ياليت قومي يعلمون/محمد سالم القرشي
الخميس, 27 فبراير 2014 01:53

محمد سالم القرشيمحمد سالم القرشيلايختلف اثنان أنه من سنن  الله في  الكون أن تبقي هذه  الدنيا معمورة بشرائح  بشرية وفق هذا، القانون كان من الحكمة أن يكون هناك نظام شامل يضبط العلاقات بين بني البشر حتى يتسنى لهم التعايش فيها وتحقيق عمارتها.

لا يصلح الناس فوضي لا سراة لهم  

ولا سراة إذا جهالهم سادوا

والبيت لا يبتني إلا له عمد

ولا عماد إذا لم ترس أوتاد.

من أجل ذلك أرسل الله الرسل وبعث الأنبياء كل جاء لمحاربة ظاهرة في القوم الذين بعث فيهم إما أن تكون جدلية أو اجتماعية أو عقدية أو أخلاقية "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبن لهم".

فهذا نوح عالج قضية العقيدة وهذا شعيب حارب التطفيف وهذا لوط  كانت القضايا الأخلاقية محور رسالته وهكذا دواليك "رسلا مبشرين ومنذرين" حتى أناخت سفينة الإصلاح الركاب فتوجت تلكم السلسلة الذهبية بزين الأنام محمد صلى الله عليه وسلم فعاش الناس في حقبة النبوة ءامنين مطمئنين.

ساد العدل وعم الربوع ثم جاء العهد الراشدي امتدادا له ففتحت الأمصار ودونت الدواوين وأسست المؤسسات ثم عاشت الأمة ردحا من الزمن في ملك عضوض إلى عصر الضعف حيث افترقت إلى دويلات.

عندئذ تغير ت أساليب التعامل مع الحكم وسياسة الناس فجاءت نظريات غربية وإن كانت ضاربة الجذور في الفقه الإسلامي تلقاها المسلمون بالقبول إنها الديمقراطية والتي تقوم علي أسس كثيرة تتلاقح في بعض الجوانب مع الإسلام وتختلف في بعض فجاءت الحريات وصار "كل حزب بما لديهم فرحون ".

"وكل يدعي وصلا بليلي  

وليلي لا تقر لهم بذاك"

فأصبح الناس يعشون في موجة من الحريات في بيئة  تجمع الغث والسمين والصالح والطالح كل يدلي بدلوه ويتكلم كما يشاء ويفعل ما يشاء لا يلوون على شيء حتى جاء من يسب المصطفي هادي البشرية ومعتقها من النار ومحررها من الاستعباد ومن يتنقص من الصحابة وهم من أرسوا مبادئ العدل "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".

ومن ينظر إلي سدنة  الدين وحملة لواءه على أنهم لون من البشر لا يستحقون الحياة ذلك أنهم يسعون لتغفيل الشعوب والضحك على الناس  واللعب على وتر العاطفة ليحي آراء سلفت ويحاكي أقوالا يلوون بها ألسنتهم ليظنها الناس من الحكمة وما هي من الحكمة  وآخر ينادي بنصرة شريحة معينة أنهم مقهورون لم ينالوا حظهم من الحياة  ليصيب عرضا من الدنيا أو يصرف  وجوه الناس إليه.

ولذلك جملة من الأسباب سأحاول ذكر بعضها متجنبا الإيجاز المخل والإسهاب الممل.

أولها غياب الدولة وفقدان السلطة فغياب سلطة القانون مؤد إلي انهيار الدولة وإيذان بخرابها ذلك أنها الركن الأساسي في نهضة المجتمع وبناءه وهذه حقيقة يدرك كنهها جميع العقلاء ذلك أن الأشخاص الذين يسوسون الناس اليوم هدفهم هو مصلحتهم الفردية فيغلبون مصالحهم على مصلحة المواطنين وهذه رزية لا يفقهها إلا من تتبع ما يجري وراء الكواليس  وشتان ما بينهم وبين صقر قريش الذي شيد دولة من العدم.

الحزم كل الحزم أن لا يغفلوا

 أيروم تدبير البرية غافل؟!

ويقول قوم سعده لا عقله

خير السعادة ما حماه العاقل

ثانيها: تعدد الهويات والعرقيات عندنا وانجراف البعض منها إلى شعارات مزيفة يسعى أصحابها من خلالها إلي تفكيك هذا المجتمع عن حسن نية أو سوء قصد بيد أن التعامل يكون مع ما تجود به قرائحهم فتترجمه أناملهم وما تخفي صدورهم أكبر ولا ينسي المساكين أو يتغافلون أن الصراعات اللونية أو العرقية من أخطر ما تكون فتكا بالمجتمعات وأن خسائرها المادية والبشرية تفوق ما يتصوره العقل أوت قدره التقديرات.

ثالثها: تنوع المدارس الفكرية وتعددها وهذا مما يواجه الأمة الموريتانية وهي أرض خصبة لتنبت فيها جميع الأفكار فظهر الالحاد والدعوة إلى التحلل والانحلال والتأثر بكل ما هو وافد من الآخر والانسلاخ من القيم الإسلامية وحب التحرر والانعتاق "وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل"

إن القضاء علي هذا الداء الذي ينخرنا هو بالتسلح بالعلم والتمسك بالدين فلا يمكن أن يجمع المجتمع الموريتاني سوي الدين ذلك أنه هو الذي يتماشي مع فطرتهم وطبائعهم "فطرت الله التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم".

وما اجتمع العرب وتآخوا إلا بالدين فلقد جمع الإسلام أبا بكر القرشي وسلمانا الفارسي وصهيبا الرومي وبلالا الحبشي فانتماؤنا للإسلام وقصر هويتنا عليه هو صمام أمان مجتمعنا فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" مع حفظ الأنساب وحفظ الفضل لأهله.

أبي الإسلام لا أب لي سواه

إذا افتخروا بقيس أو تميم

 

ياليت قومي يعلمون/محمد سالم القرشي

السراج TV