خواطر رمضانية (الحلقة 2)/أحمد باب ولد محمد عبدي
الجمعة, 12 يوليو 2013 22:26

altaltتحدث الجزء الأول من السورة - كما تقدم - عن الجماعات التي عاصرت نشأة الدولة المسلمة خصوصا عن اليهود وكيدهم ومكرهم ، لكن الجزء الثاني أخذ في بيان بعض النظم العملية والشعائر التعبدية ، فتحدث عن تحويل القبلة وعن القصاص والوصية والصوم والحج وفرض الجهاد وحكم القتال في الأشهر الحرم وفي المسجد الحرام وأحكام الخمر والميسر وأحكام الحيض والطلاق والرضاع والمتعة ... 

ولنسجل بعض الخواطر - سريعا - في هذا الجزء  1 - حين عرضت السورة لموقف اليهود من تحويل القبلة ومحاولتهم لتشويه صورة الإسلام ورسوله وصفتهم بالسفهاء ، وهو وصف لم توصف به طائفة أو فئة معينة إلا اليهود أو المنافقون , فقد ورد لفظ السفهاء في القرآن خمس مرات كلها في اليهود أو المنافقين إلا التي في سورة النساء فقد جاءت في معرض فقهي اجتماعي لتنظيم الأسرة ... وصف اليهود والمنافقين بالسفه لتذهب النفس كل مذهب في غيهم وبعدهم عن الحق وإنكارهم له  2 - خمس آيات من هذا الجزء تحدثت عن الصبر افتتحت بالأمر بالاستعانة به "يأيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر والصلاة..." وختمت بتجسيده في صورة حية تشي بتمام التسليم لله "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون " ما استوجب ذلك الجزاء الذي قال فيه عمر نعم العلاوة ونعم الرفدان ... وقد جاءت هذه الآيات في معرض إعداد الفئة المسلمة وتهيئتها للقيام بدورها في حمل الرسالة وما ستتعرض له من قتل في سبيل الله والابتلاء بالخوف والجوع والنقص في الأموال والأنفس والثمرات  3 - "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من ءامن بالله ... " أحب أن تقرع هذه الآية أسماع الذين يتصورون الإسلام شعائر ظاهرة مجردة لا يصحبها أثر وتهمس في آذانهم بما أوحت إلي به أن الإسلام عقيدة وعمل وسلوك يظهر أثره على حياة الفرد والمجتمع  4 - " فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ..." لله ما ألطف وما أندى هذه العبارة وما أكثر ما تحمله من عمق إيماني يذهب الغيظ ويبعد الحقد ويحض على الألفة والأخوة ...تأمل كيف وصفت الآية الموتور بأنه أخ لمن وتره .. وكيف طالبت الواتر أن يكافئ أخاه حين عفا عنه فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان  5 - كثيرا ما نجد بعض المتقابلات في الخير والشر وفي الجزاء نعيما وعذابا لكن إحدى هذه المتقابلات في سورة البقرة تأتي في صورة حسية أبدعت في الوصف والتصوير "ومن الناس من يعجبك قوله .... "  صورة الذي يخالف ظاهره باطنه ويدعي الإخلاص والتجرد والخشية لله لكن عندما يتكشف المستور من عمله إذا به " ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ..."  "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ..." الصورة المقابلة هي لمن باع نفسه كلها لله لم يستثن وقتا ولا دما ولا مالا ولا جهدا .... وغايته مرضاة الله  6 - عرضت السورة في آخر هذا الجزء قصتين اختزلت الأولى اختزالا وذكرت الثانية بكثير من التفصيل وفيهما تربية للجماعة المسلمة على الجهاد في سبيل الله وترك التعلق بالأسباب الظاهرة فيما يتعلق بالموت والحياة والنصر ..  القصة الأولى تعرضت باختصار بليغ لتلك الأمة التي خرجت من ديارها - رغم كثرتها - تخاف الموت وتحذره فأماتهم الله ولم يغن عنهم حذرهم من الموت شيئا ثم وجه الله الفئة المؤمنة إلى الجهاد والقتال في سبيل الله  وإذا لم يكن من الموت بد ..

فمن العار أن تموت جبانا  أما الثانية ففيها تفصيل ذكر مراحل من التمحيص مر بها المؤمنون حتى بقي الخلص منهم الواثقون بنصر الله فكتب الله لهم النصر  وفي إيجاز الأولى وتفصيل الثانية حكمة وفيها أيضا يظهر الإبداع والجمال في الأسلوب القرآني

 

 

يتواصل.......

خواطر رمضانية (الحلقة 2)/أحمد باب ولد محمد عبدي

السراج TV