شفرة ومفتاح/سيد محمود ولد الصغير
الأربعاء, 29 أكتوبر 2014 11:06

مع كلِّ إشراقة شَمْس تسْكبُ الحياة بخاطرك معنى جديدا يتكاثـَفُ مع الأيام لينقش دروسا وحقائق بمداد الزمن على صفحات النفس، ومن الدروس التي ما زالت تُلَقِّنُك إياها الحياة
منْذُ بعضِ الوقْتِ: أن كل شيء في هذا الكون بمِقْدَارٍ؛ مقسَّمٌ بين الناسِ بعدالة كاملة.

فأنت حينَ يتملَّكُكَ الإعجاب المُفْضي إلى العشق منْ موقف أو شخْص أو فكرة، بحيثُ تضعُ بصماتها على فكرك وتمتَدّ يدُها لتُصَرِّف بك مقود الحياة وأنت مُنْتَشٍ مسرور رُبَّما تُصْدَمُ أوتَنْدهشُ حين تَقذِفُك الأقدار أمام منْ لا يُقِيم لهذا الَّذي يُبرِّح بك أيَّ وزنٍ، ولا يمنَحُه أيَّعْتِبَارٍ، وكلَّما اتسَع بك نطاق الإدراك وتعاملت مع أصناف واسعة من الناس؛ أحسست بأنْ ليس في الأمر ما يبعث الحَزَن؛ فإن عالمَ نفوس البشر المكتُومَ عالم رهيب، ليس أقل اختلافا ولا تنوعا ولا تناقضا من عالم دنياهم الشَّاخصةِ للعِيان ..
وقد كان لنا أستاذ مغربي إِبَّان الدراسة الجامعية قدس الله أيامها شديدَ الاقتدار على التمثيل خِدْمةً لرؤاه الفكرية ومعانيه التربوية، وكانت له هذه العبارة العميقة رغم بساطتها الظاهرة كلَّما واجهه مشهد لا يروق له: (البشرْ أنواعْ ) هكذا ينطقها بإشباع ألف المد في كلمة أنواع، مُضْفيا عليها من حركاته الماتعة الموحية جوّا من المرح كبير الأثر في توصيل مُبْتغَاه.

وأحسَبُ أن كلمة أستاذنا – طيَّب الله ذكره- تمثل "مفتاحا" أصيلا لعدد غير محدود من " شِفْراتِ " النَّفس الإنسانية الشَّديدة التعقيد، خليقٌ بك استصحابه في مئات المواقف التي تمُر بك على قارعة الزمن، حتى تضمن لنفسك التوازن والقدرة على التصرف عند مواجهة ما لا تتوقعه من البشر: من أفكارٍ عبقرية أو ساذجة، وسلوكٍ شائق أو غريب، ونفسيات سمْحةٍ أو معقَّدة!

لا تندهش بكرمهم الغامر، أو بخلهم القميء، أوذكائهم الخارق، أو بلادتهم اللازِبَةِ، ولا تهولَنَّك منهم أنَاةُ حليم، ولا خِفَّةُ طائش، ولا همَّةُ شُجَاع، ولا خور جبان ..
ولا تنس نفسك أمام قدراتهم المدهشة على الإثارة، أو الإمتاع، أو ترويض المخاطر أو اكتشاف المجهول، أو الإلقاء باليد إلى التهلُكَةِ
ولا ندْعوك لتبلـُّد الإحساس بأي حال، اللهم إنَّا لا نريد !
كلُّ ما عَلَيك: أن تشق طريقك وسط الزحام، وتصاحب من يشاكلك وتحتفظ بهدوئك الرزين وتبني صورتك كما تشاء وتخطــُوَ باتجاه الغد " الكبير"– كما تريده أن يكون - فقد بدأ يومك منذ زمن.
ثم سبِّح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب.

                                      نقلا عن صفحة الكاتب على الفيس بوك

شفرة ومفتاح/سيد محمود ولد الصغير

السراج TV