قال الأستاذ أحمدو جدو ولد احمد باهي إن من الأهمية بمكان معرفة حقيقة التقوى ومعانيه وأسبابه حيث جعله الله الحكمة من فرض الصيام على عباده موضحا أن التقوى مشتقة من الوقاية والتحرز فهو صفة تجعل المسلم يتحرز من عذاب الله وغضبه أو ينقص حظه عند الله. والبعض يقصر التقوى على ترك المحرمات كما في الحديث :"اتق المحرمات تكن اعبد الناس " مع أن التقوى امتثال واجتناب فالنهي عن المحرمات حتى لا تعيق طاقة الإنسان إلى الخير.

وتوقف الأستاذ احمد جدو أمام العشرات من رواد منبر الذكر مساء اليوم الجمعة بتنسويلم في تعريف التقوى مع ما ورد عن علي بن أبي طالب رضي عنه من كونها الرضا بالقليل والخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل مؤكدا أن الرضا بالقليل يعني الرضا بالقدر وعدم التسخط والرضا بما قسم الله للإنسان كما أن تعظيم الله واستشعار جلاله سبب في ترك المحرمات والمعاصي،أما يوم الرحيل فهو الموت وذكره حافز للمبادرة إلى الطاعات والتسابق إليها "سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض.." ولفت الأستاذ أحمد جدو إلى أن اجتناب المحرمات مراد كله أما امتثال الطاعات فخاضع لحدود الطاقة والاستطاعة كما في الحديث "ما نهيتكم عنه فانتهوا وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ".

وحول تعريف التقوى أوضح الأستاذ أحمدو جدو أنها قد تطلق على الإخلاص وسلامة القصد "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم .." وهو من باب إطلاق الكل على الجزء وبما يدل على أهمية هذا الجزء ومكانته. كإطلاق الصلاة على القرآن "ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ....

" كيف نحصل التقوى ؟؟

أما الاسباب المعينة على تحصيل التقوى فبين المحاضر إن التقوى كسب وممارسة ودربة يعين الله عليها من يشاء ومن ما يعين عليها:

-العبادة : قال تعالي " ياآيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " فالعبادة سبب لتحصيل التقوى وهي موصولة لحقيقتها وهي منزلة من الخوف والخشية والإتباع يبلغها المسلم بعد مستوى من العبادة والطاعة ويصل إلى درجتها أو مقامها.

-الصيام : قال تعالى :"ياآيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على  الذين من قبلكم لعلكم تتقون "

-إقامة الصلاة : قال تعالي :"أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات .." فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر

-الصبر والاستعفاف عن المحرمات والصبر على واجبات الاسلام. -التفكر والتدبر في ملكوت الله وفي كتابه المكنون وهو عبادة قلبية تزكي الإيمان وتحقق التقوى كما هو الحال في حمل النفس على الطاعات والعبادات حتى يسهل عمل الطاعات وترك المحرمات وهي عبادة موصلة إلى التقوى.

ثمار التقوى

فيما عدد الأستاذ احمد جدو من ثمار التقوى :

-التوفيق والرزق : قال تعالي :"ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب "

-تيسير الأمور وتسهيلها :"ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا" فضلا عن غفران الذنب وتكفيره :"ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا"

-نور في القلب وقدرة على الفهم وحقائق للتفريق بين الحق والباطل " قال تعالى :"ياآيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا .."

-النجاة من أهوال القيامة :قال تعالى :"وننجي الذين آمنوا ونذر الظالمين فيها جثيا "

-دخول الجنة "إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما أيتهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين "

سياقات للأمر بالتقوى جديرة بالتوقف

وفي المحور الأخير تطرق المحاضر إلى ذكر بعض السياقات القرآنية التي جاء فيها الأمر بالتقوى كقوله تعالى :"ياآيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " فهو أمر بملازمة الصادقين في أعمالهم وإخلاصهم والصادقون في حمل رسالة الاسلام .

وكقوله تعالى :"يآيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا " وهو يصدق بشكل خاص حسب المحاضر في رمضان كما في الحديث "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

والقول السديد الصالح الذي يخدم المصلحة والحق ولا يعتمد على الهوى ولا يريد الأذى والبعض فسرها بالأذكار أو شهادة أن لا إله إلا الله .

ومن تلك السياقات قوله تعالى :"ياآيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد .."

ورغم تفسير البعض للغد بيوم القيامة فليس هناك ما يمنع اطلاقه على الغد الدنيوي وما يعني ذلك من ملازمة الاستعداد وعدم التسويق والتأجيل.

ومن ذلك قوله تعالى :"ياآيها الذين ىمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " فالمقصود الموت على الطاعة وحسن الخاتمة والارتباط بالتقوى في كل وقت وزمان كما في الحديث "اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن "

وخلص المحاضر إلى أن التقوى وصية الله للأولين والآخرين وهو معيار الفضل والمكانة عند الله وهو حالة في النفس والشعور وفهم ويقين وإرادة وسلوك