خواطر رمضانية (الحلقة 4)/أحمد باب ولد محمد عبدي
الخميس, 18 يوليو 2013 13:17

altalt“يريد الله ليبن لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا "

آيات غاية في اللطف تحمل للمسلم من معاني الرحمة والرفق ما يحبب إليه التشريع الإلهي إذ هو له خير وبركة... تخاطبه بأن هذا هو ما يريده الله من تشريعه الأحكام ووضعه مناهج الرسالات:

1-      "يريد الله ليبين لكم" إنه لمن رحمة الله تعالى بنا أن بين لنا منهجه وكيف نعبده وكيف نؤدي ما علينا من الأمانة في ذلك، وبين لنا حِكما كثيرة من هذه العبادات ولم يتركنا مطموسي الأعين فنتبع الهوى فنضل عن سبيله.

2-      "ويهديكم سنن الذين من قبلكم" تشعر وأنت تقرأ هذه الآية أن هذا المنهج الرباني الذي ارتضاه الله لهذه الأمة هو منهجه الذي ارتضاه لعباده من قبل ومن بعد "ملة أبيكم إبراهيم هو سميكم المسلمين من قبل وفي هذا ..." فيزيدك ثباتا على الطريق شعورك بأنك تقتفي أثر المصطفين الأخيار من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

3-      "ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ..." يريد الله أن يأخذ بأيديكم إلى الطريق بعد أن تزل الأقدام ويطهر الأعراض بعد أن تدنسها المعصية ... وإرادة الله التوبة على عباده وتكرارها في هذا الموضع تحيلك إلى حديث  لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح...".

4-      "يريد الله أن يخفف عنكم " هو الذي خلقكم ويعلم ضعفكم الذي فطرتم عليه فلذلك يريد أن يخفف عنكم "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".

هذا ما يريده الله لكم بمنهجه وشريعته.

"ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما "

v      "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا".

من الذي يمر على هذه الآية ولا تذرف عيناه الدموع كما وقع للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يستمع لها من ابن مسعود ... إنها آيات ترسم ساعة الحشر والعرض على طريقة القرآن الكريم في تصوير مشاهد الآخرة ... تعرضه مشهدا حيا متحركا فتشاهد من خلال الآيات الأمم قد أحضرت والشهود من الأنبياء والمصلحين حضور وعلى كل أمة شهيد بأعمالها .. والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حاضر يؤدي شهادته على أمته وهو ما يحيلك إلى مستوى الفزع الذي يعم أهل الموقف فكل الناس في ذلك الوقت يخاف أن يؤخذ بجريرته ويحاسب على كل خطيئة كان عملتها يداه.

 

v      "الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا".

إنه القرآن تتجدد معانيه مع كل عصر وطور، لقد رأيت وتمثلت لي هذه الآية أمام صراع الحق والباطل الذي يدور الآن في كل أنحاء الأرض .. نعم أنا أرى بعين قد تخالف ما تراه عين أخرى هي من المسلمين أرى صراعا بين الحق المتمثل في منهج الله الذي تطالب به الشعوب المسلمة البريئة وبين الباطل الذي يقوم على إديولوجيا غير إسلامية وتقف وراءه الديكتاتوريات في العالمين الغربي والعربي .. أجل أتصوره كفاحا وجهادا وتدافعا بين الحق والباطل بين فريقين لا ثالث لهما "الذين ءامنوا يقتلون في سبيل الله" وما هو إلا منهجه وشريعته في أرضه .. يقاتلون بسيوفهم وبألسنتهم وبأقلامهم وبصمودهم في ساحات الاعتصامات في كل ذلك هم يقاتلون ولو لم يقتلوا ولم يريقوا دما.

"والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت"  وهو ما تمثله المناهج الأرضية والقيم غير الإسلامية.

v      "فاقتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا" إن الأرضية التي يقف عليها أعداء الله أولياء الشيطان والكيد الذي يكيدونه ضعيفان لا يقومان أمام الأرضية الصلبة والركن الشديد الذي يؤوي إليه أولياء الله... وما أحوج أنصار الدعوة وحاملي المنهج الرباني أن يفقهوا هذه الآية ويتدبروا معانيها.

v      "ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما"

من خلال هذه الآية أدركت سر الجهد الذي يبذله شباب الدعوة وحاملو لواء الحق دون كلال أو نصب في حين يبذل أقرانهم كل جهد في التنافس في لعاعة من الدنيا وبعضهم يبذله في محاربة الدين وتعاليمه.

إن هذه الآية جاءت في ختام آيات في الجهاد من سورة النساء .. جاءت تصغر للمؤمنين كل ألم وتهون عليهم كل مشقة لأن ما يصيبهم من ذلك يصيب عدوهم ولكنهم يرجون من الله ما لا يرجون.

v      "بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكفرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا" هذه الآيات وما بعدها تحدثت عن المنافقين ودورهم في الفتنة لكن اللافت في هذه الآيات ذلك التهكم الذي افتتحت به الآية الأولى وتلك البشارة بالعذاب الأليم أما الآيتان بعدها فكأنهما تنعتان بعض طوائف المنتسبين إلى الإسلام اليوم المسارعين إلى اليهود يبتغون عندهم العزة ويتحالفون معهم ضد المسلمين.

فهل أدرك هؤلاء المتآمرون على الإسلام وأهله "أن العزة لله جميعا".

خواطر رمضانية (الحلقة 4)/أحمد باب ولد محمد عبدي

السراج TV