وقفات قرآنية)(1): (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق)/د.مولاي إسماعيل الشريف |
الثلاثاء, 11 مارس 2014 11:43 |
تفاجأت كما تفاجأ غيري من هذه الحملة المسعورة المتسارعة على الشعائر الإسلامية التي طالت القرآن العظيم وشخص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وكتب العلم ، والعلماء الربانيين في محاولات ظهرت وأكنها فردية مع أن تساهل النظام في كشف الحقيقة والأخذ على يد السفهاء المجرمين كان بمثابة الإشارات الواضحة على وقوفه خلف تلك الفتنة ، نعم إنها فتنة الدين والتطاول على المقدسات التي يعرف العلماء الربانيون ،كما يعرف فقهاء السلطان أن حمايتها من أوجب الواجبات السلطانية التي يجب عزل الحاكم حين يتخلى عنها،ناهيك أن يقف خلفها.(والفتنة أشد من القتل) ولا يخفى أن المراد بها فتنة المؤمنين في دينهم وأي فتنة أشد من الطعن في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمزيق القرآن الكريم وإهانته، والتحريض على العلماء والدعاة وإغلاق المؤسسات الإسلامية التي تبين الحق وترد على أهل الزيغ والإلحاد. وفزعت إلى كتاب الله أتفيأ من ظلاله حالا ومرتحلا رجاء أن يرد الله عن بلادنا وبلاد المسلمين ما يترقبها من فتن ومخاطر وان يرد كيد كل عدو يحارب الدعوة والدعاة من حاكم أو وزير أو عالم أو إعلامي أو جندي.. إلى صدره وفي أثناء رحلتي مع القرآن استوقفتني بعض الآيات وكأنها نزلت لأول مرة فعزمت أن أكتب مقالات في هذه الفترة بعنوان (وقفات قرآنية)رجوعا إلى هذا الكتاب المقدس الذي اسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى – أن يقطع يد ورأس كل من يحاول تدنيسه أويعينه على ذلك ولو بكلمة،أو يفعل ذلك لأي شعيرة من شعائر الإسلام. وليعلم أعداء الإسلام أنهم يردون المسلمين إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته وإلى القرآن الكريم حفظا وتفهما وعملا حين يفكرون في المساس بهذه المقدسات ويزيدون من مكانة العلماء والشعائر الإسلامية عامة في نفوسهم بهذا النهج الهمجي السخيف. وهذه الآية الكريمة جاءت في سياق قصة شعيب -عليه السلام- مع قومه في سورة الأعراف : قال تعالى : (قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين، قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ). فالملاحظ أن أعداء المشروع الإسلامي من كفار ومنافقين وفسقة يضيقون ذرعا بأصحاب هذا المشروع حتى يخيل إليهم أن الأرض أرضهم وأن الدولة دولتهم ما لم يتخل المؤمنون عن فكرتهم ويعودوا إلى تلك الفكرة الكافرة أو الفاسقة التى تأخذ من الإسلام ما يحلو لها وتترك الباقي ، وانظر الفرق من حملة الفكر الحضاري الإسلامي هنا الذين يقولون (حتى ولو كنا كارهين)! متنكرين هذا الصنيع الفج هل هذه هي الحرية؟ وهل هذه هي الديمقراطية؟ ذلكم أن الإسلام لم يجبر اليهود في المدينة على الإسلام ولا النصارى في نجران والشام والعراق ومصر والمغرب لأنه ينطلق من مبدأ (لكم دينكم ولي دين)(لا إكراه في الدين ) (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) (ربنا افتح بيننا وبين قومنا) فشعيب-عليه السلام- لا ينكر أنهم قومه بينما ينكرون أحقيته ومن معه في قريتهم! هذا هو النهج الذي يمثله أعداء الأنبياء من قبل ويمثله اليوم الغرب رغم ما يدعيه من خلاف ذلك وأذناب الغرب وإلا فقارنوا بين موقف الغرب من مصر الآن والجزائر وغزة قبل ، وموقفه من أوكرانيا و القرم لتجدوا المنهج واحدا لم يتغير. لكن ما هو موقف المؤمنين أصحاب المشروع الإسلامي الواضح إنهم يقولون بلسان الحال والمقال: (لقد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها). إنه ثبات على المبادئ لا يقبل التنازل مهما كانت عروض المناصب والأموال ،ومهما كان التهديد والوعيد وسواء كانت الدعوة إلى الرجوع إلى الكفر أو الفسق..إنه قطع لطمع الظالمين في تلك النفوس الأبية الواثقة من منهجها ومن نصر الله وهذا هو أهم نصر يحققه المشروع الإسلامي والفرد المسلم والجماعة المسلمة وهو أشد على الأعداء من أي نصر آخر لأنه يجعلهم مهزومين وهم في حال القوة كما نرى السيسي وحزبه اليوم بعد مضي هذا الزمن الطويل ،ولأنهم يعلمون أنه أول طريق إلى النصر والتمكين قال تعالى : (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) فبناء الفكرة في النفوس أهم من بناء الجمعيات والمؤسسات لأنها لا يمكن أن تغلق ولا أتصادر. قال تعالى : (إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما)هذا استثناء منقطع ، أو هو بمعنى الاستسلام لله برد المشيئة إليه خوفا من النكوص والفتنة ويلاحظ حسب سنن الصراع بين الحق والباطل أن قلة من ضعاف النفوس في كل فتنة يرجعون إلى أهل الباطل من أعوان ووزراء بل من علماء ودعاة باعوا الدين بالدنيا واستخدموا أغلا شيء وهبهم الله واستأمنهم عليه في التضليل وقلب الحقائق. قال تعالى : (على الله توكلنا) خبر ودعاء فهم يخبرون عما في نفوسهم من التوكل والاعتماد على الله كما أخبر الله تعالى عن أصحاب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب في قوله : (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل). ودعاء لأنفسهم بدوام التوكل والاعتماد على الركن الشديد حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها. ثم أخبر تعالى عن نبيه شعيب-عليه السلام- أنه دعا على قومه فقال:(ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين). ونحن نقول كما أرشدنا الله على لسان أنبيائه-عليهم السلام-( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ). ولا يخفى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه(وكان الإنسان أكثر شيء جدلا)وهي إما نازلة في أبي بن خلف أو النضر بن الحرث وهما كافران بالاتفاق، ومن هنا قال المفسرون –رحمهم الله- : (إن كل آية وردت في الكفار تجر ذيلها على عصاة المؤمنين). وذلك لأن من فعل فعل الكفار يجب أن لا يأمن أن يعاقبه الله بمثل عقوبتهم وإن بعثه على نيته يوم القيامة.
|