من أحكام الاعتكاف/محمد عيسى بن أحمد سالم |
الأربعاء, 31 يوليو 2013 14:29 |
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد هذه سطور في بيان أحكام الاعتكاف وفضله أسأل الله سبحانه وتعالي أن ينفع بها كاتبها وقارئها وأن تكون نبراسا لمن أراد أن يعتكف أو تذكيرا لمن كان نسي وعونا للجميع على تنفيذ هذه السنة التي بدأت تدب فيها الحياة ولله الحمد تعريف الاعتكاف الاعتكاف لغة : الملازمة واصطلاحا : اللبث في المسجد تقربا إلي الله سبحانه وتعالي وهو قربة من نوافل الخير ، وقد ذكره الله سبحانه وتعالي في معرض حديثه عن الصيام فقال تعالي : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } وقد اعتكف النبي صلي الله علىه وسلم واعتكف نساؤه من بعده ، وقد كان النبي صلي الله علىه يحرص علىه كل الحرص فقد اعتكف العشر الأواسط فجاءه جبريل فقال له : إن الذي تطلبه امامك ، ثم اعتكف العشر الأواخر، ولما فاته اعتكاف العشر الأواخر مرة اعتكف عشرا من شوال . ومن حكم الاعتكاف ما أشار إليه ابن القيم رحمه الله فقال: |فصل: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ علىهِ وَسَلَّمَ فى الاعتكاف" لما كان صلاحُ القلبِ واستقامتُه على طريق سيره إلى الله تعالى، متوقِّفاً على جمعيَّته على الله، وَلَمِّ شَعثه بإقباله بالكليَّة على الله تعالى، فإن شَعَثَ القلب لا يَلُمُّه إلا الإقبالُ على الله تعالى، وكان فُضولُ الطعام والشراب، وفُضولُ مخالطة الأنام، وفضولُ الكلام، وفضولُ المنام، مما يزيدُه شَعَثاً، ويُشَتِّتُهُ فى كُلِّ وادٍ، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يُضعِفُه، أو يعوقه ويُوقِفه. اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يُذهِبُ فضولَ الطعام والشراب، ويستفرِغُ مِن القلب أخلاطَ الشهواتِ المعوِّقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة، بحيث ينتفعُ به العبد فى دنياه وأُخراه، ولا يضرُّه ولا يقطعُه عن مصالحه العاجلة والآجلة، وشرع لهم الاعتكاف الذى مقصودُه وروحُه عكوفُ القلبِ على الله تعالى، وجمعيَّتُه علىه، والخلوةُ به، والانقطاعُ عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذِكره وحبه، والإقبالُ علىه فى محل هموم القلب وخطراته، فيستولى علىه بدلَها، ويصير الهمُّ كُلُّه به، والخطراتُ كلُّها بذكره، والتفكُر فى تحصيل مراضيه وما يُقرِّب منه، فيصيرُ أُنسه بالله بدَلاً عن أُنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوَحشة فى القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرحُ به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم. ولما كان هذا المقصود إنما يتمُّ مع الصوم، شُرِع الاعتكاف فى أفضل أيام الصوم، وهو العشر الأخير من رمضان، ولم يُنقل عن النبى صَلَّى اللَّهُ علىهِ وَسَلَّمَ، أنه اعتكف مفطراً قَطُّ، بل قد قالت عائشة: لا اعتكاف إلا بصوم. ولم يذكر اللهُ سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم، ولا فعله رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ علىهِ وَسَلَّمَ إلا مع الصوم. فالقول الراجح فى الدليل الذى علىه جمهورُ السَلَف: أن الصومَ شرطٌ فى الاعتكاف، وهو الذى كان يُرجِّحه شيخُ الإسلام أبو العباس بن تيمية.انتهي الاستشهاد وهذا هو رأي المالكية وأما الشافعية فلا يشترطون الصيام وأقله عند المالكية يوم وليلة كما يبغي له دخول معتكفه قبل الغروب ، غير أنه صح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله علىه وسلم كان إذا أراد أن يعتكف صلي الفجر ودخل معتكفه, ينبغي للمعتكف أن يشتغل بقراءة القرآن والذكر والدعاء لا سيما في ليالي العشر ومن أفضل الدعاء " اللهم إنك عفو تجب العفو فاعف عني " ويبغي للمعتكف في هذه الأيام أن لا يبخل على أمته بالدعاء عسي الله أن يكشف عنها ما هي فيه من تجاسر على الإسلام وحملته المنافحين عنه كما ينبغي للمعتكف أن لا يخرج من المسجد إلا للضرورة كحاجة الإنسان وتوفير ضرورات الحياة أو للصلاة على الجنازة أو لغسل ثوبه أو انتظار يبسه . ويقطع الاعتكاف المرض أو تمريض القريب أو الحيض كما يفسده الخروج ولو للجمعة . هذا ما يسره الله سبحانه وتعالي من ذكر بعض أحكام الاعتكاف وحكمه أسأل الله سبحانه وتعالي أن يكون خالصا لوجهه إنه ولي ذلك والقادر علىه .
|