آخر مشائخ الزيتونة../بقلم محمد الامين ولد محمد المصطفى |
الأربعاء, 31 يوليو 2013 11:04 |
في هذ الصباح ... كنت أسابق خيوط الضوء إلى مضجعي بعد درس خفيف في جامع النور بمدينة اقبلي في الجنوب التونسي ...أسرع خطاي استجابة لنداء النعاس الملح فيستوقفني أخي زكي ومن خلفه أرى العم عبد انبي فأبادلهما السلام ....بسحنة النعاس طبعا.. لكن .....يقطعان قصة النوم بتحديد موعد الزيارة اللتي طلبت منهما لذالك الشيخ الزيتوني الذي طالما حدثاني عنه أخر مشايخ الزيتونة الشيخ بشير بن محمود فأجيب أن نعم إنها فرضة لا تضيع..... في الطريق الرابط بين اكبلي ولبليدات كان رفيقاي يسترسلان في أثار الإستبداد السيايسي المتعاقب في تونس وماأسأره من تجفيف لمنابع التدين وأراوح بين مشاركتهما الحديث وبين التأمل في جنان النخيل والزيتون علي الطريق ..ليقطع زكي لحظة التأمل هذه مؤدنا بالوصول .....دخلنا ذات اليمين في غابة غناء فتراآى لي ذالك الشيخ محدودبا ينتظر الشروق ولم أزل أقترب حتي تمكنت من قراءة عنوان الكتاب الملفف بغلاف من ورق كتب عليه بخط جميل تفسير المنار.... ثم انتبه الشيخ فوقف مرحبا باسم الوجه ... شيخ يحث خطاه نحو السنة 83 تذكرني ملاحمه بالشيخ محمودلله ولدسيديا يرحمه الله. سلمت واقتربت من مجلس الشيخ فاكتشفت أن الكتاب الثاني هو كتاب الشاطبية.... وكان الحديث دولة .... فقال في أدب ووقار أهلا بأهل شنقيط أهل العلم فسألت الله من أعماقي أن يسترني بستره ....ثم قلت أنتم أهل العلم بلد الأبي والقابسي وابن عرفة فتنهد متحسرا حتى لكأني أثخنته فقال بلد العلم ....ألم تسمع إلي ماكتبته أيام عصف بالزيتونة وأنشد من شعره: تجمد الدمع في عيني من الألم وضرت ارتج من رأسي إلي قدم عشنا بزيتونة أيام لهفتها نجمع العلم في جد وفي نهم فكدت أنا أيصا أن أرتج لولا أن الشيخ قطع الصمت ليقرأعلي قصيدته الغاب اللتي يتحدث فيها عن غربته أيام الزين وبورقيبه ..... فطرت في عالم الشعر كأني أستمع إلي الشابي بنكهة زيتونية ...ولكن قصيدة الستين ....المكتوبة لما بلغ الشيخ 60كانت كفيلة بأن تجعلني أقتنع أن محدثي هو السيخ المختار ابن حامدن.... وفجأة جاء دوري ليسألني الشيخ هل تحفظ كتاب الله ....إني أحب أن أمتحن من يقرأ علي بورش..... اقرأ من سورة ق ثم من ض الخ ....فقرأتت حتي قال حسبك....فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان وقال بصوته الشاحب . الحمدلله أنه مازال في الأمة شباب يحفظون... ثم أذال دمعة وقال أنتم بلاد المليون شاعر.. فقلت في نفسي يارب سترك فقال أنشدني فتململت ضاغطا أعصابي محاولا الارتجال... يافرحة الروح من بعد النوى عودي هذا الامام بشير نجل محمود هدية من بني زيتون جملها رب الورى بجمال غير محدود بالعلم بالفهم بالأخلاق قدسقيت فأنبتت ثمر الإحسان والجود ياتاج تونس هذا طالب لكم يهدي التحايا بلحن غير موؤود قد أودعته ربى شنقيط لهفتها لمن وعى سر آي جاء في هود فالله يحفظ فيكم علم امتنا على بساط من الإجلال منضود تبسم الشيخ وأثنى على المحاولة رغم تواصعها .... ثم كان الحديث والتحسر علي حال الأمة في مصر وتونس... وانساب معلقا على مجاهرة اليساريين والعلمانيين في تونس بمحاربة الاسلام حتي كاد الأسى يشرق بي لولا قصيدة الشيخ الرائعة في هذ الحدث حيث أبت أبياتها الأخيرة مغادرة الذاكرة: لم تستفز شعورنا أبواق من كادوا لنا بالزيف والتخريب الله أكبر إن دين محمد سيسود رغم المكر والتعذيب واليفهم الأعدء أنا أمة تهوى الرجوع لعزها المسلوب فالشمس قديخفى بريق شعاعها لكن سيبدوا بعدطول مغيب وجاء سيف الوقت ليقطع لقاءنا فانصرفت وبقلبي يقين أن يد الإستبداد قد تنجح في القهر لبعض الوقت ولكنها لايمكن ان تنجح في اجتثاث أصالة الشعوب حفظ الله الشيخ وأبقاه |