فتيان القرآن.. معالم الفتوة في ظلال القرآن
السبت, 22 يونيو 2013 16:22

altaltقضت حكمة البارئ أن يكون أعرف بخلقه منهم، ف  قد قال جل من قائل {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك: 14) ذلك أن التأسيس والبناء على معالم القرآن وآياته البينات -سُلما للحقائق  ومرقاة إلى الاستنتاجات العلمية- هو الضامن الوحيد من الزلل والعثار العلمي والكفيل الأوحد بأن تصل المنهجية إلى مقتضياتها، والباحث إلى خلاصاته.   

وإذا كان لفظ الشباب لم يرد في نص الذكر الحكيم بهذه اللفظة مذكرة أو مؤنثة أو على الجمع أو الثنية، فإنه قد ورد بكثرة بألقاب وأسماء أخرى، وبقصص ذات دلالات أثيرة، ومعالم جليلة في تكوين العقل والذهن وشحذ الهمة وتوجيه المسار على حد سواء، ويحسن بي في مستهل هذه الإطلالة أن أسجل ملاحظة أراها جديرة بالاهتمام، تتعلق بطريقة عرض القرآن لقصص الشباب، ذلك أن حقائق التربية النفسية اليوم تقول إن الشباب ميال بطبعه إلى النفور عن المواعظ والأوامر والزواجر النظرية، إذ فيه جموح إلى إثبات ذاته، عبر ما يرى أنه الأنسب له والأصوب عنده، وهو كثير السعي إلى مخالفة السائد من عادات الناس وتقاليدهم وأذواقهم، على أن هذا الشباب الثائر لا يعيد بناء ذاته في الغالب إلا على مثال أو أسوة أو قدوة، ولذلك عدل القرآن في أغلب قصص الشباب التي عرضها عن توجيه الأمر أو النهي إلى الشباب خاصة، إلى أسلوب أكثر حكمة وأقدر على الأخذ بمجامع القلوب وهزها حتى تسّاقط عنها أدران الغي وتزهر فيها ثمرات كل إيمان وخير، ألا وهو أسلوب عرض القصة المشوقة والمثل الأخاذ ليخاطب عقل الشاب  ووجدانه من خلال ظلال الآيات البينات مرغبا {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبراهيم وَالَّذِينَ مَعَهُ}. (الممتحنة: 4)، ثم إذا عرض قصة إبراهيم عليه السلام وصفه باسم الفتى الذي يدل على اجتماع عدة معان شريفة تجمع بين قوة الجسم وفتاء الروح واكتمال الملكات، قال تعالى {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إبراهيم يقال له إبراهيم} نادت كلمات القرآن قلوب الناس والشباب ككل {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبراهيم وَالَّذِينَ مَعَهُ}. (الممتحنة: 4).

الفتى إبراهيم: تأسيس الديانة

ولعل من الضرورات العلمية أن يظل لسان التاريخ رطبًا بسيرة الفتى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، إذ عليها أسست معالم الشخصية الإسلامية بكل مقوماتها، واستمداداتها، وحسبنا أن نأخذ من هذه المعالم الفوائد التالية.

طريق التوحيد: قذف الله نور التوحيد في قلب نبيه الفتى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فتصاغرت في عينه المخلوقات، ألا تراها تأفل مع المساء، وتعتريها سنن الحياة بالتبدل والتغير، فأنى لهذه المتغيرات أن تكون ربا لإبراهيم وأتباع إبراهيم الذين سماهم المسلمين، فإذا ما تجاوز إبراهيم مرحلة الشك وانقدحت في نفسه معالم الإيمان والإسلام والإحسان وانداحت قيم التوحيد وأخذت بشغاف القلب، استل من قوة الإيمان صارمًا يحطم به الأصنام ثم يعري بعد ذلك العقل الوثني ويريه قصور مداه وضعف وسائله.

ويؤسس إبراهيم – وهو محاور متمرس مزود بمنطق طوعت له الحجج البالغة والأدلة الدامغة، معالم منهج ذي شعبتين:

-       شعبة تظهر الفروق الشاسعة بين رب الأرباب جل جلاله، وبين أرباب من خشب أو طين صنعها رجال أو ورثوها عن آبائهم.

-       وشعبة تظهر الفرق بين واقع من يعبد الله ومن يعبد غير الله، وإذا استمعت إلى لسان القرآن وهو يحدثك عن ذلك الحوار القوي الراسخ، وجدت الحجج الشركية تتهاوى أمام نور الله، استمع للقرآن وهو يحدث عن إبراهيم فيقول {اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إبراهيم (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)}(الشعراء: 69-89).وإبراهيم في حواره مع قومه بعموم، أو مع ملكهم الطاغية خصوصًا، يدفع الخصم إلى هزيمة ماحقة، سلاحها كلمة طيبة وحجة دامغة {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}.

الشباب صمود: وكما تظهر الآيات الكريمة السابقة إيمان إبراهيم الذي لا يتزعزع بالإيجابية في الحياة التي تقوم على ركن راسخ من توحيد الله تعالى، ودوحة كبيرة من التوكل عليه والتسليم له، وظلال وارفة من المسؤولية تجاه المجتمع، الذي ينبغي أن يكون صلاحًا كله، يلحق به المقصر ويؤوب إليه الغالي والشارد، وفوق ذلك همة عالية تسعى إلى خلود الذكر الإيماني أبد الآبدين، ليضج في أعماق كل فتى {اجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ومتى جعل الشاب المسلم من هذه الأركان الأربعة معالم حياة وسير إلى الله، أمن الزلل والعثار، وكان ركنًا أساسيًا من نهضة الأمة {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}.

ويمكن الجزم أن هذه الأركان الأربعة هي صمام الأمن من فتنة الارتكاس عن قناعة التوحيد، أو الارتداد عن سواء السبيل، ويظهر القرآن الكريم، تعامل الفتى إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع قومه الذين أعمى الشرك أبصارهم، فلا يرون خضراء الإيمان الوارفة، وأصم أسماعهم أن تسمع تراتيل الحنيفية السمحاء، فلا يجد غير الإرهاب والتسلط، وتلك وسيلة المغلوب فكريًا والفقير ثقافيًا والمهزوز في قناعاته، أما الحوار ذو الأساليب المختلفة، والعزم القوي فهو سلاح المؤمن القوي، يمنحه طهارة في اللفظ ونصاعة في الفكرة وعزمًا على المواصلة ورصيدًا للاستمرار.

ولا يجد الفكر الوثني وقد مرغ الحق الإبراهيمي أنفه في الرغام إلا أن يجمع حطبه، ويوقد لهبه، وفي كل أمة "حمالة حطب وأبولهب"، لكن الإيمان والثقة بالله تحيل اللهيب المشتعل بردًا وسلامًا على إبراهيم.

الفتى البار: لا تنتهي معالم الشخصية الشبابية التي يرسمها القرآن من خلال سيرة إبراهيم عند مقارعة الطغيان فحسب، بل تتجه أكثر من ذلك إلى بناء وجدان إيماني يسعى فيه الابن البار الحنون إلى إنقاذ والده الآثم من نار جهنم، وبحوار أخاذ قوي يأسى الفتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم على مسار والده، وتجد بين حوار إبراهيم مع أبيه وحواره مع دهاقنة الكفر، أساسًا متميزًا يفرق بين أساليب الحوار تبعًا لمراتب المخاطبين، قال جل من قائل {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إبراهيم لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) (سورة مريم).

ولا تنتج الحسنة غير الحسنة، ولا العمل الصالح غير عمل صالح، فتنطوي سنوات عديدة، فإذا بإبراهيم بعد نجاته من الحرق واعتزاله مجتمع الضالين، يجد العوض عن ذلك الأب الغاوي، في ابن يجمع بين سجية البرور والطاعة الحنونة، وإيجابية النبي الرسول {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }(الصافات: 102).

التزام يقود إلى رضا الله: والقرآن إذ يورد سيرة الشاب إسماعيل عليه الصلاة والسلام لا يكتفي له بهذه الخصلة الشريفة فحسب، بل يضم إليها خلالًا جزيلة تدعو الشباب إلى الاقتداء والتمثل أبرزها الصدق والأمانة والوفاء بالوعد {واذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) (سورة مريم).

ولا يتوقف "فتيان القرآن" عند هذه الأسرة الإبراهيمية الكريمة، حيث سنجد آيات كريمة أخرى، تتحدث عن الشباب الذين احتموا من ضلال مجتمعهم وأنظمته السياسية والثقافية والدينية بكهف في جبل.. ليجعل الله من تلك المعاني التي خرجوا من أجلها، كهفًا لكل فار من لفحات الضلال إلى نفحات الهدى {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} (سورة الكهف)

وتؤسس هذه الآيات لمبادرة الفتية/ الشباب، دائمًا لنصرة دين الله تعالى والانسجام مع أوامره، حيث يجدون في ظلاله أنفسهم وفطرهم السليمة التي يسعى جيل الضلال وحراسه إلى صرفها عن مناهلها السليمة إلى عطش الروح وجوع الفكرة، حيث سنقرأ عن رسول الله موسى عليه الصلاة والسلام {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (يونس: 83).

والذرية في الغالب هم حدثاء الأسنان من الفتيان والشباب  ولا يوصف المسنون بأنهم ذرية.

   وتتوالى نفحات القصص القرآني عن الشباب لنقف مع شاب آخر يمثل قمة الكفاءة والإيجابية المتوقعة في الشباب، إنه الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، حيث يجمع هذا النبي الشاب بين كل الخصال التي ينهض شبابها بالأمة.

ومن أبرز تلك الخصال

1-     نضارة في عفاف: فقد شغف هذا الفتى الذي حيز له نصف الجمال فؤاد امرأة العزيز وصواحبها، فراودته عن نفسه، فاستعصم بحبل الله المتين ليواجه غضبها الجارف بصبره الإيماني العظيم.

2-     أمل على أجنحة الصبر: وفي السجن تخور همم الذين لا يحملون نور الله بين أيديهم، لكن الفتى النبي يوسف عليه الصلاة والسلام يحول السجن إلى منبر من منابر الدعوة، لترفعه المحنة إلى المنحة، والبلاء إلى الاجتباء.

3-     مسؤولية وإبداع: حمل الرجل المؤمن يوسف على عاتقه مسؤولية إنقاذ مصر من الجفاف والحيف الاجتماعي ولم تكن خطته السبعية التي استمد تأويلها من رؤيا العزيز إلا إبداعًا في التسيير وإدارة الشأن العام  {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57) (سورة يوسف). ويظل هذا النداء يضج في أعماق كل شاب مسلم يدعوه إلى المسؤولية وأن لا يحقر نفسه وأن يتقدم أكثر من أجل حماية الأمة والنهوض بها ثقافة واقتصادًا وتربية وسلوكًا وسياسة.

4-     شفقة لا انتقام: ويقدم القرآن ركنًا رابعًا في بناء شخصية الشاب المسلم، وهو التعامل الأخوي وغرس زهور المحبة بدل أشواك التضاد والإحسان إلى من أساء، حينها سينطق كل ظالم أو معتد بلسان إخوة يوسف {قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)(سورة يوسف).

وإذا كان القرآن الكريم قد استعرض نماذج كثيرة من حياة الشباب المؤمن، فإن صورة أخرى من تلك الحياة تستحق التوقف، ويتعلق الأمر بابنتي شعيب، حيث يقدم القرآن من خلالهما إطارًا متميزًا لمشاركة المرأة في الحياة النشطة ولإسدائها النصح سعيًا إلى خدمة الرسالة السامية، قال جل من قائل {ولَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ(22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)(سورة القصص).

ولعل في هذه الجولة في حدائق القرآن الكريم ثمرات دانية وقطوفًا جنية تضيء لنا جوانب مهمة من معالم بناء شخصية الشاب المسلم وتكوينه الديني والثقافي وبناء المسؤولية والإيجابية في حياته التي ينبغي أن تكون نورًا من أنوار الله.

--------- 

 

فتيان القرآن.. معالم الفتوة في ظلال القرآن

السراج TV