في رحاب النبوة..صهيب..قساوة الجاهلية وحرية الإسلام/د.الشيخ التوراد ولد محمدو
الاثنين, 17 مارس 2014 10:21

د.الشيخ التراد ولد محمدود.الشيخ التراد ولد محمدوهو أحد الشخصيات المستضعفة التي كان لهادور في التاريخ الإسلامي وارتوت من معين النبوة الصافي في مراحل الدعوة الأولى، وتخرجت بدرجة الامتياز من جامعة الأرقم بن أبي الأرقم، في أول فوج لها، حديثي هذه المرة عن رجل أحب الله ورسوله والدار الآخرة، إنه بالتأكيد صهيب الرومي، سنعيش معهم من خلال السطور اللاحقة مراحل النشأة وذكريات الاسترقاق الجاهلي، وبدايات الالتحاق بالدعوة، وكيف كانت أيامه الأولى مع الحرية التي عشقها في ظلال النبوة وتحت راية الدين الإسلامي:

صهيب..من البداية:

تروي كتب السير والتاريخ الإسلامي البدايات  الأولى للفتى صهيب، وتتحدث تلك المصادر عن قصة الفتى مع الاسترقاق وأيامه التي عاشها حينها، وكم هي قاسية عوائد ذلك المجتمع الجاهلي، التي تعود بسادية غير مسبوقة على امتهان براءة الطفولة، بل ودسها في التراب على عادة الأعراف الجاهلية المقيتة.

لقد كان صهيب يعيش مع والده الذي تربع على عرش الموصل بعد توليته ملك الفرس آنذاك، وأثناء عيشه هناك تعرضت الموصل لغارة رومية كان صهيب أحد ضحاياها، لتبدأ رحلة الصغير مع الاسترقاق، وهناك ذاق صهيب مرارة الاستعباد متنقلا بين أسواق النخاسة وملاك العبيد، وقد حط ترحاله في دار عبد الله بن جدعان، بعد أن اشتراه عبد الله بن جدعان وحرره فيما بعد حين اكتشف ذكاءه، وقد ظل الفتى في دار بن جدعان يقيم معه حتى وافاه الأجل المحتوم، وهناك كانت تشرئب نفس صهيب إلى ما يخلص المجتمع الجاهلي من حوادث الظلم والاضطهاد الذي يمارسه من يتسمون بالأشراف ضد المستضعفين.

وأسلم صهيب...

ظلت أعين صهيب ترقب عن كثب، وكأنها في انتظار خلاص قادم، وفجر يضيء سماء مكة المتلبدة بغيوم الأعراف الجاهلية الظالمة، ولم يطل انتظار الفتى الشجاع حتى وصل إلى مسامعه خبر نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم، فقرر الالتحاق به في دار الأرقم بن أبي الأرقم التي تم اختيارها من طرف الأمين صلى الله عليه وسلم لتكون الحاضنة الأولى للدعوة لاعتبارات أمنية خاصة تتطلبها الانطلاقة الأولى، ولما وصل صهيب دار الأرقم بن أبي الأرقم والتقى بالنبي صلى الله عليه وسلم أشهر إسلامه، وظل صهيب في رحاب النبوة ينهل من شمائله صلى الله عليه وسلم، وهناك شاهد عظمة هذا الدين الذي لا مكان فيه لتلك الأوصاف الجاهلية "أشراف وعبيد"، بل عاين بنفسه كيف يتزاحم الناس في دار الأرقم بن أبي الأرقم دون أي تفاضل.

صهيب..مصادرة الأموال أومصادرة الحرية!

لم يكن صهيب ليتخلف عن الهجرة بعد مغادرة الحبيب صلى الله عليه وسلم مكة، فأصر على على مغادرة مكة علانية في وضح النهار، وأرسلت قريش أشخاصا في طلبه، فلما تراءا الفريقان، أخرج صهيب كنانته وهو أحد الرماة المشهورين حينها، وخيرهم بين المواجهة وما تحمله من خسائر بشرية في صفوف القوم، أو أن يفدي نفسه بماله "يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا، وأيما لله لاتصلون إلي حتى أرميب كل سهم معي في كنانتي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فافعلوا ماشئتم، فإن شئتم دللتكم على مالي وخليتم سبيلي"، فلما رأى القوم قوة وحماس الفتى تركوه يهاجر وأخذوا المال، وهناك في المدينة كان في انتظار الفتى المضحي بشائر التنويه بالموقف العظيم والبيعة الرابحة "ربح البيع أبا يحي"، ونزلت آيات تتلى تخليدا لحادث هجرة صهيب رضي الله عنه "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد".

فلم يكن مقبولا في نظر صهيب الذي ذاق حلاوة الحرية أن تسلب منه في رابعة النهار، فافتداها بماله كله بعد مقدمة وعيد اقتضتها لحظة التفاوض الحرجة، فكان المفاوض الناجح والتاجر الرابح رضي الله عنه.

من جديد.. في رحاب النبوة:

حين وصل صهيب المدينة لزم الحبيب صلى الله عليه وسلم وشارك معه في غزواته كلها رضي الله عنه، يقول متحدثا عن تلك المرحلة: "لم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا إلا كنت حاضره.... وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين العدو حتى لقي ربه"، وهكذا ظل صهيب في رحاب النبوة وبين ظلالها، حتى انتقل الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، فظل متمتسكا بدينه، يدعو إلى لله حتى وافته المنية وأسلم روحه الطاهرة إلى باريها.

رضي الله عن صهيب، أحد الشواهد الفريدة على عدل النبوة والرسالة المنتصرة للمظلومين المستضعفين في وجه الاستكبار الجاهلى.

في رحاب النبوة..صهيب..قساوة الجاهلية وحرية الإسلام/د.الشيخ التوراد ولد محمدو

السراج TV