معايير الكفاءة الزوجية في العرف الموريتاني/د.الشيخ التراد ولد محمدو |
الاثنين, 05 مايو 2014 01:10 |
ومما هو واضح أن الإسلام وضع معايير للاختيارات الزوجية في مقدمتها الدين والخلق لأنه بهما ستحمى الأسرة كيانها وعرضها وبنيانها من الانهيار في وجه العواصف. ولعل الفتاة الموريتانية أكبر متضرر من هذه التقاليد العتيقة، حيث تسود داخل المجتمع الموريتاني ظاهرة "العضل" بشكل كبير أو ما يعرف محليا "بِآمْسِكْرِ" نتيجة بعض الاعتبارات الضيقة لمن تئول إليهم مسئولية حق التزويج، في استعمال واستغلال تعسفي للحق غير مفهوم، بل إن الفتاة تظل فريسة وبضاعة لكل رأيه فيها، فذاك يريد سليل النسب، وهذا لا يرى شيئا غير الأدب، وآخر يرى المال مطلبا مستحبا، وبين هذا، وذاك، وذلك، تضيع أحلام الفتاة، لتتحول حياتها إلى جحيم وأحلامها إلى كوابيس، وتظل نظراتها متشوقة إلى قادم جديد أو خاطب على الأصح يحظى بأغلبية داخل "البرلمان الأسري". وهكذا تظل الكفاءة الزوجية كما قال الشنفرى : "طريد جنايات تياسرن لحمه"، كل يرى الكفاءة بمنظاره الشخصي وميزانه القبلي، والواقع أن كثيرا من العادات الاجتماعية أخذت تفرض قيودا شديدة على كل طارق جديد لباب الأسرة، بينما اتجهت فئات أخرى إلى تحرير الأسرة الموريتانية من ضغط تلك القيود وتلك الظواهر غير الرصينة
ولعل ما تشهد بعض المحاكم من مشاكل وخلافات أسرية طاحنة خير دليل على ذلك، فأكاد أرجع هذه الخلافات في أغلبها إلى مراسيم الانطلاقة الأولى التي لا تسلم عادة من العثرات المميتة، هذا ما يذكره أيضا الكثير من القضاة من رؤساء محاكم ومستشارين، ومهتمين بالنظام الأسري في موريتانيا، وهذا ما تعرضه صحافة الأحداث اليومية في مشاهد اتراجيدية حزينة تهز كل ضمير حي. فلا سبيل إلى الطهر ولا إلى الاستقرار النفسي والأسري إلا بالعودة الفورية إلى النظرية الإسلامية الاجتماعية، ولعل ظاهرة التفكك الأسري العصية في موريتانيا أكبر دليل على ذلك حيث لا زالت الظاهرة تحصد وتودي بمسيرة المئات من الأسر الموريتانية، مسببة لها أكبر معاناة ونهاية مأساوية لمشروع ظُنّ يوما أنه مشروع العمر الذي يراود أحلام الكثير من فتيات موريتانيا، وفي غفلة من التاريخ تحول الحلم الكبير إلى كابوس وشبح يطارد مخيلة الأسرة الموريتانية واعتقد أن تقارير الأسرة شواهد على صدق ما أقول، وعند جهينة الخبر اليقين.
|