الأسرة المسلمة والدور الاجتماعي/د.المفيدة بنت سيدي المختار
الخميس, 05 يونيو 2014 00:12

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

في تشبيه دقيق تتراءى من خلاله صورة حسية ومعنوية, ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا للمجتمع المسلم في ترابطه وتراحمه قال صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى من عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) صحيح مسلم.

فالجسد الواحد لا يمكن تصور فصل  أو عدم حاجة بعضه إلى بعض, وتعتبر الأسرة الذرة الفاعلة في هذا الجسد فبوعيها وفهمها لرسالتها الاجتماعية الجامعة والموحدة تستطيع القيام بهذا الدور العظيم الذي يرسم مسار المجتمع المسلم ويحميه من المسخ والاندثار.

وفي النظام الاجتماعي في الإسلام نجد قواعد الالتحام قائمة موثقة من صلة أحام وإكرام جار واحترام كبير وإعانة ملهوف وأمر بمعروف ونهي عن منكر وحث على التواصل والتعاون والتعارف (...وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ..) الحجرات.

الأسرة المدركة لهذا المعنى تشعر بما عليها من واجب نحو مجتمعها فتسعى لتأدية تلك الحقوق من خلال توثيق الارتباط بمحيطها الاجتماعي تفقدا لأحواله واسهاما في حل مشكلاته ومشاركته أفراحه وأتراحه   حرصا منها على سلامة البنيان , ودفعا للمخاطر التي تهدد وجود المجتمعات كانتشار الفواحش وشيوع الفساد والجهل وغياب القيم الأخلاقية الرفيعة  التي ينبغي أن يحمي المجتمع حماها ويدافع عن روحها حرصا على هويته وبقائه وتميزه.

وفي الحياة المدنية الحديثة تكاد تختفي علاقات الارتباط الاجتماعي والتعاون الراشد الذي يتجاوز الخلية الواحدة نحو الجسم الكامل , فلا نكاد نلمس دور المجتمع في تحصين القيم أو نشر الوعي بأهمية التكافل والتعاضد في ظل عالم القرية الواحدة الذي يهدم قبل أن يبني ويفسد قبل أن يصلح..

وما ذاك إلا لأن الأسرة في منظومتها الاجتماعية قد تخلت عن دورها في هذا المجال وأسلمت نفسها لأبواب مفتوحة لا يستأذن الداخل منها ولا يستحي..! من وسائل إعلام مختلفة  ورسائل اتصال متنوعة , وحصرت الأسرة دورها في زاوية ضيقة من عالمها الواسع لا تتعدى مشاكلها الخاصة التي قد تعجز أحيانا كثيرة عن حلها.

ومنهج التكافل الاجتماعي في الإسلام قائم على رعاية المصالح العامة للمجتمع كسد خلة المحتاج وتبصير الجاهل وعيادة المريض والأخذ على يد الظالم وحماية الأخلاق.

فهب أن حيا في مجتمع ما وضع نظاما لحياة تكاملية تعمل على تعليم جاهله ومساعدة محتاجه وارشاد سفيهه , وأقام لأطفاله رابطة تحثهم على التفوق وتدعوهم إلى الخير , واستن بسنة الأشعريين في التكافل "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ماكان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموهم بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم" صحيح البخاري.

أترى يبقى من خلل هذا الحي الكثير ؟ .. لا يبقى من خلله الكثير !  لأن العلاقا ت الاجتماعية فيه قوية ومتراصة يشد بعضها بعضا.

 

 

 

 

 

 

 

الأسرة المسلمة والدور الاجتماعي/د.المفيدة بنت سيدي المختار

السراج TV