الإمام أحمدُ ولد لمرابط: "من لم يحكم بما أنزل الله لم يحقق العبودية لله"
الجمعة, 28 يونيو 2013 16:13

altتحدث الشيخ أحمد ولد لمرابط إمام الجامع الكبير في خطبته اليوم، عن وجوب العمل بكتاب الله، والتحاكم إليه، والرجوع إلى شرعه، مبينا حرمة الخروج عن شرع الله، والحكم بغير ما أنزل، وتنافي ذلك مع الإيمان، مشيرا إلى أن الله كما حرم الشرك به، فقال: "فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا"، فقد حرم طاعة المشرعين دونه في قوله: "وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون".

وقد بدأ الشيخ خطبته بالحديث عن التقوى، وحصر خطبته في موضوعها مبينا ارتباطها بمعرفة ما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، جاعلا سورة العصر محورا للتقوى وأساسياتها، مقسما خطبته حول هذه السورة، مذكرا بما قاله الإمام الشافعي عنها من كونها "لو لم ينزل الله على خلقه إلا هذه السورة لكانت كافية"، وذلك -يقول الشيخ- لأن فيها جميع المنهيات وجميع المأمورات.

ثم شرع الشيخ في بيان معاني السورة مبينا اختلاف العلماء في معاني العصر أهو الوقت المعهود لصلاة العصر.. أم مطلق الوقت، مشيرا إلى أن من حكم الله تعالى في الإقسام بالزمن التنبيه إلى كونه وقت الابتلاء والتكليف، فالإنسان مكلف في فترة زمنية، مذكرا أن الإنسان لا يستطيع التقديم في الزمن ولا التأخير فيه، مستشهدا على هذا بتحدي إبراهيم للذي حاجه في ربه، فرد إبراهيم بقول الله "إن الله يأتي بالشمس من المشرق فائت بها من المغرب"؛ "فبهت الذي كفر"، فدل ذلك على عجز الناس عن تقديم الزمن أو تأخيره.

ثم بين المقسم عليه في السورة، وهو خسارة الإنسان "كل الإنسان من بني آدم" –يقول الشيخ- "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"، مبينا قلة هذا الصنف من الناس، مستدلا لذلك بقول الله : "وقليل من عبادي الشكور"، وقوله: "وما أكثر الناس ولو حرصت بؤمنين"، مشيرا إلى قسم إبليس "..لأضلنهم، ولأمنيهم، ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام، ولآمرنهم فليبينن خلق الله"، وتصديق الله له في قوله: "ولقد صدق عليهم إبليس ظنه".

وبين الشيخ أن تلك القلة المذكورة في القرآن مبينة في السنة بحديث: "يا آدم أخرج بعث النار، فقال: يا رب من كم؟، فقال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين"، فالناجون من الناس نسبة لا تتجاوز الواحد في الألف.

ثم شرع الشيخ في بيان الإيمان، ومعناه وأركانه الستة، جاعلا حديث جبريل المشهور سندا لذلك "....أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"، مفصلا كل ركن على حدة، جاعلا الاحتكام إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، دليلا على الإيمان بالله، مبينا أن "من لم يحكم بما أنزل الله لم يحقق العبودية لله" مشيرا إلى آيات الحاكمية، المعروفة، محضضا على ضرورة التحاكم في العبادات والمعاملات إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، مذكرا بأن من أشرك في العبادة كمن أشرك في الحكم، مستدلا بقول الله: "وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم، وإن أطعتموهم إنكم لمشركون".

ثم عقب على هذا بالتنبيه على ما حصل في "هذا الأمر" من إفراط وتفريط، مذكرا أن تعاطي الكفر لا يكون به المتعاطي مشركا، ولا يجوز الحكم بتكفيره، وإن لم يحكم بما أنزل الله أو تعامل بما هو شرك، أو كفر.. مذكرا أن متعاطي الكفر قد يكون ذا موانع تمنع من تكفيره، أو شروط لم تتوفر من أجل التكفير.

فلا بد يقول الشيخ من أن نسلك مسلك الوسط، حتى لا يكفر بعضنا بعضا.

ثم ذكر الإيمان بالملائكة، وأنهم مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وأنهم "يعلمون ما تفعلون".

"ويجعل الله لهم علامة

على الضمير نسأل السلامة"

ثم ذكر الإيمان بالكتاب، وضرورة التحاكم إليه، والعمل بما فيه، وأن ذلك هو المنجاة الوحيدة من أن يكون حجة علينا لا لنا.

ثم ذكر الإيمان بالرسل، وخاتهم محمد، وأن الإيمان به يقتضي اتباعه، وفقا لقول الله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".

ثم ذكر الإيمان باليوم الآخر، وهو من الموت فما بعده، وأن حقيقة الإيمان بذلك لا تكون إلا بالعمل لما بعد الموت، "إذ الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالجوارح"، ولا بد أن يكون موافقا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر الإيمان بالقدر جاعلا مستنده في ذلك قول الله تعالى: "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها" وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أول ما خلق الله القلم، فقال: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: ما هو كائن إلى يوم القيامة".

ثم ذكر"وعملوا الصالحات"  مفسراالأعمال الصالحة،  بأنها الأفعال الطيبة، مشيرا إلى أن المؤتَمِر بما قاله الله، المنتهي عما نهى الله عنه هو المتحقق بقول الله "وعملوا الصالحات".

ثم شرع في بقية الصفاة لمن "استثناهم الله من أوصاف المحكوم عليهم بالخسران والهلاك"، فبين أن التواصي بالحق هو التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، وأنه هو المبين في قوله تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، أولئك سيرحمهم الله"، مؤكدا على كلمة "أولياء بعض"، وأن معناها التناصح والتآخي، والحب في الله، والترك لما يخالف ذلك من تباغض، وتخاذل، وترك للنصيحة، وتعاون على الإثم والعدوان، داعيا إلى امتثال قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"، وقوله في الحديث الآخر: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهروالحمى"، وحذر من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مذكرا بما وقع لبني إسرائيل، حين "كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه"، فلعنوا لذلك.

ثم بين معنى التواصي على الصبر، مشيرا إلى أن النفس البشرية من طبيعتها اتباع الهوى، والجموح إلى الشر، مبينا الآيات في هذا المعنى، وتحذير الله لداود من أن يتبع الهوى "ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله"، شارحا الصبر بالصبر على الطاعة، وعن المعصية، وعلى البلاء والأذى، مشيرا إلى أن المؤمن حيث هو يصيبه الأذى رئيسا كان أو مرؤوسا، وزيرا أو غير ذلك.. مشيرا إلى حديث: "واعلم أن النصر مع الصبر".

خاتما بالحض على التحلي بهذه الصفات، وأنها أسباب الصلاح، وأضدادها أسباب الخسران، ثم ختم بالدعاء للمسلمين بصلاحهم، وإصلاح ولاتهم، وإبرام أمر الرشد لهم.. وتجنيب البلد الفتن، -داعيا على من أراد البلد بسوء، بشغله بنفسه، وجعل دائرة السوء عليه- كما دعا برفع البلاء عن المبتلين، في الشام، وفلسطين، وسائر بلاد الإسلام.

الإمام أحمدُ ولد لمرابط:

السراج TV