في ظلال الحكم العطائية/أحمد سالم بن زياد
الخميس, 08 أغسطس 2013 14:14

أحمد سالم بن زيادأحمد سالم بن زياد الحكمة الأولى: من علامة الاعتمادِ على العَمَلِ نُقْصانُ الرَّجاءِ عند وجودِ الزَّللِ. السائر إلى الله في بداياته؛ كالورقة اليبيس في مهب الريح، تدفعها الشِّرةُ إلى أعلى عليين، فجيد في القربات من صلاة وصيام وأذكار؛ وتحطه الفَتْرَة في أسفل سافلين، فيخرج من كل ذلك..

قال صلى الله عليه وسلم: ( فإن لكل عابد شرة ولكل شرة فترة فإما إلى سنة وإما إلى بدعة فمن كانت إلى سنة فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك ) رواه أحمد وبن حبان. فليس له ساعة نشاط نفسه أن يفرح بعمله، ويظنه تقرب إلى الله زلفى، وأنه استحق بعمله مكانة عند الله.. حتى إذا انتكس أو حادَ قنط من روح الله ويئس من رحمته..!! فليس مدار القبول على العمل فقط؛ إنما العمل تقربٌ إلى الله بواجبات أو تحبب إليه بطاعات.. وكم من متقربٍ جُفي، وكم من متحبب قُلي! وحري بالححي الكريم؛ أن يُحِبَّ المتحَبِّبِ له، وأن يقربَ المتقربَ منه..!! فليس حساب الحسنة والسيئة حسابي رياضي.. عن أبى هريرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : (لن ينجى أحد منكم عمله). قالوا :ولا أنت قال : (ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمته ولكن سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشىء من الدلجة والقصدَ القصدَ تبلغوا). متفقٌ عليه. وليس قصد الشيخ التقليل من شأن العمل والغض من أهميته –حشاه- إنما أراد أن ينبه المريد إلى معنى خفي، قد لا يدركه المبتدئ، وهو :أن نقصان رجائه بنقصان عمله؛ دليل على اعتماده على عمله، وهو أمر خطير نبه عليه الحديث السابق، فبفضلك اللهم لا بعملي.. بفضلك اللهم لا بعملي.. وليس داخل في كلامه حزن العبد على تفويته للطاعات ولا خوفه وكربه من إتيان المحرمات، إنما حزنه ذلك دليل واضح على تمام إيمانه.. ولا بدَّ للسائر إلى الله من حنكة تخوله توازنا قلَّ من يجيده بين الرجاء والخوف... إنها فنُّ راق، وعلم دقيق، فكم من عبد جنح إلى الرجاء حتى تقحم النار وأغضب الجبار.. وكم من قانط سيء الأدب مع الحليم الرحيم، سيء الظن في الكريم الغفار.. فالرجاء والخوف جناحان يحلق بهما العبد بعيدا من المهالك والأعطاب، فإذا ما كسر جناحٌ تردّى الهالك في قاع سحيق.. فلا بُدَّ لِمطية النفس من زمام من الرجاء، يقودها إلى الله ويقربها من رحمة الرحمن؛ ولا غناء لها عن سياط من الخوف تبعدها عن غضب الجبار، وتصدها عن النار.. فقبل أن تقع في المعصية عليك بسياط الخوف من الله وتذكر عقابه واستحضر مشهد الحساب والمحشر والنار وعذابها وملائكتها الغلاظ...

في ظلال الحكم العطائية/أحمد سالم بن زياد

السراج TV