كذلك لنثبت به فؤادك/محمد سالم القرشي
الخميس, 20 مارس 2014 00:26

altaltلقد اقتضت حكمة الله البالغة أن يكون لكل نبي معجزة قاهرة باهرة تتماشي مع قومه المبعوث فيهم لتكون حجة عليهم  ليلايكون لهم عذر إن هم أعرضوا عن منهج الحق وقد كانت معجزة النبي صلي الله عليه وسلم تلك المعجزة الخالدة والتي جاءت مطابقة لهذه الحكمة  الربانية فأنزل الله هذا القرءان الذي تجلت فيه جميع صورالاعجاز التي ظهرت في وجوه عديدة منه  بدء بالاعجاز البياني لفظا ومعنا وقصدا وإيجازا فالاعجاز الغيبي في القصص سردا ورواية لما مضي في سالف الايام وماسيجري في قابلها ثم الاعجاز التشريعي من خلال إعطائه للحلول مع كثرة النوازل والاحداث.

والله تعالي له في كل نازلة حكم وشموليته ومسايرته لكل زمان ومكان مافرطنا في الكتاب من شيئ مع كونه الحبل الواصل بين العبد وربه والمصدر المعرفي  للعلوم والفنون ولقد كان لهذا القرءان أسرار وحكما من إنزاله منجما لا يدرك ماهيتها إلا من غاص في أغواره وخاض في بحاره يحتاج المسلم أن ينيخ عندها الركاب ويحط بها المطايا ومن ذلك  تلك القطعيات التي تشفي صدور قوم مؤمنين وتذهب غيظ قلوبهم  منها تثبيت النبي صلي الله عليه وسلم ومن شايعه من أهل الايمان وسار علي دربه وانتهج نهجه القويم وسلك طريقه المستقيم ليكون تثبيتا لهم علي مكابدة الحياة وتحمل مشاقها

فالسبيل طويل وبالمكاره محفوف وتربية النفوس وتزكيتها لايقدر عليها إلا أصحاب الهمم العالية والمقامات السامقة

إذاغامرت في شرف مروم

فلاتقنع بما دون النجوم                                         

فطعم الموتفي أمر حقير

كطعم الموت في أمر عظيم

ذلك أن المسلم يعتوره الوهن كلما كثرت عليه الهموم واكترثته الاحزان وتكالبت عليه الشرور وتجاذبه النوازع  فكان نزول القرءان تثبيتا للنبي صلي الله عليه وسلم والمؤمنين  كذلك لنثبت به فؤادك ورتلنه ترتيلا ولقد اتخذ القرءان  الكريم صورا كثيرة وأشكالا عديدة

وطرائق مختلفة في التثبيت طوال فترة نزول القرءان نجردها إجمالا لاتفصيلا  وإيجازا لاإطنابا قصدا لا حصرا

أولها حث القرءان علي الصبر علي المضايقات والاختبارات التي تمر بالمسلم من مكر وتشريد وتجويع وتخويف وحصار وتنكيل وإذيمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أويقتلوك أويخرجوك فيأمر بالصبر الجميل فاصبر صبرا جميلا مستحضرا ألوان الصبر كلها

فهذا زمان الصبر من لك بالتي كقبض علي جمر فتنجوا من البلا

بنفسي من استهدي إلي الله وحده وكان له القرءان شربا ومغسلا

ذكره لقصص الماضين وذكرأيام الذين خلوا لتكون مصدرإلها م لأهل الايمان لما فيها من عبرلأولي الالباب فليست من الاحاديث المفتريات ولا الحكايات المنسوجات بل هي الحق المبين والقول الفصل وكلا نقص عليك من أنباء الرسل مانثبت به فؤادك  وبذلك تكون تسلية لهم وتخفيفا عليهم لما يحاك لهم مما يكادلهم من قبل الاحزاب والمبغضين

نفوق آي الذكر في وجه من بغي  فيبصر الباغي الردينية السمرا

بموعوده الآتي نجدد عزمنا ومن فقصص الماضين نستلهم النصر

ومنه ضرب آخر من تهوين الامور وتذليل الصعاب فلاتضيق الصدور ولاتحزن القلوب وهم يرمون بأبشع التهم التي تكاد السموات تشقق منها  وتنشق الارض وتخر الجبال هدا كأنهم أتوا أمرا كبارا وجلبوا شرا مستطيرا وما ذلكإلا للنيل منهم ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون  وبذلك يكون تطمينا للمؤمنين  بأن الله معهم وسيشد من أزرهم ويقوي من عزائمهم

ومنه التبشير بالنصر وأن العاقبة للمتقين  ليعلم المومن أن الايام دول وأن الابتلاءات ماهي إلا تمحيص وتمييز ليعلم الكاذب من الصادق والمومن من المنافق وأن ما يلقاه المسلم ماهو إلا لون من ألوان التدافع والتنازع الذي سنه  الله في الكون وكتبه علي البشرية  ولوشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض فتتعاظم الامور ويشتد الخطب حتي يخيل لقصار النظرو محدودي الادراك  أن الوعد بعيد ويقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ماوعدنا ورسوله إلا غرورا ويتساءل الصادقون متي نصر ألا إن نصرالله قريب وهكذا كان نزول القرءان علي قلب النبي صلي الله عليه وسلم طوال حياته يثبتالفؤاده ومعينا له في تربيته وتزكيته لأصحابه فأرسي للمسلمين  أسسا وأقعد لهم قواعد وأحكم لهممعاقد وجمع شتات الفنون وأباح  الغوامض وأحكم الاحكام  فطوبي لمن جعله منهجا لحياته ميزانا لمعاملاته وتمسك به في الغيب والشهادة والشدة والرخاءوفي ذلك ذكري لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

 

كذلك لنثبت به فؤادك/محمد سالم القرشي

السراج TV