مهلا أيها اليساريون المتقنعون بيافطة الحقوقيين/الحسن محمد ماديك
الخميس, 02 يناير 2014 20:55

altaltبسم الله الرحمــن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد:  فلقد اطلعت على مقالة بعنوان "الدين والتدين ولـمعلمين"، تنضح بالتهكم والنيْل من الرسول النبي الأمي محمد بن عبد الله الهاشمي يتّهمه بالقصور في تصوراته وحكمه وبالعصبية الجاهلية بمحاباة الأقربين كاتب المقال محمد الشيخ.

ولا يسعنـي كباحث متجرد بل كمؤمن بالغيب كله غير افتداء رسول الله بالقرآن إلى الناس كافة وغير الدفاع عنه ولأقول: قد وصف الله بصفة "العظيم" القرآن ويعني أن لن تستغرق الأمة كلها معاني القرآن ودلالاته بل كلما توغل الباحثون مفسّرون وغيرهم في معانيه تراءت لهم معانٍ أبعد منها وأعمق. وكذلك وصف ربنا العليم الخبير نبيه الأمي بقوله ﴿وَإِنَّكَ لَـعَـلَى خُـلُـقٍ عَظِيمٍ﴾،  وبيّنت أم المؤمنين عائشة بنت الصّدّيق رضي الله عنهما دلالة حرف القلم بقولها "كان خلقه القرآن". 

ويعني أن جميع سلوكه صلى الله عليه وسلم كان متفقا مع القرآن، ولقد تنزل القرآن بعتابه في حوادث ثلاث:

1. قوله تعالى ﴿عَفَا اللهُ عَنْكَ لِـمَ أَذِنْتَ لَـهُـمْ حَـتَّـى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَــاذِبِـينَ﴾ براءة.

2. قوله تعالى ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِـي فِـي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَــاهُ﴾ الأحزاب.

3. حادثة أسر أسرى بدر ابتداء ثم أخذ الفداء منهم  ولا يخفى أن الحادثة الأولى هي إذن منه لبعض المقاتلين أن يعودوا إلى منازلهم لتفقدها، وأن الثانية هي تَـحَرُّجُه من شكوى زيد بن حارثة زوجه إليه إذ كان علم بالوحي إليه أن الله سيزوجه زينب ولم يسعه في ذلك الموقف غير قوله ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ﴾ يعني يخاطب زيدا.

إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخرج من بيته غازيا أو يجهز سرية أو يبعث بعثا إلا طاعة لله الذي أمره بتلك الغزوة أو السرية بذاتها كما هي دلالة قوله :

ـ ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحـَقِّ ﴾ الأنفال 

ـ ﴿ وَيَقُولُ الذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ﴾ القتال 

ـ ﴿ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ ﴾ التوبة  ويعني حرف الأنفال أن الله قد أمر رسوله بالخروج من بيته إلى العدو بالحق وهو الوحي من الله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج من بيته اجتهادا منه أو قصد الانتقام من قريش.

  ويعني حرف القتال أن قد تمنى الصحابة بعد منتصف العهد النبوي أن ينزل الله سورة يأذن فيها بالقتال في سبيله مما يعني أنهم رغم نزول الإذن الأول في حرف الحج سيحتاجون قبل كل سرية أو غزوة إلى إذن آخر.

ويعني أن الإذن بالقتال في سبيل الله متجدد لا يقع إنفاذه إلا إذا أنزلت سورة يأمر الله فيها بإنفاذه على عدو معلوم مخصوص، وأن الوحي هو الذي يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقتال في كل مرة. 

وعودا إلى مقالة السوء لصاحبها محمد الشيخ الطاعن في قبول النبي الأمي يوم الفتح بيعة هند بنت عتبة: 

ولا يسع الرسول النبي الأمي صلى الله عليه وسلم غير طاعة ربه الذي أنزل عليه قوله ﴿يَـــــــأَيُّهَا النَّبِـيُّ إِذَا جَـــــآءَكَ الْمُؤْمِنَــــــتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَـيْـــــــا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَـــــــدَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَـــــنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِـي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ الأحزاب.

وهل يسع من كان خلقه القرآن غير الحفاوة بمن أمره الله بالاستغفار لها وبمبايعتها هي وصويحباتها. ولو كان في الإسلام طبقية لما تنزل القرآن في سورة المدثر وسورة القلم بما لا يخفى من الوعيد الذي وعد الله به المغيرة والد خالد ويتقرب خالد رضي الله عنه بقراءة القرآن الذي تنزل في شأن أبيه.

ولو كان في الإسلام طبقية لما تنزل القرآن في سورة المسد وغيرها بما لا يخفى في شأن أبي لهب عم النبي الأمي وشأن زوجته.

وطعن صاحب المقال في قتل يهود بني قريظة الغادرين الناكثين عقد الصلح حين الحاجة إلى وفائهم ولا يسع الرسول النبي الأمي صلى الله عليه وسلم غير طاعة ربه الذي أنزل عليه قوله ﴿وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَـمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَــاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِـتَـــــبِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِـي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَــارَهُمْ وَأَمْوَالَـهُـمْ وَأَرْضًا لَّـمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ الأحزاب.

ويعني أن جريرة كفار مشركين لم يدرسوا كتابا منزلا من قبل أقل من جريرة الذين درسوا الكتب المنزلة من قبل وعظمت الجريرة بممالأتهم ومظاهرتهم مشركين جاهلين لا يعلمون شيئا. وإن كتب السيرة والتاريخ لمليئة بالأحاديث والحوادث الموضوعة المكذوبة فلو اقتصر اليساريون والمنافقون على ما ثبت منها متواترا أو صحيحا أو حسنا.

وهلا درى الحقوقيون في موريتانيا مدافعين عن حقوق الحراطين أو طبقة المعلمين أو غيرهما من الطبقات أن الزوايا لا يمثلون الإسلام ديننا الحنيف الأبيض النقي المحجة البيضاء التي تركها النبي الأمي في الأمة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك موبق نفسه بكفر أو نفاق أو إلحاد أو زندقة. 

بل لقد أساء الزوايا عبر التاريخ كثيرا إلى الإسلام وإلى غيرهم من طبقات المجتمع وتضررت طبقة "لمعلمين" كثيرا منهم ولا تزال غير أن الإسلام بريء من ذلك . 

نواكشوط في 3/1/2014

مهلا أيها اليساريون المتقنعون بيافطة الحقوقيين/الحسن محمد ماديك

السراج TV