في رحاب النبوة..حديث عن مكانة المرأة/الشيخ التراد ولد محمدو |
الاثنين, 24 مارس 2014 08:24 |
الحديث عن المستضعفين والمظلومين يقودني هذه المرة إلى وضعية المرأة وترتيبها في السلم الجاهلي ومكانتها التي حظيت بها بعد مجيء الرسالة الإسلامية، وسأحاول أن أقتفي بعض تلك الآثار من أجل تقديمها لأدعياء التحرير والتزوير وحناجر التنصير، فلعل الذاكرة ضعيفة ولم تعد تحتفظ بتلك الأحداث التاريخية وقصص "التطهير الإنساني في أكبر تعرية لمجتمع ما قبل الإسلام. المرأة.. الألم الجاهلي: عند الحديث عن المرأة ما قبل الإسلام تقودك الروايات والذكريات معا إلى حديث عنوانه "الألم الجاهلي والأمل الإسلامي"، لما تنبئك به تلك الروايات من أحداث قاسية ومقابر الموت الجماعي للطفولة النسائية، في مشهد مقزز وصورة سوداء وقاتمة لذلك المجتمع العليل. فكم هو محزن، ومرير ومؤلم ومشين حد الغثيان، أن ترى واقع المرأة ما قبل الإسلام، وكيف كان واقع الإنسانية حينها، وإلى أي حد تمتهن الكرامة البشرية في أبشع صورها، لم تكن المرأة حينها إلا سلعة رخيصة، وجودها في عرف هذه الأجلاف الخشبية معرة لا ينجي منها إلا الدفن الوحشي في التراب، أما إن قدر لها أن تنجو من الموت، فأمامها البؤس وويلات الإذلال النفسي والجسدي، واستهتار بكل الحقوق الإنسانية، فلا مكانة ولا صونا للعرض ولا حتى أحقية للميراث، وكأن الضمير الإنساني حينها قد توقف، وأصابته العوائد الجاهلية الظالمة في مقتل، وقد كان غريبا أن يمتهن الإنسان من كانت سبب وجوده للحياة ومن رعته أيام الطفولة واحتضته في دفء الأمومة، إن هذا لشيء عجاب. .. وأمل إسلامي.. ولما ظهر الإسلام في الجزيرة العربية داعيا إلى احترام الكرامة الإنسانية "ولقد كرمنا بني آدم" وذاع أمره بين الناس، كان ذاك المجتمع الغارق في ضلالاته وغيه يسخر من ذلك النداء الإنساني، لما قد تعوده إنسان ذلك المجتمع المريض من امتهان للنفس البشرية وفي مقدمتها المرأة، ومرد تلك الإشكالات الاستعلائية يعود إلى تلك الثقافة المتوارثة جاهليا، حيث كان وأد الطفولة النسائية نهج عوائدي لا تنكره طباع هؤلاء، وهو أمر أنكره الدين الإسلامي، وتوعد أصحابه في نص قرآني إنساني بديع: "وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت"، وقبل هذا صور القرآن الكريم حالة الانهيار والسقم التي يعيشها هؤلاء القوم حين يكون المولود أنثى "وإذا بشر أحدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب.." وذلك أسلوب تهكمي رفيع من واقع هؤلاء البئيس. وقد سعى الإسلام إلى تغيير تلك العوائد المجتمعية الذكورية، فتوالت التشريعات المجسدة لحقوق المرأة وجعلها النصف الآخر الذي لا غنى للمجتمع عنه "استوصوا بالنساء خيرا.." وهو نداء يكشف عن عناية الإسلام بالمرأة واستيائه من الحالة الجاهلية الموروثة، ومن تلك اللحظة بدأ المجتمع يشهد تغييرا لتلك العوائد، وعاد الوهج إلى المرأة بعد عقود الجمر التي مرت بها. وقد أصاب الندم بعض رجالات القوم بعد إسلامهم، وقد كانت حادثة عمر بن الخطاب مع ابنته إحدى تلك القصص المذهلة والمروعة، حيث ظلت لزمن طويل تقض مضجع عمر، وتجعله يذرف الدموع حسرة على تلك الفعلة الشنيعة، لم تكن لعمر تلك الإنساية حينها وهو يهيل التراب على ابنته التي كانت تدفع الحصى عن لحيته، لكنه مشهد ظلت ذاكرة الفاروق رضي الله عنه تذكره بعدالإسلام كما دونته صفحات ذلك التاريخ الأسود. وقد اهتمت الرسالة بتمكين المرأة من حقها، من الطفولة وحتى الممات، فصدر تشريع إلهي يجرم الوأد بكل أشكاله "ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق.." وآخر يمنح المرأة حقوقها الاجتماعية والسياسية والمالية، وجعلها الوصية على البيت في مسألة الحضانة، ودعاها إلى الستر والاحتشام، وحرم الاستغلال القذر لعاطفتها والامتهان الوحشي الذي كان يمارس عليها قبل الإسلام " ولاتكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن اتحصنا لتبتغواعرض الحياة الدنيا.." وتوج ذلك التكريم والتبجيل بسورة قرآنية سماها سورة النساء، تتحدث عن حقوق المرأة ورؤية الإسلام للمرأة وللأسرة المسلمة بشكل عام، وهو أعظم توثيق وتأكيد على الإطلاق لحقوق المرأة في المجتمع الإسلامي. يتواصل..
|