في رحاب النبوة..أدوار نسائية2/د.الشيخ التراد ولد محمدو
الاثنين, 31 مارس 2014 14:20

د.الشيخ التراد ولد محمدود.الشيخ التراد ولد محمدولاشك أن حالة المرأة بعدالإسلام وفي ظله أكثر نقاء وأعلى شأنابعد ماحل بها من نكال وإهانة جاهلية، وكادت في ظل جاهلية عمياء أن تلحق بصنف البهائم في استهتاربقيم الإنسانية، وبعدأخذ المرأة مكانتها ومنحها الحرية الكاملة في الرأي والمشاركة ، طالعتنا كتب السير عن دورريادي لها، وزاحمت الرجال في ميادين العمل الخيري لتصبح بذلك عنصرافاعلا ورقما صعبا في المعادلة الإسلامية، وعند محاولتنا الغوص في تاريخ المرأة بعدالإسلام وجدت نماذج كثيرة تركت  فيها المرأة بصماتها فدخلت التاريخ من أبوابه المتفرقة ، فمنهن المهاجرات ومنهن المجاهدات ومنهن من سلكت طريقها في الرواية والعلم ، وهذه وقائع شاهدة على تلك المكانة وعلى ذلك الحضور:

خديجة بنت خويلد..شهادة حية

سيذكرالتاريخ وفي صفحاته المشرقة امرأة عظيمة واكبت الدعوة في أيامها الأولى ، تلكم هي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فقدكانت خديجة امرأة عصامية ، فلمااكتشفت أمانة الأمين صلى الله عليه وسلم دفعت إليه تجارتها، وبعدفترة رأت خديجة في النبي صلى الله عليه وسلم الزوج المناسب فسعت في أمرالزواج فشاء الله لها ذلك ، وكانت فرحتها لاتوصف ، وكانت الزوجة الصالحة والمرأة الفذة ، فبعدتأخرالوحي في مراحله الأولى عن الأمين صلى الله عليه وسلم كانت خديجة تبعث برسائل التطمين والمؤانسة لزوجها"  كلاوالله لايخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" وكأن خديجة بنت خويلد أرادت أن تقول من كانت هذه صفاته وشمائله لايتصور أبداأن يناله سوء أومكروه، كم هو جميل أن تخرج هذه الشهادة الناصعة من داخل بيت  النبوة ومن امرأة عايشت عن قرب محمد صلى الله عليه وسلم، لكنها شهادة لايفوقها إلاتلك الكلمات الخالدة التي أوجزفيها صلى الله عليه وسلم حصيلة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها"آمنت بي حين كفربي الناس، وصدقتني حين كذب بي الناس وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها وحرم ولدغيرها".

أم سلمة..العقل الراجح

وتطالعنا كتب التاريخ بقصة امرأة أخرى من نساء الرعيل الأول تدعى أم سلمة رضي الله عنها، حيث كان دورها الكبير محط اهتمام المتتبعين للسيرة النبوية، ومن أبرزالمواقف التاريخية التي تذكرها تصانيف السير،أن أم سلمة خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلته للعمرة ،وفي الطريق اعترضهم المشركون ومنعوهم من دخول مكة ، وجرى حوار حصل بموجبه صلح ، كان من بنوده عودة النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العام، وهوأمررآه الصحابة ظلما وضعفا، فأمرالنبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن ينحروا الهدي ويحلواالاحرام، فلم يفعلوا،فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وهوغاضب ، فسأسلته عن الأمر، فلم يجبها ، فأعادت السؤال ثانية وثالثة،فقال صلى الله عليه وسلم:"هلك المسلمون أمرتهم أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا"، فكان ردأم سلمة:"يارسول الله لاتلمهم فإن داخلهم أمرا عظيمامما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح ورجوعهم بغيرفتح يانبي الله اخرج إليهم ولاتكلم أحدا منهم وانحرهديك  واحلق رأسك، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام المسلمون فنحروا وحلقوا،

لقداستطاعت أم سلمة برأيها هذا أن تنقذأمة من الهلاك ، وماهوأجمل أن كان رأي المرأة هنا مسموعا من قبل الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم كعادته ، في تقدير لدور المرأة ومنحها حق الرأي والمشاركة، وتلك سمة حملها الدين الإسلامي إلى كل مستضعفي الأرض.

خولة..قضية امرأة ..وإنصاف دين

موقف آخريجسد مكانة المرأة وحريتها في رحاب النبوة وتحت راية الإسلام،ذلكم هوموقف الصحابية الجليلة خولة بنت ثعلبة،التي سمع الله صوتها وقولها من فوق سبع سماوات،وهي التي جاءت تجادل رسول الله صلى الله عليه  وسلم في أمر زوجها وتشتكيه  حين ظاهر منها، وقدنقلت الأمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للحكم فيه قائلة" إن أوسا من قد عرفت أبوولدي وابن عمي وأحب الناس إلي وقد عرفت مايصيبه من اللمم وعجز مقدرته وضعف قوته وعي لسانه وأحق من أعاد عليه أنابشيء إن وجدته وأحق من عاد علي بشيء إن وجده هو، وقدقال كلمة والذي أنزل عليك الكتاب ماذكر طلاقا قال"أنت علي كظهرأمي" فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا ماأراك إلاحرمت عليه ، وكررها مرارا بعد مراجعته، وحينها توجهت إلى السماءبدعائها"اللهم إني أشكوإليك شدة وجدي وماشق علي من فراقه اللهم أنزل على لسان نبيك مايكون فيه فرج"، ولم تكمل دعاءها حتى دعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قدأنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنا ياخولة، وهي آيات المجادلة،

 كم هوعظيم هذا الدين الذي جاء لحل قضايا الناس ومشاكلهم،إنه دين الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين، إنهاقصة ماثلة لم تداوي الحالة الإنسانية للمراة هنا فحسب،بل أسست لنظام تشريعي لقضية امرأة دافعت بجدارة عن زوجها وأسرتها،وناجت ربها في ذلك بدعاءمجلجل ، فنالت حقها رضي الله عنها، وقدكانت قصتها الحزينة مبكية لعائشة رضي الله عنها رحمة لها ورقة عليها.

هذه بعض نماذج لنساء الرعيل الأول تحكي واقع المرأة وحضورها الفعلي في مسيرة الدعوة الإسلامية بعدحرمان جائر في عصرماقبل الإسلام، وتلك مكانة لاتزال تتمتع بها المرأة المسلمة في رحاب الدين الإسلامي.

 

 

 

في رحاب النبوة..أدوار نسائية2/د.الشيخ التراد ولد محمدو

السراج TV