الطائفية.../أحمد ميلود
الاثنين, 03 نوفمبر 2014 13:56

الطائفية، بغيضها و قميئها و غريبها... أشياء كثيرة، لا تعرف و لا تصدق...

في موريتانيا، عندما غادرتها لم تكن في مخيلتي طائفية ولا مشكلة مع طائفة.
كانت سنية.
كنت على علم بوجود الشيعة في فضاء الله الواسع.
كنت أراهم طائفة من طوائف المسلمين.
لم أعرفهم قبل ٢٠٠٥، ولم أتعامل معهم.
عرفنا من خلال الإذاعة مواقف حزب الله، وإيران وتعاملنا معها في سياقها.
في فترة من الفترات ما بين ٢٠٠٦ و ٢٠٠٨، كنت نائبا، ثم رئيسا للمركز الإسلامي في وايومنغ. وكانت غالبية المنتسبين و الزائرين للمركز من الطلاب و أسرهم.
وكان قد أتى فيما أتى من نفحات منح الخارجية الأمريكية و السعودية المشتركة طوائف من المبتعثين من إخوتنا من السعودية. وكان فيهم الشيعي و السني.
ككل المؤسسات الدينية في بلاد علمانية تكون بيوت الله مجرد خيار من الخيارات المتاحة الأخرى، بما فيها حفلات الطلاب، الإعتكاف في المختبرات أو المكتبات، أو الإرتواء من الصهباء في الخمارات، أو الرقص في النوادي، وغير ذا مما تجمعه بلاد العم السام و غيرها من بلاد الدنيا الأخرى.
طبعا لم يكن نصيب المسجد بالمقارنة أسوأ من نصيب الكنائس، بل إن معظم الكنائس في المدينة كان ما بين من أغلق، ومن هو في طور الإغلاق ومن يستجدي، لكي لا يفلس.
و المسجد نفسه كان كنيسة بيعت لإفلاسها.
بل كان المسجد أحسن حالا، فيندر أن يكون وقت صلاة إلا كان فيه واحد أو إثنان أو نفر.
حينها كان من مسؤولياتي وغيري من جماعة المسجد تحبيب الشباب في المسجد، و العمل على أن يزوروا المركز الإسلامي، للصلاة، للإجتماعات، وحتى لشرب الشاي و القهوة، و بعض أعمال الترفيه المباح الأخرى.
في ذلك الوقت كان الإخوة من الشيعة يتهيبون المسجد وقد وجدوا في كنيسية مأوى لهم يصلوا فيه. وهذا أمر علمت به وأنا أحادث أحدهم، حين قال أنهم يشعرون بالحرية أكثر فيها.
فأصابني العجب. لكن سرعان ما سيبطل العجب.
أقنعت أخي وإخوته من الشيعة أن يجمعوا أمرهم وأن يغيروا قبلتهم إلى حيث المركز الإسلامي، وأن يصلوا معنا، جماعة أو أفرادا، أو يصلوا لوحدهم مهما راق لهم، على أن لا يكون في الصلاة ما ينافي ما تعورف عليه في الصلاة، من الخشوع و الركوع و السجود وتلاوة القرآن، وعلى أن يقوموا ببقية طقوسهم الشعبية، أو الثقافية، فيما لا تصل فيه اليد بضرب للظهر، و لا بلطم للخد... في أجزاء المركز الأخرى. فأتفقنا، و كان في الإتفاق أن لا مشكلة ولا مشاحة في تربتهم، أو ما يعدلها من الكلينكس أو غيره.
لم يلبث أن جائني من يتسآل كيف أتى هؤلاء وما أنا فاعل في أمرهم. فقلت له إنني إتخذت إجراء إستشرت فيه المكتب فوافقوا على أن أكون أنا من يتحمل المسؤولية.
ثم لم تلبث أن أتت أعيادهم، فبدأ الخلاف و النقاش، و المراجعات، و الصراعات.
ثم أتت بعد ذلك الهجمات علي تتلى، بأنني من المبتدعين، ومن غير المستنين بسنة أحمد، و أنني لا أعرف التاريخ و لا الجغرافيا، ولا المنطق، و لا الرياضيات.
بقيت حتى غادرت المسجد طواعية، إستقالة، على أن لا تثريب على الشيعي يصلي في مسجدنا، ولا مضايقة له يعمل معنا، وقد تطوع منهم الكثير في تجديد و توسعة مساحات من المسجد بلاء لم يبله غيرهم من أثرياء السنة، ممن كان يوثر بجهده، تربة أخرى غير ترب المسجد.
تعجبت حينها من مستوى الطائفية في المشرق...
و كنت وقتها أحمل أصدقائي من السنة المسؤولية.
بعد أن عرفت الكثير غير ذلك لا أعرف اليوم من أحمل المسؤولية.
لكن الطرفين يتحملان أجزاء منها... و القتل و الإعتداء، و الظلم، و غير ذلك خارج طبعا عن هذا وعلى من بدأه وزره...

                                                           نقلا عن صفحة الكاتب على الفيس بوك

الطائفية.../أحمد ميلود

السراج TV