوا من أبناء المنطقة علماء ومربين ودعاة ومعلمين يجوبون تلك المناطق ويحققون الاكتفاء الذاتي لأهليها في مجال الدعوة والتعليم الشرعي. كما يتمنون أن تساعد الظروف الاقتصادية المستهدفين على إعطاء التعليم مكانته اللائقة به، ولن يتأتى ذلك ما لم تعم المساجد والمحاظر والآبار وبعض من الرخاء الاقتصادي أرجاء المنطقة.

آفطوط لتحفيظ القرآن الكريم.. عمل كبير في ميدان محتاج

السراج TV