رحيل المُقتَدى بفِعالِهِم/باب ولد دي |
الاثنين, 31 مارس 2014 14:56 |
((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)) صدق الله العظيم. عن ابن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أحبُّ الناسِ إلى الله أنفعُهم للناس وأحبُّ الأعمالِ إلى الله سُرُورٌ تُدْخِلُه على مسلم أو تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً أو تَقْضِى عنه دَيْناً أو تَطْرُدُ عنه جُوعاً ولأَنْ أمشىَ مع أخي المسلمِ في حاجةٍ أحبُّ إِلَىَّ من أن أعتكفَ في هذا المسجدِ شهرًا ومن كفَّ غضبَه سترَ اللهُ عورتَه ومن كَظَمَ غَيْظَه ولو شاء أن يُمْضِيَه أَمْضاه ملأ اللهُ قلبَه رِضًا يومَ القيامةِ ومن مشى مع أخيه المسلمِ في حاجةٍ حتى تتهيأَ له أثبتَ اللهُ قدمَه يومَ تَزِلُّ الأقدامُ وإنَّ سُوءَ الخُلُق لَيُفْسِد العملَ كما يُفْسِدُ الخلُّ العسلَ.)) هذا الحديث الشريف جمع أهم ملامح شخصية الإمام زياد بن المختار بن زياد رحمه الله فقد كرس الامام زياد حياته لقضاء حوائج الناس وخدمة الصالح العام وتعليم الناس الخير ولا غرو فهو خريج مدرسة نموذجية في الأخلاق والتربية خرجت قبله رجالا ونساء لهم طابعهم الخاص. كان الإمام زياد رحمه الله صاحب شخصية نادرة جمعت مزايا من الصعب جمعها، فقد كان خطيبا مفوها وشاعرا مفلقاً وصاحب حجة قوية ومستمعا جيدا و متحدثا في صمت. و كان رحمه الله عصامياً ولم يكن عِظاميًّا وصل الي مراتب عالية بجده واجتهاده ولم يعتمد في ذلك على غيره من عشيرة أو قبيلة أو إرث. و كان رحمه الله لينا في قوة صارما حكيما حليما و صبورا علي الأذى الذي يتعرض له كل داعية للخير وكل مشتغل بالشأن العام وكان متمثلا وصية لقمان لابنه (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ). صدق الله العظيم و كان رحمه الله رجلا قياديا قوي العزيمة ثابتا في المواقف الصعبة يملك قدرة فائقة علي تحمل الأعباء والمشاق متفانيا في قضاء حوائج العباد واسع الصدر كريم الخلق صادقا مع نفسه والآخرين لا يماري و لا يواري.
ختم الإمام زياد حياته كما بدئها فقد بدئها متعلما للقرآن وختمها معلما له، ولم يمنعه مرضه من تحفيظ القرآن لطلبته بل كانت سنوات مرضه سنوات مباركة تفرغ فيها لنشر كتاب الله مواصلا نهج جده القارئي الشيخ لمرابط محمذن فال ولد بفرة. ستظل بصمات الإمام زياد في تـنـمية مقاطعة روصو بادية للعيان وسيظل أسمه يذكر في تلك المنطقة مع الكثير من الاحترام والتقدير والعرفان بالجميل، وسيفتقده مسجد " سيتي بلاج" الذي قام بإنشائه و سيبكيه محرابه وتأن أحجاره من ألم الفراق ... فإنا لله وإنا إليه راجعون. * غشاك سواد الليل أم أنت حائر *** أحملت أوجاعا بها القلب ساهر أمن ذكر من تهواه أمن صبابة *** أم أن الدهر يوري ما أنت صابر ترك الإمام زياد ثروة كبيرة من الأخلاق والنبل ونشر العلم ومساعدة الـغـير والقيم الإنسانية العالية و الأهم ( لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ) وهذه التركة لله الحمد في أيد أمينة فــ بأبه اقتدى عدي في الكرم *** ومن يشابه أبه فما ظلم. أعزي نفسي أولا فالإمام زياد كان والدا لجميع المسلمين، وأعزي أسرة أهل زياد الكريمة و أوصيهم ونفسي بالصبر وأن نتذكر قوله تعالي : (( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)) نور الله للفقيد قبره ووسع له فيه وجعله مع النبئين والصديقين وألحقه بالصالحين وألهمنا وجميع أبنائه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون. -------- * الأبيات من مرثية العلامة أحمد الكريم ولد زياد لـمحمذن ولد مختار مولود رحمه الله. |