الشيخ محمدن ولد المختار الحسن: كنت أخصص شهرين لمطالعة فن واحد |
الثلاثاء, 25 يونيو 2013 10:33 |
الشيخ: في العطلة الصيفية أعود إلى تكنت، وقد ولعت بالتفسير، وأتذكر أني قرأت تفسير ابن كثير كاملا في حدود شهر، وأيضا قرأت الأمالي لأبي علي القالي مرارا كثيرة لا أحصيها عدا، وكان أربع مجلدات، وكنت أستعيره من أحد الجيران، ولا أزال أحفظ منه قول أحد الأعراب وهو يشكو أهله: وإذا تكون كريهة أدعى لها0000 وإذا يحاس الحيس يدعى جندب ولجندب سهل البلاد وعذبها0000 ولي الملاح، وحزنهن الأجدب هذا لعمركم الصغار بعينه0000 لا أم لي إن كان ذاك، ولا أب وأحفظ منه أيضا: ما يريد الفراق؟ لا كان منا0000 أشمت الله بالفراق التلاقي لو وجدنا إلى الفراق سبيلا0000 لأذقنا الفراق طعم الفراق وطبعا فالأمالي كتاب في الأدب، ترك عندي ذكريات كثيرة، ومن إفاداته التي كنت أستفيدها: بعض الأخطاء النحوية كقول الناس بدر التَّمام، وأن الأفصح فيه بدر التِّمام بالكسر، إلى غير ذلك، وكذا بعض الأمثال العربية التي تدل على النفي كقولهم: ماله هبع، ولا ربع، والألفاظ التي تدل على السرمدية والأبدية.. وعلى أية حال فالأمالي ترك في أثرا كبيرا. كان هناك درسته، ودرسته مرارا، وهو تفسير ابن جرير الطبري، وقد ذكرت لبعض المشايخ اليمنيين أني درسته مرارا فقال لي: درست تفسير ابن جرير، فقلت أي نعم، درست تفسيرا ابن كثير مرارا، مرارا. فيه كتاب آخر أثر في حياتي تأثيرا كبيرا جدا، جدا.. وهو كتاب فتح الباري، وهذا الكتاب لا أتذكر كم قرأته من مرة، فقد قرأته مرارا كثيرة، قطعا أكثر من عشر مرات، وقبل يومين كنت أطالع المكتبة الشاملة، فوجدت له ترجمة وافية فقلت للأهل: أنا لليلة كنت مع شيخي، ووجدت بغيتي. فالحافظ ابن حجر أثر في كثيرا، وأفادني كثيرا، في الفقه المقارن، وفي فقه الحديث، وفي الترجيحات الأصولية، وفتح الباري حقيقة له تأثير كبير.... إذن تفسير ابن كثير، وتفسير الطبري، وفتح الباري، والأمالي لأبي علي القالي، وسيرة ابن هشام، هذه الكتب كتب المرافقة، صحبتني ... السراج: لم تدرسوا طرة ابن زين ولا ابن بونَ، ما السبب؟ الشيخ: لم أدرسهما، كنت أطالع، كتاب التسهيل لابن مالك، وأطالع شرح الكافية لابن مالك، ويعجبني شرح ابن مالك على التسهيل، ويعجبني شرح همع الهوامع للسيوطي، وحتى الكتاب نفسه يعجبني، فوجدت أن في هذه الكتب ما يغني عن احمرار المختار ابن بون. السراج: هل كان هذا العدول عمدا، أم جاء هكذا؟ الشيخ: في الحقيقة أنا كنت أحب أن أقرأ بنفسي، وإذا وجدت إشكالا طرحته على العلماء، وأخشى أن أحاصر بعشرة أبيات من الاحمرار وعشرة أبيات من الألفية، وأعرف أنني إذا زدت عن ذلك سأضايق الطلبة... استهواني كتاب همع الهوامع، واستهواني أيضا كتاب شرح التسهيل لابن مالك، وأيضا وجدت نسخة مساعدة على التسهيل استفدت منها كثيرا، أضف لذلك أن حاشية الصباني على الأشموني، وحاشية الخضري على ابن عقيل، وحاشية التصريح على التوضيح، ومثل هذه الكتب... أنا في فترة من الفترات حاولت أن أنظم المطالعة، لأنني رأيت أن بعثرة المطالعة لا تمكن، فكنت أخصص شهرين لمطالعة فن واحد، وكنت مثلا في النحو أضع شرح الكافية، وشرح ابن مالك على التسهيل... ولا أطالع إلا النحو، ثم الكوكب الساطع وشرح المحلي، وشرح نشر البنود، على الشيخ سيدي عبد الله ولد الحاج إبراهيم، وفروق القرافي، (وهذا الكتاب فروق القرافي، وكذا التنقيح للقرافي استفدت منه)، كنت أخصص مدة شهرين .... الفقه هو المادة الوحيدة التي تأخرت في دراستها ومطالعتها، وكان عندي توق إلى كفاف محمد مولود، فلما طلع مرام المجتدي نظرت فيه فإذا به قد وفى بالمطلوب، واستثارني في هذا النظم حسن اختصار شرح الشيخ محمد الحسن له، واختصاره على فتح النص، وجعله في المتناول، لكن عرفت أنه ليس من مختصر خليل بد، فعلمت أن أول المختصر كان مجال المطالعة والمدارسة، ووجدت أن الباب من خليل يحتاج إلى مراجعة، فلما كنت في اليمن في فترة إقامتي فيه، خصصت ثلاث سنوات لمدارسة الفقه، فاستعنت بالحطاب، استعرته من مكتبة الجامعة، وكذا البهجة على شرح التحفة للتسولي، وشرح الكفاف مرام المجتدي، وشرح قواعد الزقاق للمنجور، وساعد في ذلك أنني في البداية، وجدت ألفية ابن مالك ليس لها من يدرسها هناك، طبعا هذه الفترة كانت فترة لاحقة، وكنت أود أن أخصص لها فترة لاحقة السراج: فيه فقرة خاصة بتلك الفترة. الشيخ: جيد. السراج: قبل الخروج من موريتانيا، كنتم في التيسير وقد عاصرتم فترة التيجانية فيه، هل من كلمة عن تلك الفترة؟: الشيخ: نعم كنت في التيسير وعاصرت بداية ظهور التيجانية، اتفق ذلك مع نهايتي من دراسة التركة في الكفاف على محمد الحسن بن أحمدو الخديم، وأملى علي هذه الأبيات في نهاية الدرس: بلد الشرع بالحوادث صيبا0000 وجديبا أمسى وكان خصيبا والناس عبد دنيا مناه0000 منصب كي ينال منها نصيبا أو مريد رمى العلوم وراه0000 ورآه -وهو المصاب- مصيبا أيها القوم بادروا إلى العلم واسعوا0000 سعي قوم يخشون يوما عصيبا فاز وراث ظاهر العلم فرضا0000 إن حووا حظ باطن تعصيبا فكان التيسير حين أنهيت الكفاف قد بدأت تدخل إليه التيجانية، وأنا أخذت التيجانية في تلك الفترة، وهو نصحني بها، لكن أيضا أنا في الحقيقة رأيت أن المقصود في الطرق الصوفية هو ما يوصل إلى الله سبحانه وتعالى وأن هذه الأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في الصحيحين وفي السنن والمسانيد، أنها أولى، وبالتالي أحترم هذه الطرق وأرى أن الصوفية ظُلِمت، وأن بعض أهلها أيضا ظلموها، بعض المتصوفة –لا أقول الصوفية- بعض المتصوفة الذين دخلوا الصوفية وليسوا منها ظلموا هذه الصوفية، أقول رأيي فيها، واعتقادي فيها هو ما قاله السري السقطي –رحمه الله- وهو خال الجنيد، قال: التصوف اسم لثلاثة معان "وهو الذي لا يطفئ نور معرفته نور ورعه ، ولا يتكلم بباطن من علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب، ولا تحمله الكرامات من اللَّه عَلَى هتك أستار محارم اللَّه تعالى"، فقول صاحب المباحث: أما الطريق العلم ثم العمل0000ثم هبات من بعد ذا تؤمل فهي والعمل، ثم هبات من الله سبحانه وتعالى، تؤمل، فطبعا هذه مرحلة. السراج: هل كان انفتاحكم على الطرق الصوفية عن طريق الوالد، أم عن طريق الشيخ محمد الحسن؟ الشيخ: لا كان عن طريق الشيخ محمد الحسن، فهو الذي استشرته في ذلك، فقال لا بأس أن تأخذها. السراج: الوالد كان قادريا، فهل أرشدكم لطريقته؟. الشيخ: لا الوالد ما عرض علي الطريقة. وإنما عرضها علي الشيخ محمد الحسن بعد أن أنهيت الكفاف، وقال لي الأبيات التي مرت آنفا: فاز وراث ظاهر العلم فرضا00000إن حووا حظ باطن تعصيبا فقال لي كلمة هي: "هذا بوحيمرون اللي فلفريك يسو عليك يعديك"؟، قلت له: "منين تعود راي لي فيه أراي". السراج: الوالد كان سالما حينها؟ الشيخ: نعم. السراج: لم تكن عنده موانع من اختلافكما الطرقي؟ الشيخ: لا، وهي فترة لم تطل كثيرا... |