الشيخ محمدن ولد المختار الحسن: في السبعينات كان الصراع محتدما بين أهل الترجيح، وأهل المشهور
الأحد, 23 يونيو 2013 11:33

altالسراج: وماذا بعد الامتحان؟

الشيخ: طبعا نجحت في هذا الامتحان، ولم يكن أمامنا إلا الثانوية العربية، وتدخل بمسابقة، والمنحة فيها زهيدة، ومدرسة تكوين المعلمين، وهذه تدخل بمقابلة شفهية، ومنحتها جيدة تصل 6400 أوقية، وهذا مبلغ مهم يسوي لنا الكثير من الأمور، وبالنسبة لنا كانت هذه المدرسة فتحا.

السراج: وماذا عن الدروس العلمية الأخرى؟:

الشيخ: أنا في فترة التحضير لشهادة ختم الدروس الإعدادية، لم تأخذ مني هذه الشهادة وقتا كبيرا.. فحين جئت إلى نواكشوط وجدت بداه يقيم دروسا في مسجده بلكصر، كانت هذه الدرورس تبدأ ليلة السبت، فالأحد فالاثنين، فالثالاثاء، وكانت مدتها ثلاثة أيام، تبدأ من مساء الجمعة/ليلة السبت، وتنتهي مساء الاثنين/ ليلة الثلاثاء.

واستفدت من دروس بداه جدا، جدا جدا، فقد كانت دروسه في تلك الفترة.. حيث الصراع بين أهل الترجيح وأهل المشهور قائما، فكان الشيخ بداه يفيض في مسائل الفقه، ويذكر أقوال العلماء والترجيحات، ويخرج كثيرا من القواعد الأصولية، والقواعد الفقهية، فاستفدت منه في هذا كثيرا، وفي الفقه المقارن العام، وكانت حلقات الشيخ بداه هذه، -وأتذكر أن عددها كان محدودا- وأتذكر من بين الذين كانوا يحضرونها ممن أعرفهم الآن، الأخ الحسن ولد مولاي اعلي، والأخ محمد سالم أخوه، وكانا ممن أعرفهم في تلك الحلقات.

السراج: على من أخذتم، غير هؤلاء الثلاثة (ابين/ بداه/ حشن)؟:

الشيخ: في وقت لاحق تعرفت على شيخنا ولد الصفي ودرست عليه النسب من الألفية، ودرست عليه نظم ابن بري، ودرست عليه القواعد لمحمد يحي الولاتي، قواعد الفقه المالكي.

السراج: وبداه لم تردسوا عليه نصا محددا؟

الشيخ: بداه درست عليه لما جئت هنا سنة 1975 تحفة ابن عاصم، وطبعا قال لي الشيخ بداه: إذا كنت تريد أن تكون قاضيا، فأنا لن أدرسك، وطبعا أنا كنت صغير السن في تلك الفترة، حيث كنت في السابعة عشر من عمري، وقال لي: لا بد أن ألتقي مع عمك في المسألة "محمدن ولد الحسن" حتى أعرف...

المهم أنني جئت إلى درس الإمام بداه، فقال لي إنه التقى عمي، وقال له إنه لا بأس تدرس.. ثم سألني "هل أنت من أهل "لِيسَ"، أو من أهل لَيْسَ"؟، فدرست عليه بداية الشهادات.

السراج: ثم من غير بداه في نواكشوط؟

الشيخ: أيضا التقيت هنا في نواكشوط "بابين" فأعدت عليه ما درسته على بداه من التحفة، ويعجبني في ابين فهمه السريع لمسائل الفقه، وروعته فيها، فقد كان يعي ما يقول، وأيضا أنظامه التي كان يزودني بها في الفقه...

كنت أنظم معه مسائل الفقه، ويسدد لي العوز، في الرجز، وأتذكر أنه مرة ذكر لي هذين البيتين:

كل الحروف وصفوا بالحرمة 000 كما ارتضته علماء الأمة

وخص المنع باللسان000 العربي، القدوةُ اللقاني

 

فقلت له في أي مصدر هذا؟، وكنا جالسين في السوق، فقال على البديهة:

لا تشغلنك خدال السوق 0000 والسوقُ، عما قد حوى الدسوقي

 

فكان يعجبني سرعة أنظامه.

في تلك الفترة نظمت نظما في النحو، أردت أن يكون وسطا بين ألفية ابن مالك وعبيد، فقال لي الشيخ ابين: أنا سأضيف لك بيتا تجعله في المقدمة لتستعين بابن مالك، وعبيد، فأضاف لي هذا البيت، وقال اكتب في مقدمتك:

وربما أخذت من عُبيد00000أو ابن مالك لزيد الفيد

 

فحتى تتوسع فتكون قادرا على الاستشهاد بابن مالك وعبيد...

السراج: وأين هذا النظم؟:

الشيخ: هذا النظم مشيت فيه طبعا، إلا أني وجدت أن نظم الملحة ونظم عون الطالب لأحمد محمد الحاجي، أنهما يفيان بالموضوع، واعتبرت هذا عناء، فأوقفته...

وابين كان كثير الأنظام، وكنت أحفظ من أنظامه في نوازل ابن هلال، ونوازل عليش، وما زلت أتذكر بعض تلك المنظومات التي ينظم بهاش وراد الفقه، ومن ذلك قوله في زكاة مال اليتيم:

زكاة ما ملكه اليتيم 0000أوجبها مذهبنا القويم

وقال قوم لا زكاة فيه 00000وابن جبير قال ذا بفيه

وفصل الشيخ أبو حنيفة00000 نجم الهدى ذو الرتبة المنيفة

فقال ما قد أخرجته الأرض00000 إخراجها منه عليه فرض

وإن يك الإخراج بالعروض00000فيما سوى ذلك كالعروض

ومن لمنثور النظام راما00000 ونظر  الحفيد وجد المراما

 

أذكر أيضا أنه أملى علي في الصوم، بعضا مما كان يفيدني به من خارج المختصر:

.......مالك إذ تركه مضيع البضاعة0000.............. وقد نهى الشرع عن الإضاعة

ذكر ذا عليش في فتاوي00000كانت لها أهل الفتاوي تاو

 

طبعا نسيت أن أذكر أنني أيام كنت في تكت قبل 1975 زرت الشيخ محمد الحسن ولد أحمدو الخديم، وتعرفت عليه، وزرت أيضا المختار بن ابلول، وقد ذكر لي أن المختار بن بلول قدم إلى تكنت النخل، من أجل "القيطنة"، وكنت أسمع به، فذهبت مع ابن خالة لي كان يدرس عليه، فمررنا على الشيخ محمد الحسن وقلنا عنده، وكان عندي دفتر من فئة 100 صفحة، وأذكر أني كتبت فيه الكثير من الفوائد، أثناء مقيلنا مع الشيخ محمد الحسن، وكنا في الطريق إلى ابن بلول.

ومما أتذكره من تلك الأمالي في ذلك الدفتر، أبيات أملها علينا الشيخ محمد الحسن لمحنض بابة بن امين، حفظه الله، يقول فيها:

تشمر فأمر الغي في عصرنا إمر0000فلم يجتنب نهي، ولم يمتثل أمر

ودينك جمر في الزمان الذي ترى00000فأصبر بها كفا يقبض الجمر

....كل من حكم الهوى000000 ..... غمرات الهول إنك للغمر

وإن هاب قول الحق زيد فلا تهب0000 ولا تعص أمر الله إن يعصه عمرو

وإن وافق الحق الهوى منك فاجمعن0000 إلى التمر زبدا ألا حبذا الزبد والتمر

وقم في الدجى لله واقرأ كتابه00000لدى سمرات الجزع إن رقد السمر

فهذا لعمري منهج الحق إن يطل00000بك العمر وهو الحزم إن قصر العمر

 

أتذكر أيضا أنه من بعض الشواهد أو الأمالي التي سجلها ذلك الدفتر –الذي طال العهد به-، قوله في طعمية "الورقة" الشاي، أبيات نافع بن حبيب بن الزايد التي يقول فيها نافع بن حبيب بن الزايد: قائلا:

ذكر لي محمد بن الحادي0000اليحيوي، وهو من الآحاد

ما مقتضاه أن ذا المرابط[1]0000 ليس لطعميتها بهابط

 إذ ليس بها ينتفع0000 إلا إذا بالحلويات تشبع

 

جئنا للمختار بن بلول ووافيناه مساء، ووجدناه بعد صلاة العصر في فيء دار كان قد نزلها، ووجدته يدرس أحد الطلبة الإضافة من الألفية، ويقول له:

يا من رآ عارضا أسر به00000بين ذراعي، وجبهة الأسد

 

لكنني ما أزال أتذكر الطريقة التي كان يبين بها للطالب أن المضافين مضافين لشيء واحد، حيث ظل يكرر المضافين، "بين ذراعي وجبة الأسد"، طبعا سألني المختار بن بلول: ماذا ستقرأ، قلت له: سأقرأ المختصر، قال: لا، هذا صعب عليك، أنت ما زلت صغير، اقرأ رسالة ابن أبي زيد، وأتذكر أنه قال لابن خالتي: "محمدن يصان عن العين"، وكنت حينها في الخامسة عشرة من عمري، فاستوصى بي ابن الخالة.

يتواصل.................

[1]- يعني نافع بن حبيب بن الزايد.

الشيخ محمدن ولد المختار الحسن: في السبعينات كان الصراع محتدما بين أهل الترجيح، وأهل المشهور

السراج TV