غلام: الإخوان شجرة طيبة تحمل الخير للناس
الجمعة, 16 أغسطس 2013 08:19

altaltمحمد غلام ولد الحاج الشيخ، الشاب الإسلامي النشط، الخطيب المفوه، الداعية الجواب، المناضل الثائر... ألقاب متعددة لشخصية متعددة الجوانب والأبعاد..

وبعيدا عن شخصيته السياسية يتحدث محمد غلام ولد الحاج الشيخ في هذا اللقاء المقتطف من مقابلة سابقة عن أجواء رمضان، وعن تجربته الأولى مع العمل الإسلامي، وعن أهم رفاقه في الدعوة، وأبرز من تأثر بهم من الدعاة...

 

 

السراج : لنتحدث عن رمضان الحالي ما الذي يميزه برأيك عما سبقه من أعوام؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: يمكن القول إن كل لحظة من لحظات العبادة تقع في جزء من العمر يختلف عن الذي قبله، وتكتسي دلالة مغايرة أو مختلفة عن التي قبلها،وإذا أتى رمضان ضمن أحداث معينة، فتلك الأحداث تكسب رمضان جوا خصوصيا، رمضان هذا العام يأتي في ظل ميدان رابعة العدوية بما يعنيه من رمزية رابعة حيث ازدواج روح التحدي وروحانية المعرفة والتبتل وأعتقد أن هنالك لمسة خاصة في رمضان من اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والعودة إليه فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.

السراج: هل تتذكرون رمضانكم الأول وكيف كان؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: كان رمضاني الأول الذي صمته في العاصمة نواكشوط في سنة 1985 مختلفا عما ألفته من قبل في الحوض الشرقي وخصوصا في منطقة تمبدغه، عندما كنت أرى المشقة بادية على الناس حيث يعودون من أعمالهم الشاقة في الرعي والتجارة وسائر المهن لا تكاد أقدامهم تحملهم، وقلوبهم تكاد أن تتفطر من شدة العطش، وكان الناس في تلك الفترة إذا أفطر الواحد منهم ينقض على الشرب خاصة الماء أو المذق فيشرب وفيرا حتى يسقط مغميا عليه أحيانا من شدة المشقة، ورغم ذلك كان يصوم.

ثم إن الإقبال على رمضان وملأ رياض المساجد من المصلين والعباد التالين أكثر الآن مما كان قبل، وكانت ظروف الدعوة أصعب وسبلها إلى الناس غير معبدة، وقد اختفت لحد كبير من نواكشوط مظاهر كانت سائدة في أواخر الثمانينيات حيث المطاعم تفتح أبوابها للمفطرين، وتعاطي المفطرات في الشارع كان سلوكا طبيعيا نهاية الثمانينيات وسنوات من التسعينيات

السراج: كيف كانت بدايتكم مع الفكرة الإسلامية؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: أنا نشأت في أسرة شديدة الالتزام إلى درجة اعتماد فقه الأحوطيات ولكن النقلة في حياتي كانت بعد ما قرأت ما تيسر من مكتبة الدعوة الإسلامية الحديثة  التي أضافت لي مفاهيم جديدة كالشمولية والوعي والإحساس بقضايا المسلمين وحمل فكرة واضحة، ومنهاج قابل للتطبيق و للاستمرار و به تصبغ الحياة بمعالم الإسلام.

وأرى أنني مدين لمدرسة الإخوان المسلمين بما نلت من فهم وما اكتسبت من تصور فلقد نهلت من معين حسن البنا وسيد قطب ومحمد أحمد الراشد وعموم المفكرين من محمد عمارة إلى فهمي هويدي، وبعد ذلك حاولت أن أوسع في القراءة حتى لغير الإسلاميين من المفكرين لأحصل على تصور واضح لما أرى أنه الوصفة الصحيحة لخروج الأمة من أمراض الاستبداد والتخلف.

السراج: من تتذكرون من رفاقكم الأول في نواكشوط؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: هنالك أوائل من حقهم علي أن أذكرهم، أول شخص سمعت عنده كلمة "الإخوان المسلمين" هو التاه ولد امين، فالتاه كان شابا من جماعة مسجد مصعب بتيارت في نفس الفترة 85-86، وكان إمامه الشيخ محمد الامين ولد امحود حادبا يومها على الدعوة و شبابها.

في تلك السنة أيضا كان أول لقاء لي مع الأخ الرئيس محمد جميل ولد منصور وهو يقدم درسا على ما أذكر في السيرة النبوية في مسجد مصعب بن عمير ولفت انتباهي هذا الشاب وهو يحاضر عن الهجرة بأسلوب عجيب وتأمل في دروس السيرة النبوية لم أسمعه من قبل، ثم تعرفت على مجموعة أخرى من الشاب المتميز الذين كانوا يشرفون على العمل الإسلامي يومها "اكليكم" والكاتب "عبد الله ولد ميارة" والرباني وأحمد ول اعلي.

من المشايخ الذين تأثرت بهم محمد فال ولد اشريف الطاهر صاحب مكتبة الايمان محمد فال هذا لعب دورا أساسيا في نشر الصحوة الإسلامية فكانت له مكتبة صوتية هي الوحيدة في العاصمة نواكشوط، تقع  في وسط العاصمة وكان يبث منها شرائط الشيخ كشك وولد سيدي يحي، ضحوة ومساء وكان دائما يتجمهر أمامها الناس، لأن الشريط الإسلامي حينها نادر جدا.

محمد فال أول من أعارني كتب محمد الغزالي، ثم وجدت مجموعة من الكتب كتاب أو اثنين الدعوة الإسلامية فريضة وضرورة لعبد الله عزام، وبعد ذلك انتسبت لنادي مصعب بن عمير صحبت الأخ محفوظ ولد إدوم والشاعر الذين كانا من أنشط شباب الإخوان ونادي مصعب ابن عمير يومها.

من أوائل من تأثرت بهم من الخطباء والمصلحين فضيلة الشيخ محمد ولد سيدي يحي أقولها بكل أمانة وأفتخر بالتلمذة عليه، ثم كشك رحمه الله والشيخ أحمد القطان، كما تأثرت بمحاضرات الشيخ محمد فاضل ولد محمد الأمين، الذي كانت له أشرطة ومحاضرات لا يوجد لها مثيل في قوة الإقناع بالطرح الإسلامي وكان الرجل يقدم بخلفية محظرية مقنعة بالنسبة لأبناء المحاظرة مثلي، ثم هاجرت بعد وفاة والدي رحمه الله وما ترتب علي من مسؤولية الأسرة مما دفعني إلى الهجرة خارج موريتانيا سنة1989-1990

قدمت من موريتانيا وكانت قاحلة في مجال الكتب والمنشورات تركت هنا الشباب إذا كان عند أحدهم أعداد من مجلة المجتمع ولو لسنوات، أو مجلة الإصلاح يسافر إليه الآخرون من أقاصي العاصمة.

فوجئت في دولة الإمارات بالمكتبات العامرة بالمنشور الإسلامي كتبا وإعلاما فطفقت أشتري و أقرأ بنهم شديد حتى أنني انتبهت مرة إلى أنني لا أعرف معالم شارع يربط بين "أبوظبي" و"العين" كنت أسافر عبره أسبوعيا مرتين لأن القراءة كانت تشغلني

السراج: أين مرت عليكم أحداث 94 ؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: مرت علي في الخارج لكني أخذت إجازة اضطرارية أنا والأخ بوننه ولد احمد سالم وجئنا مع إطلاق الأخوة مباشرة وقد تشرفت أيامها بالخروج مع مجموعة من الإخوة في رحلات دعوية كانت تؤكد على التشبث بالدعوة و الإصرار على العمل الإسلامي، وكانت هذه المجموعة بإدارة الأستاذ إسحاق ولد الكيحل الذي كان ينقلها في السيارة الوحيدة التي يملك أحد أفراد الحركة الإسلامية حينها، و كان الجو مشحونا ضد الإخوة نتيجة لوقع التصريحات والتشويه الإعلامي الذي صاحب الحملات الجهنمية التي قادها النظام.

السراج: هل تتذكرون أكثر المواقف إحراجا؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: عند دخولي الأول إلى غزة ذهب بي الإخوة إلى مسجد الإمام الشافعي في خان يونس لأخطب يوم الجمعة، وعندما صعدت المنبر رأيت جمعا من قادة المقاومة المعروفين وجموعا هائلة من سكان غزة فأحسست بحرج شديد و أن قدمي تعجز عن حملي واقفا أخطب وأنا القاعد أمام المجاهدين في أرض الرباط و الجهاد، كان موقفا صعبا بالنسبة لي كإنسان.

السراج: كيف تنظرون إلى التجربة الإسلامية في موريتانيا؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: الحركة الإسلامية في موريتانيا يميزها عن غيرها في رأيي عاملان أساسيان يتقاطعان في موضوع المحظرة، المحظرة الموريتانية ببعدها العلمي الشرعي والموسوعي ميز إسلاميي موريتانيا في أنحاء العالم وذهنية الإنسان الموريتاني الحافظ المطلع ميزت الشباب الإسلامي الموريتاني وأعطته القدرة على استيعاب الرسالة أفضل من غيره.

وكما يقول الأستاذ فهمي هويدي إن الحركة الإسلامية دائما في طليعة مجتمعها الذي تعيش فيه، وليس طليعة مجتمعات أخرى، فكل مجتمع له بصمته الخاصة.

السراج: ما هو تعلقيكم على أحداث مصر؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: مصر  بلد يمثل قاطرة العالم العربي و قلبه النابض بالحيوية قرأ فيها الحصري فأوبت معه أرجاء الدنيا وخطب فيها كشك فأتعظ به العالم، وأسس فيها البنا دعوته الضخمة فانتشرت في الآفاق.

 وكتب فيها طه حسين و الزيات و المازني و الرافعي والعقاد فأضحو رواد الدنيا في الأدب.

ولحن فيها عبد الوهاب، وأنشدت فيها أم كلثوم فغدت أسطواناتهما تمائم يحملها عشاق الطرب في كل فج.

ومنها انطلقت أفكار عبد الناصر، فحملتها إذاعة صوت  العرب.

في مصر تقع قلعة صلاح الدين الأيوبي التي انطلق منها موحدا أرض المسلمين ومحررا القدس بأجناد مصر خير أجناد الأرض، وفيها أكبر مدارس الإسلام وأزهرها تاريخا "جامع الأزهر".

هذه الأرض الطيبة والشعب العبقري المعطاء يتجمع حوله اليوم أراذل الأعداء والحاقدين من فلول الحزب الوطني والاستخبارات الدولية مع بقايا رذائل الدكتاتورية الموجودة في الوطن العربي والأمريكان و إيران الصفوية الحاقدة التي لا تقبل لأهل السنة دولة بحجم مصر يترضى رئيسها في إيران على أبوبكر وعمر وعثمان ، مع الحركات المنافسة اليسارية والقومية، كل ذلك تجمع ليضرب التجربة الوليدة في مصر مخافة أن يتكرر سيناريو النجاح الاقتصادي الباهر الذي حققه الإسلاميون في تركيا وهو ما يبشر إن حصل في مصر بعمومه كافة أرجاء العالم الإسلامي وعندها تصبح بلادنا عصية على النفوذ الصهيو- أمريكي، فنركل بعزة المساعدات الأمريكية التي تشتري ضمائرنا.

يجب أن يعلم الجميع أن الإخوان المسلمين شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء اختلطت بنسيج مجتمعاتنا.. تحمل الخير إلى الناس، وهذه الحركة المباركة هي مانديلا الثورات العربية، وهي من دفع الثمن غاليا في سبيل الحرية.

 

غلام: الإخوان شجرة طيبة تحمل الخير للناس

السراج TV