وصيتي للناخبين/الشيخ محمد الأمين ولد مدّو |
الاثنين, 18 نوفمبر 2013 16:01 |
في ظل الانتخابات البلدية والبرلمانية التي تشهدها بلادنا وما يصاحبها من محاذير شرعية يجب التنبيه عليها انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم كما في السنن لأبي داوود وحسنه الألباني من حديث أبي هريرة، أنه قال:المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه" وقوله صلى الله عليه وسلم كذلك "الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" أردت أن أورد لشعبنا الكريم في هذه العجالة بعضا من الوصايا علّ و عسى أن تجد آذانا صاغية و تتلخص هذه الوصايا في النقاط التالية: 1-عدم التعصب لغير الحق : فلا ينبغي للناخب أن يتعصب لفلان أو علان لأنه من قبيلته او ابن عم له او من ولايته أو انه من الشريحة الفلانية بل ينبغي أن يكون المعيار الذي ينتخبه من اجله هو كفاءته وأمانته وعلمه وسهره على مصالح شعبه ووطنه بصفة عامة ولذلك يقول ابن تيمية في كتابه السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والراعية الولاية لها ركنان: القوة والأمانة. كما قال تعالى( إن خير من استأجرت القوي الأمين) وقال صاحب مصر ليوسف عليه السلام(إنك اليوم لدينا مكين أمين). و قال تعالى في صفة جبريل: (إنه لقول رسول كريم - ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثمّ أمين). فإذا اجتهد وصوت لمن يرى صلاحه واستقامته وقوته في الحق. بعيدا عن النظرة القبلية أو الجهوية أو الطائفية لما في ذلك من الخيانة وتقديم من ليس أهلا للتقديم وتأخير من يستحق التقديم وهذا من اكبر الكبائر ولذلك أخرج الحاكم في المستدرك وصححه من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :من استعمل رجلا من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين" فبتصويته للفاضل المستقيم على منهج الله حسب اجتهاده أو سؤاله لأهل العلم من أهل الأمانة والتقى إذا لم يكن مجتهدا يكون مأجور بإذن الله وتبرأ ذمته فإذا أحسن المرشح فيما تحمله من أمانة ومسؤولية كان له نصيب من أجره وإن أساء فعليه إساءته. 2-عدم أخذ المال مقابل التصويت : بما أن التصويت أمانة وشهادة وتزكية للمرشح لصلاحيته لهذا المنصب أو ذاك فلا يكون إلا لله كما قال تعالى ( وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) فأخذ مال مقابل التصويت لمرشح سواء كان قليلا أو كثيرا يعتبر من الخيانة وأخذ للرشوة وشهادة الزور لأنه تزكية وتقديم لشخص يدير شؤون المسلمين وليس أهلا لذلك ويكفيه ما فيه من الوعيد الشديد كما في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، رجل كان له فضل ماء بالطريق، فمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط، ورجل أقام سلعته بعد العصر، فقال: والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا، فصدقه رجل " ثم قرأ هذه الآية (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) 3-عدم كتمان الشهادة: لا بد للمسلم أن يكون إيجابيا وذالك باختياره من يرى فيه أهلية القيام بواجباته الوظيفية بأحسن وجه لما له من حنكة سياسية وفهم ثاقب وورع يدفعه إلى مراقبة الله والقيام بأوامره. فلا ينبغي له إلا أن يعي واجبه الوطني بانتخاب من يراه كفأ لتلك المرتبة ليقدم ويرعى للشعب بعضا من مصالحهم الدنيوية ويدلهم إلى ما فيه صلاح أخراهم ولما في ذلك من التعاون على البر والتقوى. ومن أداء الشهادة ابتغاء مرضاة الله. 4-البعد عن التقاطع : ومما ينبغي التنبيه عليه والوصية به وخصوصا في أجواء الحملة الانتخابية هو البعد عن الشحناء والتقاطع ونفرة القلوب ووقوع البعض في عرض أخيه المسلم لا لشيء إلا أنه أختار من يرى أهليته لذلك المنصب فكل ذلك مما حرمه الشرع ونبه على خطورته فقد صح عنه أن صلى الله عليه وسلم أنه قال :"لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" وصح عنه كذلك قوله "كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه" إلى ذلك من الأحاديث فعلى كل أن يعلم أنه مسؤول عن اختياره فيختار من يري فيه نفع الإسلام والمسلمين ولا يكون ذلك سببا للشحناء بينه وبين أخيه المسلم بل ينصحه ويرشده بالدليل والبرهان للأفضل حسب الظاهر والله يتول السرائر 5-الوصية الأخيرة للمرشح : ووصيتي له هي وصية الله للأولين والآخرين كما في قول تعالى ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) أن يتقي الله عز وجل وأن يكون مقصده الأصلي من الترشح هو خدمة المجتمع لا الحصول على مكاسب دنيوية زائلة. وأن لا يدفعه حب الرئاسة إلى شراء الذمم أو تقديم رشاوي غير مباشرة للناخبين. أو سارتكاب ما نهى الله تعالى عنه من تزوير أو غيره فما عند الله لا ينال إلا بطاعته. ولذلك اخرج ابن أبي شيبة في مصنفه وغيره من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" أيها الناس إنه ليس من شيء يقربكم من الجنة ويبعدكم من النار إلا قد أمرتكم به وليس شيء يقربكم من النار ويبعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصي الله، فإنه لا ينال ما عنده إلا بطاعته. " وفق الله الجميع لما فيه الخير والسداد وجنب بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطنه.
منتديات لعصابة |