للكبار فقط..[الاختلاط]/أحمد سالم ولد زياد
الأحد, 20 أبريل 2014 00:47

الأستاذ أحمد سالم ولد زيادالأستاذ أحمد سالم ولد زيادتظل الريبة هي الحاضر الأبرز والأصل في العلاقة بين الرجل والمرأة؛ والإستثناءاتُ تظل مكرسة للقاعدة، ومحدودة جدَّا لدرجة أنها لا تشوش إلا على مشوش، ضعيف الفهم، مرتبك المفاهيم…

لستُ أدعوا للفصل الحجْري المتحجر بين الرجل والمرأة.. كما شهدته وتشهده مجتمعاتٌ عربية أخرى..

لكنني لن أغض الطرف أيضا عن حالة منفلتة من الإختلاط.. ضرت المجتمع في الواقع والافتراض.. ولن تفلح مغالبة الطبع ومعاندة الطبيعة البشرية..

وإن الطبيعة المخلوقة؛ لهيَ مثلنا نحن المخلوقون البشر، محكومة بآيات كونية منظورة، كما حُكمنا وتُعُبِّدْنا نحن بآيات قرءانية مسطورة.. غالبة فلا تغلب.. قاهرة فلا تقهر….

يستطيع البشر فهمها فهما تُعُبِّدُوا به أزلا.. وأن يستقرؤُوها ويكتشفوا قوانيها، فالطبيعة مسخرة لهم، مذللة، بسيطة، فراشا، ومهادا، وأوتاد..

كما اكتشفَ الأولُ كيف يزرع بذرة التفاح؛ اكتشف المتأخر من التفاحة: قانون الجاذبية.. ودنْدَنَ العقلاءُ حول التناسب والنسبية من لدن لقمان؛ ليحدد الحداثيون النسبة بين النِّسبْ، والنَّسَبَ بين الأشياء.. واكتشفوا قانونها على يد إنيشتاين.

فكما أن الذي أوقد الجذوة الأولى لم يخلقوها؛ فحامل المشعل اليوم؛ يعرف أنه :ورث الأرض عن مخاليقَ سبقوه، وسيوَرِّثُها هو ذات موتٍ لوَارِثيه.. وإن كان البون بين بين الجذوة الأولى والقنبلة النووية بعيد؛ إلا أنه قريب لمن أمعن النظر، واخترق الحجاب الحاجز من بهرج وألون وتَشَدُّقِ منتصرٍ مغرورٍ بزينة الحياة الدَّنِيَّةِ الدُّنْيَا..!

يظل الإنسان : متطاولا في البنيان؛ يجسر الجسور، ويشيد القصور، ويرفع السدود.. في جسارةِ قاصرٍ غير سديد..

وحين يشعرُ الكوكبُ الجمادُ؛ أن آية الجاذبية وميزان معادلتِها طَفَّفَ فيه الإنسان؛ تهتز وتضطرب زلزلةً تعيدُ الأمور إلى نصابها، ليحافظ الكوكبُ على دورانه، في قدرٍ معلوم.. وإلى قدرٍ معلوم..

وقد تمتد الحمم البركانية؛ لتعدل كفة مائلة.. فتزيد من حجم جبل داعمة لوتدٍ.. أو تضرب رياح هائجة بمعول إعصار؛ على يدٍ متطاولة في البنيان، لتنبه الإنسان.. لكن الإنسان؛ كلمة اشتقت من النسيان على غير قياس.

هناك مصلحة راجحة؛ يراها الإنسان؛ فيسد الطريق على السيول، ليعمر الأرض ويزرع السهول.. لكن الطبيعة؛ مستخلفة هي أيضا ومحكومة بقانونٍ، وقد لا ترى مايراه الإنسان؛ فيضرب السيلُ العرمُ؛ السور الماثل كالسِّوار.. في سورة غضب، لتلقيه في سلة النسيان.. وإن كانت عادُ الأولى بعيدةً منا.. فليستْ سدودنا المتهالكة منا ببعيد.

سيظل هذا الإنسانُ مهما تطور؛ خاضعا لنقاط ارتكازه الأربع :الدماغ محل العقلِ؛ والقلبُ محل العاطفة؛ وشهوة البطن؛ وشهوة الفرج… يرفعه العقل والقلب والروح والرسالة السماوية.. إلى مصاف الملائكة؛ وتقعدُ به الشهوتان والنفس والشيطان إلى درك الحيوان..

وكما أن النساءَ حبائل الشيطان حين يُعدُّ العدَّةَ لإغْواءِ الرجل؛ فالشيطان نفسه يتبرأ من الرجل حين يوغلُ في الغِوَايَةِ، فالرجل من حِبَائِله الشيطانُ والدرهم والدينار والمنصبُ واللسانُ الفصيح… فهو يسخرُ كُلَّ عقله الذي اكتشف كلَّ هذه المخترعات؛ ليصطاد قلبَ امرأة مسكينة.. تحلم بالحب وتعيش على العاطفة وتعرف كيف تضحي..

في أربّا وأمريكا شعوب تظنها متقدمة، وإنها لكذلك؛ لكنها تقدمت في أشياء.. فأعماها تقدمها فيها؛ عن إدراك تأخرها في أشياء أخرى.. فتشابه الخلق عليهم.

لقد ارتقوا في كثير من أبواب الأخلاق.. من صدق ونظافة وحب للعدالة، وسعي حثيث فيها وإليها -على دخلٍ- وأحبوا الجمال وتغالوا فيه..

وقصروا في أمور خطيرة كثيرة، وليسَ من العقل عدُّ الصغائر؛ وقد انتُهِكتْ كبرى الكبائر :الشركُ بالله؛ وعقوق الوالدين؛ والزنا بحليلة الجار؛ وزوجة المغيبِ؛ وزنا المحارم؛ واللواط؛ وقتل النفس بغير حق….

إن هذه المنكرات الأخلاقية؛ نَقْصٌ بشري، جاءت الدياناتُ لإكماله وتتميمه. فيوم بعث محمد صلى الله عليه وسلم؛ كان البشر في جاهلية جهلاء.. وجهالة مطبقة عمياء.. وفترة من الرُّسُلِ؛ نتجَ عنها تقصير تام في المقصد الأصلي من الخلقِ :عبادة الله، واستشرى وانتشر الشرك في عبادالله عُبَّادِ الأصنام.

ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إنما بعثتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخْلاقِ. فالتتميمُ لا يكون لمعدوم.. والمنعدم حينها هو الدين، وإن كان الدينُ حسنُ الخلق.. لكوْنِ حسْنِ الخلقِ مؤدٍ لتمام الدين، وليس ينوبُ حسن الخلق عن الدين؛ ولا يصح دين بلا خلق.

فانتشار الكذب فينا معاشر المسلمين وندرته في الغربيين؛ ناتج عن نقص في بشريتنا جاء الدين ليكمله؛ يقابله تمام في بشريتهم مهما كانَ فلن يعوضَ الدين.. وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث أخرجه الإمام مسلمٍ عن أمِّنا عائشة، قَالَتْ : قُلْتُ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنُ جُدْعَانَ ، كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ ؟ قَالَ : لَا يَنْفَعُهُ ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا : رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ " .

وبعد إيغال وبعدٍ في النجعة؛ سألتقط أنفاسي هُنَيْهَةً؛ وأعطف الكلام عودا على بدء، لأقول : حتى المجتمعات المتقدمة المنادية بحقوق المرأة؛ ومهد تحررها المزعوم؛ لم تستطع أن تحميَ المرأة حتى اليوم؛ من براثن الإستغلال وحتى في أرقى صروح المعرفة :الجامعات.

لا تزال الريبة بين أولي الإربة من الرجال والفاتناتِ من النساء.. هي المسيطر الأبرز على المشهد.. فلا قانونَ يمنعها، ولا سلطة تردها.. الكل مشارك في الجرم المعرفي؛ فالأستاذ يستغل نفوذه؛ والطالبة تستغل نفوذَ سحرها إلى قلب الأستاذ، فيسقط الجميع في وحل الشهوانية الهمجية.

ليست جامعاتنا واجتماعاتنا وحفلاتنا الإجتماعية أحسن حالا من واقع الغرب… ولستُ أقول هلكَ الناس، ولستُ أدعو بالويل والثبور.. ولا أحبُّ إشاعة الفحشاء.. ولا هتك ما استتر..

لكن احتراما لآيات الله المسطورة والمنظورة.. أذكر نفسي والجميع؛ بأخذ الحيطة والتزام الحذر.. من مغالبة قدر لازب وطبع غالب، فطرنا الله عليه، ليحفظ النوع البشري..

فالشيطان يصيد الرجال بالنساء؛ كما يصيد النساء بالرجال، وطبعُ كل جنس مائل للجنس الثاني مفتتن به.. ابتلاء خلقنا له، وتمحيص قدره الله علينا..

ولكم شكى واشتكى الدعاة؛ من فتن تعرضوا لها في محاضراتهم الوعظية؛ ودروسهم التعليمية..

قد يستغربُ البعض؛ وقد يأخذها المغرضون مثلبة للعمل الدعوي.. لكن لا غرابة في الأمر.. فالأصل بين الرجال والنساء الريبة.. يفتن بعضهم بعضا.. وأشد الناس ابتلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم…. وقد ابتلي يوسفُ بالنساء.. ومازال الصالحون يبلون بالنساء، من لدن جريج، إلى يوم الناس هذا.

وقد يتحكم الشيطان في امرأة فيلبسها؛ لتفتن داعية؛ وإن تذرعت له بالزواج.. وزينت له زواج السر..

سألتُ أحد الإخوة، عن دروس دعوية تركته مواظبا عليها، استفادت منها نساء كثيرات، حتى أن منهنَّ من أجازها هو في بعض القراءات.. فأكد لي أنه تركها خوفا على نفسه ودينه وبيته.. وأنه تعرضَ بسببها لفتنٍ لا قبلَ له بها؛ حتى أن منهن من هددته بالسحر إن هو لم يتزوجها..!.

قال :بينما أنا في حيرة من أمري؛ إذ لقيتُ رجلا صالحا؛ فكلمني على الخاطر.. وحذرني من الدروس النسائية.. المفضية إلى فتنٍ عظيمة..!.

فانقطعتُ عن الدروس، وكلفتُ بعض الأخوات بها… وقد توقف أغلبُ تلك الدروس اليوم.. وإنَّا لله وإنا إليه راجعون.

والمقالة عودة للكبار.. فللحديث للكبار نكهة خاصة..

والسلام عليكم.. كبارُ.. ورحمة الله وبركاته.

 

للكبار فقط..[الاختلاط]/أحمد سالم ولد زياد

السراج TV