سلسلة قيم وأخلاق إسلامية(2)/الشيخاني ولد عبد القادر |
الأحد, 04 أغسطس 2013 06:37 |
حفظ اللسان
لغة: الحفظ لغة مصدر قولهم حفظ يحفظ وهو مأخوذ من مادّة (ح ف ظ) الّتي تدلّ على مراعاة الشّيء، يقال حفظت الشّيء حفظا، وقال الجوهريّ: حفظت الشّيء حفظا أي حرسته، والمحافظة: المراقبة، والتّحفّظ: التّيقّظ وقلّة الغفلة. واللّسان في اللّغة هو جارحة الكلام، وقد يكنى به عن الكلمة، واللّسن بالتّحريك الفصاحة، وقد لسن بالكسر فهو لسن وألسن، والملسون: الكذّاب، واللّسان: اللّغة، ومن ذلك قولهم: فلان يتكلّم بلسان قومه، أي بلغتهم.
اصطلاحا: حفظ اللسان أن يصون المرء لسانه عن الكذب، والغيبة والنّميمة، وقول الزّور، وغير ذلك ممّا نهى عنه الشّارع الحكيم. أمسك عليك لسانك عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه قال: قلت: يا رسول اللّه ما النّجاة؟. قال: «أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك». رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وعن أمّ حبيبة رضي اللّه عنها زوجِ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «كلّ كلام ابن آدم عليه لا له إلّا أمرٌ بمعروف، أو نهيٌ عن منكر، أو ذكرُ اللّه». (رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، ورواه ابن ماجة، وقال محقق جامع الأصول: حديث حسن).
لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه، فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر اللّه قسوة للقلب، وإنّ أبعد النّاس من اللّه القلب القاسي». (رواه الترمذي والبيهقي وسنده حسن). وعن عبد اللّه رضي اللّه عنه أنّه ارتقى الصّفا فأخذ بلسانه، فقال: يا لسانُ، قل خيرا تغنم، واسكت عن شرّ تسلم، من قبل أن تندم، ثمّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «أكثرُ خطأِ ابن آدم في لسانه». (رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح، ورواه البيهقي بإسناد حسن).
واخْزِنْ لِسَانَك كما تَخزِنُ وَرِقَك يقول عبد اللّه بنُ عمرو رضي اللّه عنهما: «دع ما لست منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخْزِنْ لسانَك كما تَخْزِنُ وَرِقَك». وعن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: «لا يتّقي اللّه عزّ وجلّ رجل أو أحد حقّ تقاته حتّى يَخْزِنَ مِن لِسانِه».
كانوا يكرهون فضول الكلام عن يعلى بن عبيد رحمه اللّه قال: «دخلنا على محمّد بن سُوقَةَ فقال: «أحدّثكم بحديث لعلّه ينفعكم فإنّه قد نفعني. قال لنا عطاء بنُ أبي رباح: يا بَنِي أخي، إنّ من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدّون فضول الكلام ما عدا كتابَ اللّه أن تقرأه، أو تأمرَ بمعروف، أو تنهى عن منكر، أو تنطقَ بحاجتك في معيشتك الّتي لا بدّ لك منها، أتنكرون: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ، وعَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ، ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. أما يستحي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته الّتي أملى صدر نهاره، كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه».
آيات في حفظ اللسان 1- (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (الإسراء: 36). ) -2... وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِمَرُوا كِرَامًا) (الفرقان: 72). 3- (يَا أَيَّهَا الذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُون) (الصف: 2-3). -4(وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيِّتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات: 12). 5- (إِذْ يَتَلَقَى الْمُتَلَقِيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (ق: 17- 18). 6- (... وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ)(الانفطار: 10- 11).
أحاديث في حفظ اللسان 1- عن معاذ رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه، أوصني. قال: «اعبد اللّه كأنّك تراه، واعدد نفسك في الموتى، وإن شئت أنبأتك بما هو أملك بك من هذا كلّه». قال: «هذا»، وأشار بيده إلى لسانه).(الترغيب والترهيب للمنذري، وقال رواه ابن أبي الدنيا بإسناد جيد). 2- عن عبد اللّه بن أبي أوفى رضي اللّه عنهما قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكثر الذّكر، ويقلّ اللّغو، ويطيل الصّلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة).(رواه النسائي، وصححه الألباني). 3- عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنّة». (رواه البخاري). 4- عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من صمت نجا».(رواه الترمذي، والطبراني، وقال الحافظ بن حجر: رواته ثقات). 5- عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه») (رواه البخاري ومسلم). 6- عن أبي أمامة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنّة لمن ترك المراء وإن كان محقّا، وببيت في وسط الجنّة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنّة لمن حسن خلقه».(رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن). 7- عن أبي موسى رضي اللّه عنه قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أيّ المسلمين أفضل؟. قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده») (رواه البخاري ومسلم). 8- عن سفيان بن عبد اللّه الثّقفيّ رضي اللّه عنه قال: قلت: يا رسول اللّه! حدّثني بأمر أعتصم به. قال: قل: «ربّي اللّه ثمّ استقم». قلت: يا رسول اللّه! ما أكثر ما تخاف عليّ؟. فأخذ بلسان نفسه ثمّ قال: «هذا».(رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة، وصححه الألباني). آثار وأقوال في حفظ اللسان 1- قيل لعيسى عليه السّلام: دلّنا على عمل ندخل به الجنّة. قال: «لا تنطقوا أبدا»، قالوا: لا نستطيع ذلك، فقال: «فلا تنطقوا إلّا بخير». 2- قال سليمان بن داود عليهما السّلام: «إن كان الكلام من فضّة فالسّكوت من ذهب». 3- كان أبو بكر الصّدّيق رضي اللّه عنه يضع حصاة في فيه، يمنع بها نفسه عن الكلام، وكان يشير إلى لسانه ويقول: «هذا الّذي أوردني الموارد». 4- قال عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه: «من كثر كلامه كثر سقطه». 5- قال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه: «اللّسان قوام البدن، فإذا استقام اللّسان استقامت الجوارح، وإذا اضطرب اللّسان لم تقم له جارحة». 6- عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: «أنذرتكم فضول الكلام، بحسب أحدكم ما بلغ حاجته». 7- قال طاوس رحمه اللّه: «لساني سبع إن أرسلته أكلني». 8- قال محمّد بن واسع لمالك بن دينار: «يا أبا يحيى حفظ اللّسان أشدّ على النّاس من حفظ الدّينار والدّرهم». 9- قال الحسن رحمه اللّه: «ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه». 10- قال عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه:«من أكثر ذكر الموت رضي من الدّنيا باليسير، ومن عدّ كلامه من عمله، قلّ كلامه فيما لا ينفعه». 11- عن إبراهيم بن عبد العزيز التّيميّ قال: «المؤمن إذا أراد أن يتكلّم نظر، فإن كان كلامه له تكلّم، وإن كان عليه أمسك عنه، والفاجر إنّما لسانه رَسْلًا رَسْلًا». أشعار - احفظ لسانك أيّها الإنسان لا يلدغنّك إنّه ثعبان كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشّجعان - عوّد لسانك قلّة اللّفظ واحفظ كلامك أيّما حفظ - من لزم الصّمت اكتسى هيبة تخفي على النّاس مساويه لسان من يعقل في قلبه وقلب من يجهل في فيه
من فوائد حفظ اللسان: 1- دليل كمال الإيمان، وحسن الإسلام. 2- السّلامة من العطب في المال، والنّفس، والعرض. 3-دليل حسن الخلق، وطهارة النّفس. 4-يثمر محبّة اللّه، ثمّ محبّة النّاس. 5-يهيّأ المجتمع الصّالح، والنّشء الصّالح. 6-الفوز بالجنّة، والنّجاة من النّار.
|