الشيخ محمدن ولد المختار الحسن: أنا أكثر المطالعة الآن، لأن الذاكرة لم تعد كما كانت |
الاثنين, 01 يوليو 2013 12:10 |
الشيخ: هو بتوفيق الله سبحانه، يقول الناس: "اللي حدو راص يعكب يغلبو" والله يقول: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة"، ونحن بعنا هذه الأنفس والأموال لله، والله تعالى أبرم هذه الصفقة معنا، فنحن لا نقيلها ولا نستقيلها، فنحن ندرس، وأئمة مساجد إن شاء الله تعالى، وخطباء، ومعلمون وموجهون، وهذه وظيفتنا، فأي وظيفة للعالم، إذا لم يكن موجها، وناصحا، ومرشدا بيد غاو، ومبصر لذي هوى وغي!!. هذه وظيفة العلماء، فهم نجوم الدئادئ؛ فالعالم أين ما كان هدى، ونفع الله به، فالعالم لا ينبغي له أن يتقوقع في منزله، ويقول عليكم الخويصة، فهذا تنزيل للنصوص في غير محله؛ فالعلم ميراث الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، والعلم هو التربية، والدعوة، فالله تعالى يقول: "... ولن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون (أو تعلِّمون بالتشديد) الكتاب وبما كنتم تدرسون". السراج: تتمتعون بذاكرة قوية، خاصة في حفظ أسماء الأعلام، فكيف تكونت لديكم؟ الشيخ: والله ليست قوية، الحقيقة أن ما كنت أذكره الآن هو من محفوظات الصبا، أنا لا أتذكر شيئا، ولذلك أنا أكثر المطالعة الآن، لأن الذاكرة لم تعد كما كانت، وبالتالي لا أعتبرني قوي الحافظة، ولكن يعجبني بعض الحفاظ الذين ما زالت –ما شاء الله- معهم ذاكرة قوية، ولو كنت أعلم كلما قرأت، لكان الأمر...(الشيخ يضحك) غير هذا، أنا أقرأ كثيرا، ولكني لا أحفظ، أنا جاءني أحدهم يسألني عن أبيات أمليتهم عليه من الأمالي: دنت بأناس عن تناء زيارة وشط بليلى عن دنو مزارها وإن مقيمات بمنعرج اللوى لأقرب من ليلى وهاتيك دارها فقلت له: هذه الأبيات جميلة، هات أكتبها عندك! فقال: أنت أمليتها علي في تيكنت، وإنما أخذتها من عندك. فأنا أحفظ الشيء وأنساه، وارجو أن يكون الله قد أعان فيما بقي في الذاكرة، لأني أنسى كثيرا. السراج: كيف تنظمون حياتكم، وهل من نصائح في هذا المجال، تفيدون القراء بها؟: الشيخ: فالشخص لا بد من أن يضع برنامجا يوميا لعمله، سيما من كان عنده هم دعوي كبير، فأنا طبعا دائما أضع هذا النموذج للطلبة، فأقول لهم: بعد صلاة الفجر الأذكار الصباحية، إغفاءة قبل الثامنة قليلا.. السراج: الصبيحة!! الشيخ: نعم، إغفاءة، والتنوين فيها تنوين التقليل، وعمل القائلة، أي نوم الظهيرة، فهو القائلة عند العرب، ثم صلاة الظهر، ثم تدريس المسائل لطلبة العلم، أو التحصيل، ثم صلاة العصر، ثم الأذكار المسائية، ثم بعد المغرب العشاء، والمطالعة، أو الهم الدعوي، وبالتالي يكون البرنامج إذا كان هكذا فيه زيادة انضباط، فلابد للواحد أن يحدد برنامجه، وأن يضبطه. السراج: ماذا عن تربية النفس، وتزكيتها، وهل من كتب مفيدة في هذا؟ الشيخ: وأنا أنصح في مجال المطالعة، بمطالعة كتاب التأسيس لزروق، فهو كتاب نافع ومفيد جدا جدا، وللأسف فهو موجود في المكتبات بطبعة حجرية، لكن هو موجود على كل حال، وكتاب الإمام زروق كتاب جليل، وأنصح في هذا المجال أيضا بقراءة كتب ابن القيم، خصوصا مدارج السالكين، وطب القلوب، وأنصح أيضا بمطالعة تراجم السلف الصالح، وفي هذا المجال أيضا أنصح بمطالعة سير أعلام النبلاء للذهبي، وايضا مجالسة العلماء، فالعلماء يستفاد منهم كثيرا، أنا أحب للشخص أن تكون له رحلة كل شهرين أو ثلاثة، إلى شيخ محظرة يبقى معه عطلة أسبوع (الخميس والجمعة) ضيفا على المحظرة، يسأله عن المسائل، والإشكالات، يحدثه، عن أخباره، ويكون ذلك كل شهرين أو ثلاثة أشهر، وأنا كنت حريصا مع زملائي في العلاقات في جمعية المستقبل، و-كان في برنامجهم زيارة العلماء- على أن يستصحبوني معهم في زيارة العلماء، وأنا الآن أشكو أنهم من فترة نسوني وغفلوا عني، وقد كانت سيارتهم متعطلة، ولكن...، كانوا يزورون بشكل منتظم العلماء، وأنا أقول: من كل شهرين أحب أن أزور عالما، وأن أبقى معه لمدة أيام، وللتذكير، أحب أن أزور بدي بن القاضي يمكن أن أزوره في عطلة الأسبوع، فهو شاب في أمندور، طيب، ومتواضع، ومن تلامذة التاه ولد يحظيه، وطبعا، أحب أيضا زيارة الشيخ اباه ولد نعمة، فقد زرته أيام تحضير رسالتي وبقيت معه أياما يحدثني، ويمتعني، وقد درسني فيهم السبعة المطالب في المذاكرة، وهي من عويصات علم الكلام، ويعجبني فيه حكاياته، وما يحدثني من قصص محمد عالي ولد نعمة، واباه ولد يحظيه، وأيضا أوصي الشباب بمجالسة الشيخ محمد عبد الرحمن ولد فتى، فهو موسوعة في الأدب والعلم والتفسير والتاريخ، أنا أوصي الشباب بالجلوس معهم، وأن يكون من بينهم مستمل، يكتب كلما يقول، ثم يعرضه عليه، وأنا عندي فكرة قديمة، وهي أن يكون الشيخ محمد الحسن، والشيخ ولد فتى مصحوبا بمن يقيد فتاويه وإملاءاته، لأنها قد تضيع، وهذا كان موجود قديما، كان أحدهم يرافق العالم، فيكتب الفتاوى التي يسمعها والأحاديث التي يسمعها، والتراجم الذي يسمعهما ثم يجمع ذلك، ويعيدها للشيخ فيصححه في حضرته، ويوقع عليه ويجيز فيه، وقد عمل الشيخ الحمد مثل هذا مع الإمام بداه ولد البصيري، فكان يحضر فتاويه، فيجمعها حتى جمع منها دفترا كبيرة أو متوسطة، فقدمها لبداه، وقرأها بحضرته، فقال: صح مني، ثم وضع عليها طابعه. السراج: هل من توصية أخيرة، ونصيحة للشباب المقبلين على العلم؟ الشيخ: كنت لقيت مرة التاه بن يحظيه بن عبد الودود في زيارة زار فيها نواكشوط، فقلت أوصني، فقال: أوصيك بما أوصى الله به الأولين، والآخرين: "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله"، والشاعر يقول: إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرأ أي مفسدة (مَفسدة، بالفتح. أو مُفسدة، بالضم، بصيغة اسم الفاعل.) فهذا الشباب طاقة طويلة، ينبغي أن تفرغ في الطلب والتحصيل، وفي زيارة العلماء ومذاكرتهم:
لجلسة من أديب في مذاكرة أجلو بها الهم أو أستجلب الطربا أشهى إلي من الدنيا وزخرفها وملئها فضة أو ملئها ذهبا
وهذه الجلسات، مهمة، فقد كان أحمد بن حنبل قد زار عبد الرزاق بن همام في صنعاء، وكان رحمه الله يستقي الماء من ميلين (ماء الوضوء في صنعاء، كان يذهب مسافة ميلين، لإيجاده)، فكان يقول –وهو في بغداد لما يروي عن عبد الرزاق-: ما أعظمها دريهمات أوصلتنا إلى عبد الرزاق، أي نعم، لأنه في بغداد لم يكن أحد يحدث عن عبد الرزاق، قال سحنون رضي الله عنه، قاتل الله الفقر، أدركنا مالكا، وقصرت بنا النفقة عن ابن القاسم، فلا ينبغي لأحد أن يغفل عن أن يستدرك هذه الطاقة، خصوصا في العطل الصيفية، وبشكل أخص في رمضان، لانه موسم عبادة ودراسة ومدارسة، قال السيوطي في الكوكب: والعلم خير من صلاة النافلة وقد غدا الله برزق كافلة وهو وظيفة السلف، فالسلف كانت عبادتهم الجهاد، وقراءة القرآن وطلب العلم، فالصحابة كانت عبادتهم الجهاد، وقراءة القرآن وطلب العلم. أقول هذا وأستغفر الله العظيم، والسلام عليكم ورحمة الله. السراج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شكرا جزيلا لكم، جزاكم الله خيرا وتقبل منا ومنكم.
|