برنامج للعشر الأواخر
الخميس, 24 يوليو 2014 13:51

(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍبرنامج للعشر الأواخر

الحمدلله الذي خلق فهدى والصلاة والسلام على النبي المجتبى محمدٌ الهادي الكريم المصطفى وعلى آله وصحبه ومَن تبعه مِن أهل التقى

أما بعد ،،

فإن من فضل الله على عباده أن سخر لهم مواسمَ تتضاعف فيها الحسنات وتتعاظم فيها أجور الصالحات ، مواسم ظاهر أوقاتها كغيرها من الأيام .. لكنها تحمل كنـوز خيرٍ عظيمٍ للأنام من اغتنمها فهنيئًا له .. ومن ضيعها فيا خيبته

وإن من أجل وأعظم تلك المواسم خيرُ الشهور [ شهر رمضان ] المُبارك بما يسوقه من خيرات ومحامد ومكرمات تفتح فيه أبواب الجنان .. وتغلق فيه أبواب النيران .. وتصفد فيه جنود الشيطان فرصة عظيمة وأي فرصة .. ومنحة كبيرة وأي منحة فـ يا لكبر حظِّ من بلغه فأدى حقه وعبد فيه ربه حق عبادته

برنامج للعشر الأواخر

والخير لا يحمل في طياتٍه إلا خيرًا .. ولا يسوق معه إلا نعمًا وفضلاً فـ شهر الخير جُعِل فيه أزكى الخير وأخلصه وأفضله جلَبَ معه ليالٍ هي من أعظم ليالِ السنة .. وأوقاتٍ هي أجلُّ وأرقى أوقات العمر

إنه خيرٌ سيق إلينا في [ العشر الأواخر ] من هذا الشهر

فإذا كان الشهر بأكمله من أعظم الشهور .. فمابالنا بأيامٍ وليالٍ اختصت فيه بأعظم الأجور

حقًا إن تلك العشر هي فرصة العمر  ألا نُكرمها ونؤدي حقها ؟! ألا نشكر الله على تسخيرها ؟!

ألا نعبده ونتقرب إليه فيها ؟

ليتنا نؤدي حقها بحق .. ونشكر الله على بلوغها بحق .. ونعبده فيها بـ حق

برنامج للعشر الأواخر

مِن أوجب ما على المؤمن في هذه العشر أن ينصرف عن ملذات الدنيا وشهواتها  فلا يستجيب لنداء الهوى والشيطان ولا ينشغل بما أعده لنا أعداء الإسلام من غزوٍ يؤدي بحسناتنا ويهلك أجورنا ويضاعف سيئاتنا فـ لنُطلِّق شر الفضائيات وما تحمله من شهوات و لننطلق إلى طاعة ربِّ الأرض والسموات

برنامج للعشر الأواخر

وقبل أن نشرع في تذكر الأعمال الصالحة ووظائف العشر الأواخر

وقبل أن ننوي ونعزم على طاعة الله فيها وتجنب معاصيه قبل كلِّ ذلك علينا أن :

نستعين بالله ونطلب [ المعونة ] من [ الله ] نستعين بهِ [ وحده ] على الصيام والقيام وحسن العبادة في هذه الأوقات

فوالله ما فاز من اتكل على نفسه ولم يستعين بربه وما خاب من توكل على ربه وطلب العون منه وحده ثم لـ [ ندعو الله ] ونلح عليه أن يوفقنا لخير العبادات في هذه العشر الفاضلات

برنامج للعشر الأواخر

عن عائشة رضي الله عنها : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهدُ في غيره )) رواه مسلم

فلنقوي العزيمة ونشحذ الهمة لـ نجتهد في أنواع الطاعات كما كان يجتهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولننطلق بنفس تواقة إلى رحمة ربها وغفرانه .. راجية العتق من نيرانه .. والفوز بجنانه

وهيا نتدارس أهم القربات في آخر العشرات من شهر الخيرات :

[1]: الاعتكاف 

من هَـدي النبي صلى الله عليه و سلم الاعتكاف في رمضان

لحديث :

(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله  ثم اعتكف أزواجه من بعده )) رواه البخاري ومسلم

و الاعتكاف هو : لزوم المسجد و المُكث فيه بنية التقرب إلى الله عز وجل وهو سنة في أي زمان لكنه سنة مؤكدة في رمضان وينبغي لمن أراد الاعتكاف أن يحقق ركنين أساسيين حتى يتم اعتكافه

وهما :

النية و المكوث في المسجد

ويبطل الاعتكاف بـ :

1- الخروج من المسجد .

2- وطء الزوجة .

3- الحيض و النفاس .

وحتى نكون على بيِّنة في عبادتنا يلزمنا الرجوع لهدي قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم

وإليكم إياه _ منتقى من زاد المعاد للإمام ابن قيم _ :

’1- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل

و تركه مرة فقضاه في شوال .

2- و اعتكف مرة في العشر الأول، ثم الأوسط ، ثم العشر الأواخر

و يلتمس ليلة القدر، ثم تبين له أنها في العشر الأواخر ، فداوم على الاعتكاف

3- ولم يفعله إلا مع الصوم .

4- و كان يأمر بخباءٍ فيُضرب له في المسجد يخلو فيه .

5- و كان إذا أراد الاعتكاف صلى الفجر ثم دخله .

6- و كان إذا اعتكف طُرح فراشه و سريره في معتكفه ، و كان يدخل قبته وَحده .

7- و كان لا يدخل بيته إلا لحاجة الإنسان .

8- و كان يُخرج رأسه إلى بيت عائشة فتُرجله و هي حائض .

9- وكان بعض أزواجه يزورونه و هو معتكف .

10- و لم يكن يباشر امرأة من نسائه و هو معتكف لا بقبلة و لا غيرها .

11- و كان يعتكف كل سنة عشر أيام ، فلما كان العام الذي قُبضَ فيه اعتكف عشرين يوماً.

وعلى المعتكِف أن ينشغل بالطاعات كـ بالصلاة والذكر والاستغفار والدعاء

ويعود إلى الله بمحاسبة النفس والنظر في تقصيرها في حق الله وتذكر الموت وما قدم له وللدار الآخرة

وعليه أن ’ يبتعد عن أعمال الدنيا فلا يبيع و لا يشتري ولا يخرج من المسجد ولا يتبع جنازة ولا يعود مريضًا ‘* وليحذر أن يكون هدفه من الاعتكاف هو الانشغال بالحديث مع الغير في المسجد و نسيان طاعة الله ؛ لأن ذلك يخدش اعتكافه كما قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله :

[ و أما ما يفعله بعض الناس من كونهم يعتكفون ثم يأتي إليهم الزوار أثناء الليل و أطراف النهار و قد يتخلل ذلك أحاديث محرمة فذلك مُنافٍ لمقصود الاعتكاف ] ، و لكن إذا زاره من أهله و تحدث عنده فذلك لا بأس به

فقد ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه زارته صفية و هو معتكف فتحدثت عنده ( البخاري )

المهم أن يجعل الإنسان اعتكافه تقرباً إلى الله ‘

وقد يظن البعض أن الاعتكاف خاص بالرجل

لكن الصحيح أنه جائز للمرأة بشرط :[ الأمن من الفتنة ]

وتجدر الإشارة إلى أن :

مصليات البيوت و مصليات النساء في مدارس البنات و غيرها لا يصح الاعتكاف فيها

لأنها ليست مساجد حقيقة و لا حكمًا

الاعتكاف عبادة لها لذة خاصة

حقًا ما أعظمها من قربة تقطعك عن حطام الدنيا إلى جنة الطاعة والعبادة

فـ إن يسر الله لكِ الاعتكاف فاستعيني به على الصالحات وانشغلي بالطاعات و لا تلتفتي إلى الملهيات

فهي ساعات و يرحل شهر الصيام فـ علينا ألا نضيعها بـ لهو وغفلة وأن نحرص عليها فهي فرصة لأعمارنا

 

[2]: إحياء الليل 

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

(( إذا دخل العشر شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله )) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها

وإحياء الليل يكون بـ الذكر و قراءة القرآن و الصلاة وسائر القربات والطاعات وكذلك بـ إيقاظ الأهل وتذكيرهم بطاعة الله وعبادته فـ لا يميـتَنَّ أحدكم ليلته بـ سهر على المحرمات أو غفلة عن الطاعات أو نومٍ وعمقِ سُبات

[3]: الاجتهاد في تحري ليلة القدر 

قال الله تعالى :{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر:3]

إنها ليلة تعادل أكثر من ثلاث وثمانين سنة ! بحق هي ليلة طوبى لمن أدركها وأحسن ضيافتها بأنواع الطاعات فيها يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن رمضان :

(( وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله ، ولا يُحرم خيرها إلا محروم )) حديث صحيح رواه النسائي وابن ماجه.

ومَن مِنَّا يرضى بـ الحرمان والخيبة والخسران ؟! إنها لَمِن أجلِّ النعم التي ساقها الله إلينا

فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر ما تقدم من ذنبه )) متفق عليه

هي ليلة مخفيٌّ عنا تحديدها بعينها لكنها كما قيل في العشر الأواخر من شهر رمضان وآكدها في ليالي الوتر

قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )) رواه البخاري

وهي في السبع الأواخر أقرب , لقوله صلى الله عليه وسلم : (( التمسوها في العشر الأواخر , فإن ضعف أحدكم أوعجز فلا يغلبن على السبع البواقي )) رواه مسلم

فلنجتهد في تحريها وعبادة الله فيها بإحيائها بالقيام والذكر وقراءة القرآن والدعاء لئلا نكون من المحرومين الخائبين

هذا موجز من الأعمال الصالحة الفاضلة في العشر الأواخر فلا يضيعنَّ أحدكم فرصة عمره ولا يلتهين فيها عن طاعة ربه . ولـ نحرص أن يكون لنا من كل بستان من تلك القربات زهرة ولنجتهد قدر ما نستطيـع ونبذل كل ما نتمكن من طاقتنا فإنما هي أيام من دقائق وساعات تمض ي وتمضي معها أعمارنا

نسأل الله أن [ يعيننا ] على استغلالها كما يحب ويرضى وأن يتقبل منا ويعفو عنا

هذا و الله أعلم و ما كان من توفيق فمن الله و ما كان من خطأ أو نسيان فمنا و من الشيطان

والصلاة والسلام على سيد المرسلين إمامنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

والحمدُ لله رب العالمين
 

برنامج للعشر الأواخر

السراج TV