العفو شيمة المسلم/ميمونة بنت سيدي |
السبت, 12 أبريل 2014 10:35 |
[1]. قال تعالى:[وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةٌ وَلَا السَّيِّئَةٌ أَدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنٌ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهٌ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهٌ وَلِيٌ حَمِيمٌ]العفو شيمة كريمة، وخصلة جليلة حري بالمسلم التحلي بها، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم آية في الحلم والعفو، وتعبر سيرته ومواقفه عن حلم لاحدود له، فلنقرأ موقفه في فتح مكة حين مكنه الله من قريش الذين ءاذوه في بداية الدعوة أشد الإيذاء، فخاطبهم قائلا:(ماترون اني فاعل بكم؟ قالو: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم: أذهبوا فانتم الطلقاء....)، عفى عن من أخرجه من داره وأرضه وموطن أجداده، إنها قطرة من بحر عفو من بعث رحمة للعالمين تقدم مثالا لأمته لتقتدي به.
وقد جاءت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم داعية إلى العفو والحلم:(من كظم غيظا وهو قادر أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يزوجه أي الحور يختار)[2].
وقد نوه الله عز وجل بأهل الحلم والعفو ووعدهم بجنة عرضها السماوات والارض في قوله تعالى:[وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهٌ يٌحِبُّ الْمٌحْسِنِينَ][3].
والعفو والحلم عن الأصدقاء والأحباب فضيلة، خصوصا في زمن قل فيه العفو،
إذا ما خللي ساءني بعض فعله ولم يك فيما ساءني بمفيقي صبرت على ما كان من سوء فعله مخافة أن أبقى بغير صديقي ويحكى أن الخليفة العباسي المأمون جلس يوما يتغدى فجاءته جاريته بالماء لغسل يديه فسقط منها إبريق الماء على الخليفة فابتلت ثيابه فنظر إليها نظرة غضب فبادرته الجارية قائلة:[وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ]، فقال المأمون اذهبي فأنت حرة لوجه الله، ويعرف عنه قوله: "لقد حبب إلي العفو حتى خشيت أن لا أثاب عليه".
ومن وضع نصب عينيه أن الإنسان بطبعه خطاء هان عليه تتبع العيوب والعثرات، وسهل عليه العفو والحلم مع البشر، إذا كنت في كل الأمور معاتبا صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه فعش واحدا أو صل أخاك فإنه مقارف ذنب مرة ومجانبه إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفوا مشاربه ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معائبه
ليكن العفو شيمتك حتى تكون متبعا لسنة نبيك الذي كان العفو سجيته صلى الله عليه وسلم.
[1] سورة فصلت، الآية: 34. [2] رواه مسلم. [3] سورة آل عمرا، الآية:134. |