من هدي الحبيب صلى الله عليه وسلم في الأسرة/المفيدة بنت سيدي المختار
الجمعة, 24 يناير 2014 13:27

altaltإن محمد ا صلى الله عليه وسلم الذي اصطفاه الله جل شأنه على خلقه, و اختاره للرسالة الخاتمة الخالدة, وأرسله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا, قد جسد هذا الدين الذي جاء به في مختلف مجالات الحياة فكانت سنته صلى الله عليه وسلم نبراسا يهتدي به السالكون, يشهد بذلك حلمه وعلمه وصبره وجهاده, وخلقه العظيم الذي قال الله تعالى فيه "وإنك لعلى خلق عظيم".

ولعل التأسيس لدولة الإسلام وتوطيد أركانها، وتعليم الناس أمور دينهم و مبادئ  إسلامهم المرتضى عند الله, أمور نالت حظها من الدراسة في السيرة النبوية المعطرة لكن هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام  لم يترك جانبا من هذه الحياة إلا وعمره بالسنن البينة, وأحياه بالقيم الفاضلة, وأحاطه بالأخلاق الكريمة..

والأسرة كوحدة اجتماعية حرص الإسلام على تشكيلها, وحث على بنائها (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج...)[صحيح البخاري], جاءت معالمها بارزة في هديه صلى الله عليه وسلم, معززة بالفضل والمكارمة, مفعمة بالمودة والترابط, محروسة بالعدل و الإنصاف.. تغشاها الرحمة و تحفها مكارم الأخلاق بل ويتنافس في الإحسان لها الخيرون (خيركم خيـركم لأهله, وأنا خيركم لأهلي..)[سنن الترمذي]. وقد كان صلى الله عليه وسلم مثالا للزوج القوام على أهله الراعي لبيته, فكان يعلمهم ويدعوهم للخير, فحظيت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها  بالسبق للإسلام, واعتلت عائشة رضي الله عنها مقاما سامقا في العلم, حتى صارت مرجعا لأعلام الصحابة وأجلائهم, وأصبحت أمهات المؤمنين مدرسة ينهل من معينها وأدبها المسلمون.. ومع حبه صلى الله عليه وسلم الشديد لأسرته فقد كان لا يقرهم على معصية ولا يرضى لهم ذلك, مستحضرا قوله تعالى "يا أيها الذين امنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا..." فحين عاد من بعض أسفاره ووجد أن عائشة رضي الله عنها زينت حجرتها بستارة فيها صور لذوات أرواح  اعترض ولم يجلس حتى نزعتها, وكان يلاطف أهله ويمازحهم, ويسعى إلى إدخال السرور عليهم ومن عطفه صلى الله عليه وسلم على الأبناء أنه كان يحمل ابنة ابنته وهو يصلي بالناس فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها.

أما عن مشاركته لأهله في شؤونهم فيكفي ما حدثت به عائشة رضي الله عنها حينما سلت عن ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته فقالت: "كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة "[صحيح البخاري], وفي حديث آخر تقول عائشة "كان  يخيط ثوبه و يخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم"[صحيح ابن حبان].

 فالنبي صلى الله عليه وسلم بهذا التعامل الرائع  داخل الأسرة يرسم هديا شاملا يجمع بين التعليم والدعوة للخير, وبين الرحمة و تعظيم حدود الله, وبين تبليغ الرسالة ونشر الحق والحرص على مشاركة الأسرة في همها الخاص, وتحمل مسؤوليتها كاملة..

عليك الصلاة والسلام يا نبي الرحمة, كم نحن في حاجة إلى التأسي بك في مجال الأسرة حتى نسعد ونظفر بخييري الدنيا والآخرة. 

من هدي الحبيب   صلى الله عليه وسلم في الأسرة/المفيدة بنت سيدي المختار

السراج TV