أخي الداعية : نفسك أولا/ميمونة بنت سيدي
الثلاثاء, 20 مايو 2014 16:03

altaltلا يخفى على أحد أهمية دعوة الناس وتوجيههم بالنسبة لأي مسلم وخصوصا إذا كان داعية يسعى لإرشاد الناس وإصلاحهم ولكن عليه أن يجعل لنفسه وأهله نصيبا من هذه الدعوة حتى تعود بالخير على المجتمع كله.

فعلى الداعية أن يعلم أنه يقوم بعمل جليل}ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين{[1]  

ولكن عليه أن لا ينشغل بالناس عن نفسه وأهله قال تعالى:}أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم{[2].

 

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: )كيف يليق بكم وأنتم تامرون الناس بالبر أن تنسوا أنفسكم مع ما تعلمون في الكتاب مما وعد به المقصر في أوامر الله([3].

ليسأل كل داعية نفسه كيف حاله مع نفسه؟ كيف حاله مع أهله؟

إن انشغال الداعية بالدعوة والأمر بالخير لا يبرر له عدم العناية بنفسه وأهل بيته، فأمر الناس بالبر أمر مطلوب، وإصلاح النفس والأهل أمر مطلوب أيضا وبقدر أكبر يقول ابن كثير: )إن الذم الوارد في قوله تعالى أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ... ليس المراد منه أمر الناس بالبر بل المراد منه نسيان النفس فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب لا يسقط أحدهما الآخر([4].

والعمل مع النفس يحتاج إلى جهد متواصل[5] وقوة تدفع صاحبها للاستمرار في تربية نفسه وتزكيتها وإشعال جذوة الإيمان فيها لكي يجعلها تدرك حقيقة وجودها في هذه الدنيا وتشمر إلى الطاعات وتسابق نحو الجنان تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي قالت عنه عائشة:(من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه غاديا رائحا لم يضع لبنة على لبنة ولكن رفع له علم فشمر إليه)[6].

وعلى الداعية أن لا يكون شمعة تضيء للناس وتحرق نفسها، ويؤكد مصطفى صادق الرافعي على هذه المسالة فيقول: (إن الخطأ الأكبر أن تنظم الحياة من حولك وتترك الفوضى في قلبك)[7].

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون: ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: بلى، قد كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)[8].

وخلاصة القول أن على الداعية أن يحقق التوازن في حياته وفي أدائه للواجبات المختلفة وأن تكون دعوته متكاملة بين نفسه وأهله ومجتمعه...، ففي وقت الصلاة عليه أن يكون في الصفوف الأمامية في المسجد، وفي وقت السحر يكون مستيقظا يصلي ويستغفر، وفي وقت العمل يكون مجدا في عمله مجتهدا في أدائه، وفي بيته يهتم بأهله وبما يصلحهم، ويشتغل بالدعوة كأولوية عنده وكأنه متفرغ لها.

وهكذا فإنه لا بديل عن التوازن بين الدوائر (الثلاث النفس والأهل والناس) إذا أراد الداعية أن ينجح في مهمته التي أستخلفه الله في الأرض من أجلها، وعليه أن يجعل نصب عينه أن يصلح نفسه وذويه قبل غيرهم من الناس حتى تكون دعوته ناجعة إذا وجهها لمن حوله.

[1] سورة فصلت، الآية: 33.

[2] سورة البقرة، الآية: 44.

[3] ابن كثير، تفسير القرءان، ج1، ص73 74.

[4] ابن كثير، تفسير القرءان... ص74.

[5] مجدي الهلال، مهلا اخي الداعية، دار النشر الإسلامية، 2004، ص22.

[6] ابن القيم، مدارج السالكين، ج3، ص366.

[7] مصطفى صادق الرافعي، وحي القلم، ج2، ص42.

[8] متفق عليه.

أخي الداعية : نفسك أولا/ميمونة بنت سيدي

السراج TV