منبر الذكر : في ظلال الآية "فإذا فرغت فانصب" |
الجمعة, 18 أكتوبر 2013 22:14 |
وأمر بالتعاون على البر بين سالكي هذا الطريق كما في سورتي الضحى والانشراح حيث ختمت السورة الأخيرة بقوله تعالى :"فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب.." أي فإذا فرغت من عبادة فانصب لأخرى ، وإذا انتهيت من عمل صالح فانصب لأخر ومن هنا تكرر في القرآن الكريم الحث على الذكر والاستغفار دبر الصلوات وفي أعقاب العبادات. وهو ما تجسد في سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم فكان يذكر الله ويسبحه دبر الصلوات " وقد وصف الله المتقين بالمستغفرين في الأسحار. وتناول المحاضر ولد المصطفى أمام العشرات من رواد منبر الجمعة بمسجد الذكر بتنسويلم دلالات ختم الأعمال بالذكر أو الاستغفار أو المحاسبة مما هو وثيق الصلة بالموضوع "إذا فرغت فانصب " مؤكدا أن عبادة المؤمن ليست موسمية فهو لا ينتهي من عبادة إلا ويدخل في أخرى انطلاقا من أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه. وأضاف المحاضر أن من السهل ختم العبادة بالذكر أو الاستغفار لكن الصعب هو التنويع في العبادة حيث يجري الانتقال من الصوم أو الصلاة مثلا إلى مكافحة الباطل والوقوف في وجه الظلم ومدارسة العلم وإغاثة الملهوف وفك العاني كما وصفت خديجة رضي الله عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في أول البعثة وكما يدل عليه قوله تعالى :"ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون " أي توزيع الوقت بين العلم والعمل. وعرج المحاضر على تفسير سورة الانشراح من أن شرح الصدر بمعنى أعطاه الإيمان فيما جاءت الإشارة بتكرار إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسر" إلى أن الطريق إلى الله طويل وشاق لكن مع الظلم انتصار وبعد المحن تأتي المنح وختمت السورة بالنصب والمبادرة إلى العبادة بمجرد الانتهاء من أخرى فلا وقت للانقطاع والبطالة في حياة المؤمن. ومما يسهل انتقال المؤمن في مراتب الأعمال وبين الطاعات يقول المحاضر أمران : 1-معرفة حقيقة الدنيا وأنها ليست سوى محطة قصيرة في الطريق إلى الآخرة كما في الحديث مالي وللدنيا ما أنا فيها إلا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم مضى وتركها،فالدنيا محطة لاكتساب الأعمال الصالحة وهي مزرعة للاخرة وإنما يبقى الأعمال الصالحة وليس المال والبنون أي زينة الحياة الدنيا. 2-معرفة الغرض من خلق بني الإنسان وإرسال الرسل والذي هو تحقيق التوحيد وإقامة العدل والقسط بين الناس كما قال تعالى :لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ " مع التأكيد أن العدل ليس فقط في المحاكم بل في كل سلوك وفي علاقة الفرد بربه ونفسه والآخرين وفي عمله وكل سلوكياته كما قال تعالى : "ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنق ولا تبسطها كل البسط ..الآية. وخلص المحاضر ولد المصطفى أن التوجيه القرآني "وإذا فرغت فانصب " يعني الاستمرار والمداومة على الطاعات مع مراعاة التوازن في مختلف جوانب الحياة كما في الحديث "إن لربك عليك حقا وإن لبدنك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا فاعط لكل ذي حق حقه" |