الأربعاء, 15 أكتوبر 2014 17:23 |
إننا دعاة اليوم كدعاة الأمس ، لا يستقيم لنا أمر إلا بما استقام لهم من طلب رضوان الله عز وجل في كل صغيرة و كبيرة ، في المنشط والمكره ، فيما يحبونه ويرضونه ، وفيما يكرهونه ويبغضونه ، سواء بسواء .
و اتباع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أقر أقروا ، أو قال قالوا ، أو عمل عملوا ، حتى إشاراته ـ صلي الله عليه وسلم ـ كانت أوامر لا تعصى ,قال صلى الله عليه وسلم : ( ... نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل... ) ، فما ترك قيام الليل .
ثم كانت لنا هذه التوجيهات التي تركها لنا أئمة الدعوة ، ودعاة العصر ، استقوها أول ما استقوها من كتاب الله ـ عز وجل ـ وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم ما أمدتهم به تجاربهم اليومية ، ومعاناتهم المريرة.. من أجل إحقاق الحق ، و إبطال الباطل . فكانت لنا ـ هذه التوجيهات ـ قامات سامقة ، وشارات على الطريق ، وظلال وارفة ، نستظل بها كلما اشتد هجير المعركة مع الباطل ، وكلما حرش الشيطان بين دعاة استعجلوا السمت الأول ، أو أغرتهم ظروف مواتية ، فركنوا إلى نوع من الدعة والاسترخاء ، ما كان لآل الدعوة ومن حولهم من ناشئتها أن يركنوا إليه ، وقدوتهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما رؤي إلا مهموما .. ولما نزلت ( يأيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر ) قال ( ..لقد انقضى وقت النوم يا خديجة ).
وإن الواقع اليوم ليتنزل على دعاة العصر بنوع من الآلام والآمال ، يجعل منهم نفرة إلى الجد و الإخبات .. أليق بهم وأجدر .
أولى هذه التوجيهات وأجلها ما أرسل به عمر ابن الخطاب إلى جنده ( ... إن أهم أمركم عندي الصلاة .. )، وأنتم تواجهون العدو يدا بيد ، وأنتم تمارسون عمليا ذروة سنام الإسلام .. إن أهم أمركم عندي الصلاة ، وهي إشارة منه ـ رضي الله عنه ـ أن قوة المؤمن التي لا تقهر، وبسالته الميدانية في متانة وقوة صلته بالله ـ عزوجل ـ ، ويتجلى ذلك في أبهى صوره .. عندما تطهر ثوبك ومكانك و بدنك وترفع بياض يديك مستسلما لله ـ جل وعلا ـ .. ولسان حالك :
من فاته منك وقت حظه الندم ..... ومن تكن همه تسموا به الهمم
وناظر في سوى لقياك حق له ..... بكا جفون له بالدمع وهو دم
والسمع إن جال فيه من يحدثه..... سوى حديثك أمسى وقره الصمم
في كل جارحة عين أراك بها ..... مني وفي كل عضو للثناء فــــــم
فإن تكلمت لم أنطق بغيركــم ...... و إن سكت فشغلي عنكم بكـــــــــم
ولا يزال بك هذ الشعور الرهيب المليح ، حتى تعلنها صراحة أمام الملأ .. الله أكبر...
مستفتحا بتمجيده ، طاردا الشيطان بالاستعاذة ، مستأذنا بالبسملة : لتلج إلى الفاتحة ، ليفتح لك من القوتين النظرية والعملية ـ بعون الله ـ ما ابن القيم به عليم ، وقد سطره لك ب : "الفوائد"، وتتقلب فيها تقلبات صاحب "الرقائق " فيجد عزمك .
ثم تقرأ ما شئت من كلام ربك ، فلا تزال بك إيقاعاته وإيحاءاته فضلا عن معانيه وما تقدحه في حسك من عظمته . . حتى لم تعد قدماك قادرتان على حملك ، فتنعطف بوقار ولطف بيديك على ركبتيك لعلها تسعفك ، وتنحني بمصليك مقدرا معظما، ولن تزال تلهج بمعاني التعظيم وتكررها ، حتى تكبر في نفسك وتعظم لانتسابك للعظيم ، فتنهض مرفرفا بجناحيك نحو عليين ، محمدلا بك : ( حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، ملأ السموات وملأ الأرض وملأ ما شئت من شيء بعد ) ، فيبهرك هذ الاتساع المترامي ، فتصغر وتصغر هذه المرة، حتى ليتك ذرة ، فلا يداك وركبتاك تسعفانك ، فتنحدر بهما مقصوص الجناحين مستعينا بجبهتك وأنفك وأقصى قوة للجاذبية ( ملتصقا بالأرض )، عل كل هذه القوى تمكنك هنيهة من : "سبحن ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى ... " .
وفي التشهد والجلوس له ، والسلام .. معاني لمن صلى وهو شهيد ...
أما ما تمد به الجند من قوة روحية وعقلية وبدنية ففي حديث الثلاثاء للإمام الشهيد ـ رحمة الله عليه ـ ما يفيدك .
ثم ارجع النظر مرة أو مرتين إلى : " الدقائق الغالية" فقد كفاك صاحبها مؤونة البحث عن رقائق الأولين ، و في مجلدات " وحي القلم" . وإن اقتنيت "قناديل الصلاة" ألفيت نفسك من المصلين ، على حد تعبير أحد الدعاة حين قرأه.. فقال ما معناه : (ما صليت قبلها ... ) .
هذه نافلتك .. أما الفريضة فقد كفانيها رب العزة والجلال ، حين قال : (...فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ... ) . نقلا عن صفحة نحند الزين آل الدعوة على الفيس بوك
|