في رحاب النبوة..خباب بن الأرت..صنيع وصناعة/د.الشيخ التراد لمرابط |
السبت, 08 فبراير 2014 17:59 |
كان في بداية الإسلام أقوام عرفوا بالمستضعفين ظلت تلاحقهم أيادي القهر الجاهلي في محاولة لصدهم عن سبيل الله. ومن بين هؤلاء الصحابي الجليل خباب بن الارت رضي الله عنه. عاش خباب بن الارت عهد الجاهلية في استرقاق مستمر فقد فيه الرجل الذكي حريته، وإنسانيته في مجتمعه الذي لا مكان فيه لغير الأقوياء من بني قومه. واستطاع الرجل بعبقرية فائقة ودهاء غير مسبوق أن يخوض غمار الحياة بنفس مهني جعل منه وجهة لقبائل العرب، تبحث عن صنيع خباب، وقد تنتظره لساعات أمام محله في انتظار قدومه. وكانت نفس خباب متمردة على المجتمع آنذاك مشرئبة إلى خلاص قادم لإنقاذ البشرية من درك الاستعباد الذي تعشيه. إسلام خباب.. ورحلة العذاب: فلما ظهر الإسلام في أرض الجزيرة العربية على يد محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم تاقت نفس خباب إلى النور القادم من أعماق مكة فظل يفكر في ساعة الالتحاق بركب الدعوة وقائدها محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كانت خشية أبي يحي من غضبة قومه تمنعه من إظهار إسلامه. وتحكي كتب السير قصة إسلام الرجل ورحلة آلام عاشها وهو يتلظى من شدة قسوة قومه، فقد كانت مجموعة من العرب تنتظر قدومه لاستلام سيوف كان يعدها خباب وأثناء انتظار القوم كان في حوار داخلي مع النفس خرج إلى العلن بمقولة لم يتنبه لها وأثارت حفظية القوم وذلك حين قال إنه لأمر عجب، فقال القوم ومم العجب يا خباب فقال من الرجل الذي لكلامته حلاوة تأسر القلوب، وحينها شاع خبر خباب بن الأر ت بين الناس وكانت سيدته أم نمار تذيقة أصنافا من العذاب لترده عن دينه وإسلامه، حيث كانت المرأة تضع الحديد المحمي على وهو يتألم، وكان صلى الله عليه وسلم إذا مر على خباب في عذاباته تلك يرفع يديه إلى السماء في شفقة عليه ويقول: "اللهم انصر خبابا" وقد استجاب الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم، فأصيبت أم أنمار بمرض لم يرفعه عنها إلا أن تضع حديدا محميا على رأسها، تماما كما كانت تفعل مع خباب. خباب صنيعة.. وصناعة لما دخل خباب في الاسلام صار داعية الى الله وكان يأتي إلى بيت آل الخطاب يعلمهم القرآن في غياب عمر قبل إٍسلامه، وذات يوم فاجأهم عمر بن الخطاب وهم في حلقة تعليم مدرسها خباب بن الأرت، فكانت سبب إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه،وقد استبشر خباب بإسلام عمر لمكانة الرجل في قومهوقوته وجبروته الذي مارسه على مستضعفي مكة ومن بينهم خباب بن الارت رضي الله عنه ، وظل خباب صنيعة الاسلام يمارس دعوته بقوة في وجه قريش وأعداء الاسلام، وفي الوقت نفسه واصل مهنة الحدادة التي اشتهر بها بين العرب ولم ينازعه فيها أحد رضي الله عنه.
وأخيرا... عرف عن الصحابي الجليل خباب بن الأرت ذكاءه وفطنته وعبقريته مكنته من أمور ثلاث: 1- حيث كان من الأوائل الذين أحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به، فقد كان سادس ستة اسلموا على ظهر الأرض. 2- كان معلم القرآن في بيت آل الخطاب رضي الله عنهم. 3- ومن شدة فطنة خباب وذكائه انه استطاع في وقت وجيز تعلم مهنة الحدادة، فقد كانت سيوف خباب تشد إليها الرحال من كل حدب وصوب. واكاد اجزم ان تلك الخصال الثلاث لاتزال موجودة في بني قومه في موريتانيا، حيث تشهد مضارب القوم في مناسبات كالمولد النبوي وليلة الجمعة ازدحاما لسماع المدائح النبوية، وأما تعليم القرآن فكثير من أبنائهم حفظة ومدرسو قرآن يتدافع الناس إليهم من كل فج عميق. وأما عن الحرفية النموذجية لمهنة الحدادة فحدث ولا حرج، فلا تزال أيضا صنائعهم شاهدة على ذلك..
|