ولد المختار الحسن يحاضر عن فوائد قيام الليل |
السبت, 07 يونيو 2014 18:06 |
قال الشيخ محمدن ولد المختار الحسن إن لقيام الليل فوائد كثيرة؛ فهو مرضاة للرب، مطردة للداء عن الجسد، سبب للتعرض لنفحات الله في الليل، معين على إجابة الدعاء، وعلى مواطأة القلب للسان عند تلاوة القرآن، كما في قول الله "إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا"، وهو من سنن السابقين، وصفات المتقين. فقد كان نبي الله داود من أهل القيام، وكان قيامه أحب القيام إلى الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب الصلاة إلى الله صلاة داود.... كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه". وقال الشيخ إن من أسوأ أنواع القيام، القيام الذي ينام صاحبه عن صلاة الصبح؛ إذ أخطأ صاحبه الغاية والغرض وفوت المقصود، فالمطلوب بالقيام زيادة الأجر والعبادة لا نقصانهما. التغني بالقرآن.. وحكم القيام:وحول التغني بالقرآن الوارد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت أن يتغنى بالقرآن"، قال الشيخ: إن معناه حسن التجويد، وجمال الأداء، وليس التمطيط، والتنغيم الغنائي الذي يفعله بعض الناس حيث يسد القارئ أذنيه بيديه، ويغني في المقامات، فيكبر المستمعون.. وقال الشيخ إن هذا أقرب للطرب منه للقرآن، وليس من الأدب مع القرآن فعل هذا. وقال إن حديث أبي موسى في هذا السياق واضح، وذلك حين استمع النبي صلى الله عليه وسلم لتلاوته، فلما أخبره قال: لو كنت أعلم.. لحبرته لك تحبيرا" إن المقصود به حسن الأداء لا التغني، وإن الحديث: "لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود" المقصود منه حسن الصوت، لا المزمار "الآلة الوترية" المعروفة، فلم تكن عند آل داود عليهم السلام، بل كان داود يرتل القرآن، ولحسن صوته تتفاعل معه الجبال والطيور كما في قوله تعالى: "يا جبال أوبي معه والطير"، وقوله: "إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب". وقال الشيخ إن قيام الليل أصبح سنة مؤكدة، بعد أن كان فريضة لازمة رحمة من الله بهذه الأمة، كما تشير إلى ذلك فواتح سورة المزمل وخواتيمها. وأضاف الشيخ إن قيام الليل كان من العزائم عند السلف، ولم يكن معهودا في زمن الصحابة تركه بالكلية، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده رجل نام حتى أصبح، فقال: "ذلك رجل بال الشيطان في أذنه"، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: "يا عبد الله لا تكن مثل فلان؛ كان يقوم الليل فترك قيام الليل". مراتب قيام الليل:وقال الشيخ إن قيام الليل المطلوب كما في سورة المزمل على ثلاث مراتب: 1- قيام نصف الليل. 2- قيام أقل من نصف الليل قليلا. 3- قيام أكثر من نصف الليل. وهذا النوع الأخير هو الذي زكاه القرآن ومدحه بقول الله تعالى: "قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه". وقال الشيخ إن المقصود بالترتيل وهو التفريق لقولهم "فم مرتل" أي مفلج، والترتيل القراءة على مهل، ومكث، بأن يدعو عند كل آية رحمة، ويستعيذ عند كل آية وعيد، ويسأل عند كل آية سؤال، وهو أفضل أنواع القيام. وكان من السلف من يقوم الليل بآية واحدة لا يزيد عليها، يرتلها ويكررها حتى يصبح، وقد كان بعض السلف حين يقرأ آية من القرآن يغشى عليه فلا يفيق، لتدبرهم للقرآن وترتيلهم له. وتناول الشيخ ضروب قيام الليل بالتفصيل، وقال: إن السلف فيه قسمان: 1- قسم يقدم صلاته ووتره، خشية أن ينام عنهما، أخذا بالحزم، ومن هذا القسم من الصالحين الأولين أبو بكر الصديق رضي الله عنه. 2- قسم يؤخر الوتر والصلاة إلى آخر الليل، وممن كان يفعل ذلك من الصالحين عمر الفاروق بن الخطاب رضي الله عنه. وقال الشيخ إن لأهل العلم في من يوتر أول الليل أقوالا: 1- فإما أن يوتر أول الليل ويؤخر الصلاة، وفي هذه الحالة؛ - إما أن يصلي آخر الليل ولا يوتر. - أو يصلي ركعة يشفع بها ما صلاه أول الليل، ثم يصلي ما شاء الله له، ثم يوتر. 2- أو أن يقدم الصلاة والوتر أول الليل، ويخص آخر الليل -إن استيقظ فيه- بالدعاء والتضرع وقراءة القرآن. وفي هذا الساق عرض الشيخ كثيرا من صور قيام الليل عند السلف، وترتيلهم للقرآن، واهتمامهم بالقيام، وقال إن من تركيزهم عليه إن صفوان بن سليم كان يقوم فوق البيت في زمن الشتاء، حتى لا يأتيه النوم، وكان يقوم الليل داخل البيت في زمن الصيف حتى يتضرر بالحر فلا يأتيه النوم. أدب مع السنة بإحيائها:وقال الشيخ الذي كان يفسر سورة المزمل: إن الله سبحانه وتعالى علمنا فيها الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم في ندائه، حيث ناداه بوصفه "المزمل" بدل ندائه باسمه "يا محمد"؛ إذ الصيغة الأخيرة محرمة علينا؛ لأن الله تعالى قال: "لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا"، فمن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم ترك ندائه باسمه المجرد، وترك رفع الصوت بحضرته: "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض"، وغض الصوت عنده من علامات التقوى: "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر كريم"، كما أن ندائه صلى الله عليه وسلم من بعد علامة ذهاب العقل ونقص الخير كما قال تعالى: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم"، وقال إن من ذلك الأدب مع حديثه حين يذكر ومع سنته حين تصح. وقال الشيخ إن المنشغلين عن القيام لن يكونوا أكثر شغلا من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يتلقى الوفود، ويجهز الغزوات والسرايا والبعوث، ويفتي ويقضي ويعلم، ومع كل ذلك كان يقوم الليل، ولم ينزل قيامه عن السبع، ولم يزد على إحدى عشرة ركعة –كما أفتى بداه ولد البصيري برجحانه- أو ثلاثة عشر ركعة على الأكثر. المعينات على قيام الليل:وحول المعينات على قيام الليل، قال الشيخ إن من المعينات على قيام الليل ما يلي: 1- النوم باكرا، فمن نام باكرا سيأخذ من النوم بقسط كاف، قبل آخر الليل، وصلاة العشاء يكره الحديث بعدها. 2-تقليل الأكل بالليل، فالذي يأكل كثيرا ينام كثيرا، والذي ينام كثيرا لا يمكن أن يعد نفسه للمهمات العظام، ولذلك علل الله إيجاب قيام الليل على نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: "إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا". 3-قراءة الآيات والأحاديث الحاضة على القيام، حتى يحصل الترغيب فيه، وتتبين قيمته، فالله وصف به أهل الجنة: "والمستغفرين بالأسحار"، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون"، "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءا بما كانوا يعلمون". 4-الاستعانة بأهل القيام، مصاحبة، وتوصية، فالذي يبيت مع القائم يأنف لنفسه أن يبيت نائما، ومعه من يقوم الليل، فيسابقه بسبب ذلك في القيام كما يتسابق التجار في تحصيل الدنيا. 5- الاستعانة بالمنبهات العادية في الهواتف وغيرها. 6-قضاء القيام بالنهار، إذا عجز عنه في الليل، لكي ييأس الشيطان من أن يترك الإنسان القيام، والله تعالى قال: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا"، على أن لا يجعل الإنسان هذا عادة. وفي نهاية الحديث أجاب الشيخ على أسئلة الحضور التي تركزت على القيام، وإن أضافت بعض الأحكام الأخرى.
|