النظام الاجتماعي من الأسرة إلى الأمة/د.المفيدة بنت سيدي المختار |
السبت, 07 ديسمبر 2013 16:14 |
كل ذلك في فضاء ملؤه المودة والرحمة والإخاء، وعنوانه المسؤولية والاحترام، و شعاره الفضل والإحسان (ولا تنسوا الفضل بينكم) البقرة 237. ذلك لأن طبيعة الجانب الاجتماعي وما يتطلب من علاقات يحتاج إلى ضوابط تمنع الناس من الجور والانحراف، وإلى منح تكبح جماح الرغبات وتلبي الحاجات , وإلى فسح وفرص تعين على تدارك المواقف وتجاوز الخلافات . وينطلق المنهج الإسلامي في تنظيمه لتلك العلاقات من وضع الأسس الكفيلة بتقويتها وتثبيتها حين يؤسس النواة الأولى للمجتمع وهي الأسرة على أوثق العرى (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه...)الألباني:غاية المرام ص219و(..فاظفر بذات الدين تربت يداك) صحيح البخاري5090. وقد بين القرءان أن ذلك البنيان الأسري من آيات الله التي ينبغي التفكير فيها والتدبر قال تعالى: (ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الروم21. ويسعى الإسلام في تنظيه لتلك العلاقة إلى توطيد أواصر الألفة والمحبة مع إبراز الحقوق وتبيين الواجبات , والحث على سيادة المعروف (وائتمروا بينكم بمعروف )الطلاق 6. ثم يتجاوز النظام الاجتماعي الدائرة الأولى إلى دوائر أرحب تنبثق من الأسرة و ترتبط بها مكونة نسيجا من الخلايا المتعددة ومتسعة اتساع الكون لتشمل الإنسانية جمعاء (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) الحجرات 13فمن علاقات النسب والمصاهرة إلى علاقات الجيران والصحبة , ومن أدوار التربية وتدريب الناشئة إلى تكريم الوالدين وخفض الجناح لهما, ومن الحرص على ما ينفع الذات ( ..احرص على ما ينفعك واستعن بالله ) صحيح مسلم 2664إلى الدعوة إلى التكافل الاجتماعي وحب الخير للناس (وتعاونوا على البر والتقوى )المادة 2, كل ذلك في إطار يضمن تقوية النسيج الاجتماعي الذي يدعم وحدة المجتمع وتماسكه ويؤلف بين قلوب أفراده من أول نواة فيه إلى رحاب الأمة المتناصحة, (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران 110؛ حيث تساهم الأسرة في البناء الحضاري كمؤسسة اجتماعية تبني الفرد الذي يتعدى نفعه المستوى الفردي الضيق إلى النفع العام, وتحمي منظومة القيم الأخلاقية المرتبطة بوجود المجتمع والمنبثقة من مرجعيته الإسلامية وهويته الحضارية.
يتواصل................... |