الرضى باب الله الأعظم/ميمونة بنت سيدي |
الاثنين, 28 أبريل 2014 10:17 |
يعتبر الرضى من أهم الصفات التي ينبغي لكل مسلم أن يحرص على الاتصاف بها، فهو صفة تجعل صاحبها يعيش بسلام وطمأنينة في الدنيا وفوز في الاخرة. ولذالك فإن الانسان عندما يستشعر أهمية الرضى يستقبل كل قضاء وقدر بصدر رحب، كما يتقبل من الآخرين كل إساءة بقلب مؤمن مسامح، وما أحسن وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي طلب ذلك: (لاتغضب) والغضب عكس الرضى. وقد سئل بعض الحكماء عن الغضب فقال: إن الغضب يقدمك يوما إلى الشيخوخة، وقد قال ابن القيم في الرضى: (الرضى باب الله الأعظم وجنة الدنيا وبستان العارفين)، وإذا تمعنا في هذه الكلمات نلاحظ انها جمعت ميزات كثيرة يسعى كل واحد منا للوصول إليها، فالرضى يجعل الإنسان يتكيف مع مختلف الظروف والمواقف بكل حزم وسرور فلا يعترض على قدره ولا عيشه و نصيبه في هذه الدنيا لأنه هيأ نفسه أصلا لكل المواقف وتوقع من الله الأجمل في الدنيا والاخرة، ووضع الخلق في مواضعهم لا يحاسب اللئيم على إساءة ولا يرجوا من الكريم نوالا فهو متجه إلى الكريم المجيب برضى يجعله يشعر وكأن كل ما كتب له خيرا وهو خير فعلا، فالمولى جل وعلا لا يكتب لعباده إلا كل خير حتى وإن كان في ظاهره بعض الشر، ألا ترى قصة موسى والخضر ؟ أليس خرق السفينة وقتل الغلام وإصلاح الجدار أمورا رأى نبي الله موسى عليه السلام في ظاهر بعضها شرا؟، ولكن الخضر بين له أن تلك الأمورماهي إلا نعم ومصالح، ماعلى الإنسان إلا الرضى واليقين بأن ما كتب له سيدركه وما لم يكتب له لن يصله مهما قال أو فعل، قال تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولانا). وقد ثبت ان الرضى إلى جانب كونه عبادة يساعد في صحة الإنسان لأنه يطرد القلق والوساوس التي تعكر صفو الحياة، يقول الدكتور ابراهيم الفقي رحمه الله: ( عش برضى، عش كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك، عش بحب الله، عش بحب الخير للناس وقدر قيمة الحياة،............)، وهذا هو عين الرضى، وما أجمل قول الشاعر مصطفى حمام: علمتني الحياة أن أتلقى كل ألوانها رضى وقبولا ورأيت الرضى يخفف أثقالي ويلقي على المآسي سدولا والذي ألهم الرضى لا تراه أبد الدهر حاسدا أو عذولا أنا راض بكل ما قسم الله ومسد إليه حمدا جزيلا لست أخشى من اللئيم أذاه لا ولن اسال النبيل فتيلا فسح الله في فؤادي فلا أر ضى من الحب والوداد بديلا وهكذا يبقى الرضى كفيلا بتحقيق السعادة الحقيقية للإنسان في الدنيا والآخرة، فهو حقا كما يقول ابن القيم: باب الله الأعظم وجنة الدنيا وبستان العارفين.
|