الشيخ الددو يحاضر بنواكشوط عن مسؤوليات العلماء
الجمعة, 09 مايو 2014 00:55

الشيخ الددو يحاضر عن واجب العلماء في  التأسي الشيخ الددو يحاضر عن واجب العلماء في التأسي قال العلامة الشيخ محمد الحسن  ولد الددو: إن السالكين لطريق محمد صلى الله عليه وسلم وأثره لا بد أن يجمعوا بين الشجاعة والرحمة، وأن تقوم بهم الحجة.

وأضاف الشيخ الذي كان يتحدث في محاضرة بعنوان: "دور العلماء في حفظ الدين" : إن من مسؤوليات العلماء: الحرص على أن يبلغوا كلمات الله سواء رضي الناس أو غضبوا، و كذلك النصح للناس، والسعي دائما لتعليم الناس مما علمهم الله.

وأضاف: هم كذلك يسعون في كل أوقاتهم ولياليهم لإسعاد البشرية وراحتها، يسعون لحماية دين الله من الفتن المضلة، وهم كذلك مستعدون للوقوف في وجه الجهل والجهالة والباطل.

وبعد حمد الله و الثناء عليه قال الشيخ: أما بعد فإن العلماء الربانيين هم الموقعون عن الله سبحانه وتعالى وهم ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم القائمون بحجة الله على خلقه وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ورثة الأنبياء و أن الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما و إنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر .

وثبت عنه  إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع  و ثبت عنه كذلك إن العالم ليستغفر له كل شي حتى الحيتان في الماء,

altaltو قد بين الله سبحانه وتعالى منزلتهم حين أشهدهم على أعظم شهادة بعد أن شهد بها و أشهد عليها ملائكته  فقال تعالى    " شهد الله أنه لا إله إلا هو و الملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط "  و أخبر أنهم وحدهم الذين يخشونه حق خشيته فقال : " إنما يخشى الله من عباده العلماء "

و قال إنهم وحدهم المؤهلون لفهم كلامه فقال و تلك الامثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون " و أخبر أنه يرفع درجاتهم في الدنيا و الآخرة فقال: "  يرفع الله الذين ءامنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات " وحكم لصالحهم على من سواهم فقال : " قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الالباب "

ومن كان بهذه المنزلة فهو مؤتمن على الوحي و الوحي أعظم ما في الله و أحبه إلى الله سبحانه و لا يمكن أن  يؤتمن الله  عليه المفلسون و الله علام الغيوب  يعلم السر و أخفى فهو مطلع على سرائرنا وعلى خفايا ما تكنه صدورنا فلا يمكن أن نكتم الله شيئا ، و لذلك إذا اختار الله منا من أتمنه على أشرف شيء في الأرض وهو مطلع على سريرته  فذلك دليل على تزكيته له و اختياره له " يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة من أمره سبحانه و تعالى عما يشركون " وقد قال سبحانه وتعالى : " الله يصطفى من الملائكة رسلا و من الناس "  وقال " الله أعلم حيث يجعل رسالته "  وقد بين الله سبحانه و تعالى أن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي بعث الله لهم نبيا و إنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الأمة و لكن علماء هذه الأمة بمثابة أنبياء بني إسرائيل يسوسونها و يجددون لها أمر الدين و يبينون لها ما اختلفت فيه من الحق بإذن الله ولذلك أحال الله إليهم عند حصول الاختلاف فقال : " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " فالعلماء هم أولوا الأمر الذين يستنبطون من كتاب الله عز وجل وراثتهم  لرسول الله صلى الله عليه وسلم تقتضى منهم شجاعة في قول الحق ورحمة بالناس فالذي يجمع بين الشجاعة والرحمة ليس كمن يتصف بإحدى الصيفتين فقط فالذي يتصف بصفة الرحمة دون الشجاعة هو حلو يبتلع و لا يمكن أن يودي أمانة و لا يقوم بحق و لا ينصر مظلوما ولا أن يعلي كلمة الله سبحانه وتعالى و ليس أهلا لهذا المقام و من هو متصف كذلك بالشجاعة دون الرحمة سيوصله ذلك إلى التهور  و المخالفة لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا احتاج العلماء بأن يتصفوا بالصفتين معا ، فاتصافهم بصفة الشجاعة يقتضي منهم أن يكونوا قوامين لله بالقسط و أن يبلغوا رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله كما وصف الله المقربين من خلقه بقوله : " الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله " و العلماء أولى الناس بهذا الوصف لأنهم يعرفون الله تعالى و يعرفون  أنه وحده الذي يستحق أن يخاف وهو وحده المستحق أن يرجى فإنه الذي " يمسك السموات و الأرض أن تزولا  وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا."

" وهو الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه" بيده الأمر كله وإليه يرجع الأمر كله ومن دون الله لا يمكلون لأنفسهم و لا لغيرهم نفعا ولا ضرا و لا حياة ولا موتا و لا نشورا وقد قال الله في ذلك بيانا للبشرية كلها : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز " فالذي يعرف الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يتأثر بالضغوط ولا يمكن أن يخشى أحدا من دون الله ولا أن يطمع فيه  ولا يمكن أن يحابي في كلمة ولا شطر كلمة لأنه يعلم أن الله يراه و هو مطلع على سريرته و قد ائتمنه و اختاره وكلفه بهذه المهمة و إذا تراجع و ترك مقامه وترك المكان الذي كلف برفعه و التقدم به فإنه سيكون مثل صاحب بني إسرائيل الذي أنزل الله فيه في سورة الاعراف : " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ*َلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ لعلهم يتفكرون ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ ".

altaltو بذلك يعلم العلماء الذين أتمنهم الله على هذه الأمانة أنهم في امتحان شاق وهم أولى الناس بطلب النجاح فيه فلا يتصرفون أي تصرف ولا يقولون أية قولة ولا يقفون أية موقف حتى يزنوه بميزان الآخرة أولا ويعلمون أنهم على أعتاب الآخرة و أنهم موقوفون على كلامهم و أمانتهم و أن كل ذلك معروض عليهم بالملأ الأعلى والمشهد يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها " و كل إنسان ألزمناه طائره في عنق ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا " و لذلك هم الأجدر بأن يأخذوا هذا اللواء و أن يتقدموا به و أن يذكروا قول أمير المؤمنين عليا بن أبي طالب :

لمن رايةٌ سوداء يخفق ظلّها ... إذا قيل: قدّمها، حضير، تقدّما

هم يستحقون هذا المقام بعلم الله فيهم وقد  اطلع على سرائرهم وليس معنى ذلك أنهم معصومون بل هم خطاؤون كمن سواهم وخير الخطائين التوابون ولكنهم الرجاعون إلى الحق الذين إذا استزلهم الشيطان في أية مسألة بادروا إلى التوبة وقد قال الله تعلى : إن الذين اتقوا إلى مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون  وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون.

و لذلك لا يغشاهم الشيطان إلا قليلا و إذا غشيهم تابوا  و بادروا و أنابوا و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه لو تدومون على ما تكونون عليه عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات  و لكن ساعة فساعة " فهم إذا أذنبوا تابوا وبادروا و إذا أخطؤوا لم يضق ذرعهم أن يتراجعوا عن أخطاءهم وقد كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الاشعري رضي الله عنهما (ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه بالامس ثم راجعت نفسك فهديت فيه إلى رشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم لا ينقضه شيء و إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل  )

هذه المقدمة أردت بها أن تعرفوا العلماء قبل أن تعرفوا مسؤولياتهم فمسؤوليات العلماء جسيمة كبيرة ولكنهم على مستواها أعدوا لها فهيأهم الله تعالى لأن يكونوا في المقدمة .

altaltمسؤوليات العلماء مسؤوليات كبيرة عظيمة

ــ هذه التهيئة ليست تهيئة بدنية بل هي تهيئة إيمانية قلبية ما جعل الله في قلوبهم من الايمان و النور يغنيهم عن مطامع الدنيا .

ـ العلماء في كل مكان و زمان هم أهل أن تقوم بهم الحجة لله و أن يقوموا لله بالقسط و العدل ولو تعرضوا خلال ذلك إلى الأذى فأسوتهم الانبياء وقد تعرضوا لأنواع الأذى و المحن ولم يصرفهم ذلك و لم يصدهم وقد قال الله تعالى : " وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرينوما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرينفآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين "

ومن كان كذلك لا بد أن يناله بعض مانال الانبياء فمن كان وارثا للنبي صلى الله عليه وسلم لا بد أن يناله بعض ما ناله في الشعب أو أحد الغزوات

فقد كان صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة كان أسوة في كل أموره من صلاته و زكاته ومعاملاته

وقد قال كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى يا رسول الله قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى

 

 

altaltثم ذكر بعض الابتلاءات التي حصلت للنبي صلى الله عليه

في طريق الهجرة وصلاته عند البيت و ما قام به سفهاء الطائف و كذلك في غزوة بدر و أحد

و أذي صلى الله عليه وسلم في عرضه  في قصة الافك

و أذي في أصحابه فقد قتل منهم من قتل و أسر من أسر ومع ذلك بقي صابرا

ومن اقتدى به لا بد أن يكون هكذا و أن يتصفوا بصفتي الشجاعة و الرحمة

الشجعان في الحق قوامون قوالون للحق

السالكون لطريق محمد صلى الله عليه وسلم وأثره لا بد أن يجمعوا بين الشجاعة والرحمة، وان تقوم بهم الحجة.

•        من مسؤوليات العلماء: أنهم حرصون على أن يبلغوا كلمات الله سواء رضي الناس أو غضبوا، و كذلك ينصحون للناس، ويسعون دائما لتعليم الناس مما علمهم الله، وهم كذلك يسعون في كل أوقاتهم ولياليهم لإسعاد البشرية وراحتها، يسعون لحماية دين الله من الفتن المضلة، وهم كذلك مستعدون للوقوف في وجه الجهل والجهالة والباطل. •         الدعاء

 

الشيخ الددو يحاضر بنواكشوط عن مسؤوليات العلماء

السراج TV