ولد حيلاجي: جمعت مدونة فيها أكثر من 2500 بيت من الشعر الإسلامي |
الأحد, 27 أكتوبر 2013 09:58 |
يسر "السراج الدعوي" أن يقدم لقرائه الكرام هذه المقابلة، مع شخصية متعددة الأدوار، مختلفة المهام.. شخصية عصامية، شخصية من يعرفه الناس حين الدرس بالتمكن منه، والثقة في النفس، وضبط الفصول الدراسية، ويعرفونه حين الكتابة ذا فكرة واضحة، وعبارة دقيقة وإفصاح عما يعتقد، كما تعرفه أعواد المنابر يهزها بخطبه المعدة، وكلماته الفاصلة الواضحة المبينة الصادعة بالحق، كما تعرفه ميادين الدعوة، وساحات العمل الإسلامي.
إنه الإمام والأستاذ الداعية الشيخ سيدي محمد ولد حيلاجي.. نسير معه خلال هذه المقابلة في ظلال الأدب ونسائم الدعوة. السراج: في الجانب الأدبي.. ما هي قصتكم مع الأدب والأدب الإسلامي بشكل خاص؟ ولد حيلاجي: يعود ذلك إلى زماننا في مدرسة تكوين الأساتذة، وخاصة السنة الأخيرة، حيث أردنا أن نقوم ببحوث، قد كلفنا بها، وكان جمال ولد الحسن من أهم أساتذتنا في تلك الفترة، وكان يركز على دواوين الشعر في القرن الثالث عشر... السراج: جمال الذي كان زميلا لكم، أصبح أستاذكم؟ ولد حيلاجي: نعم هو نفسه، جمال الذي كان زميلا لنا في الثانوية الوطنية، وأخذ معي الباكالوريا، أصبح أستاذا لنا في مدرسة تكوين الأستاذة، لأنه ذهب إلى تونس، فحصل على شهادة "التبريز" وشهادة أخرى تسمى "دك"، وكان الأول على المستوى التونسي، وأعطاه الرئيس التونسي "بوركيبة" تكريما باعتباره الأول في تونس، ثم وعاد رحمه الله من تونس فأصبح أستاذا لنا. فجاء وأصبح أستاذا لنا، ورئيسا للقسم العربي، وأصبح يوزع البحوث على الطلاب، وكان يركز على شعر القرن الثالث عشر؛ لأنه كان يعد دكتوراه عنه، فأفاد بذلك مدونات ذلك القرن، حيث صحح كثير من تلك المدونات، وحقق وظهر بسبب جهوده رحمه الله تعالى. وأتذكر ديوان الأحول، وديوان محمد سالم بن الشين، وديوان الشيخ محمدو بن حنبل، وغيرهم ممن حققت دواوينهم بسبب جمال رحمه الله. أما بالنسبة لي أنا فلم أكن أحب التحقيق، لذلك اخترت أن تكون رسالتي عن شعر الصحوة، وكان حينها حديثا في بدايته، وغير معروف، وأتذكر أني حينها والمختار ولد محمد، نحن الوحيدين الذين خرجنا عن إطار التحقيق... فأما محمد المختار فاختار الشعر الإصلاحي في القرن الثالث عشر، وهو قريب من موضوع جمال، وإن كان مختلفا عنه، وأما أنا فاخترت شعر الصحوة أو الشعر السياسي الإسلامي خلال عشر سنوات، وقد ركزت على مجموعة من الشباب هم من اخترت مدوناته، وإن كنت أخذت مدونات بعض المشايخ حينها كالشيخ محمد سالم ولد عدود، وكراي ولد أحمد يوره رحمهما الله تعالى، وحمدا ولد التاه حفظه الله أيضا.. ولكن المشايخ كان أخذ شعرهم كتمهيد لشعر الشباب... وقد جمعت مدونة فيها أكثر من ألفين وخمس مائة بيت من الشعر، وصنفتها، ورتبتها، فكانت هذه المدونة تعالج مجموعة من المواضيع، من أهمها: الواقع الفاسد، الفشل السياسي، التخلف العلمي، والأنظمة العسكرية، والتبعية السياسية والاقتصادية والثقافية، كما تعالج آفاق التغيير والإصلاح، فدعا هذا الشعر إلى اتباع منهج الله ورفض القوانين الوضعية، ودعا إلى التكافل الاجتماعية، ولم ينس قضية المرأة والتعليم، كما لم يهمل قضايا الأمة الكبرى كالوحدة الإسلامية، وقضية فلسطين، وأفغانستان، وحتى الثورة الإيرانية، وكان الشعر في الحقيقة يعبر عن فكر النخبة المثقفة أنا ذاك. السراج: كم عدد الشعراء المترجم لهم في المدونة؟ ولد حيلاجي: لقد ترجمت لمجموعة من الشعراء الشباب، لكني بدأت بالترجمة لبعض المشايخ السابقين على سنة 1973، وهم الشيخ محمد سالم ولد عدود، وحمدا ولد التاه، وكراي ولد أحمد يوره، وشغالي ولد محمد محمود العلوي، وهو من أهل شنقيط، ويقول في المختار ولد داداه في بداية السبعينات: خذ وصاة الله فيما ينتسب للعرب واحفظ دينك الإسلاما وجمعت بعض الشعر لمحمد سالم ولد عدود، وكراي ولد أحمد يوره، وله شعر إسلامي جيد منه: من رام مصلحة أو درء مفسدة يعبر شريعة طه دائم الأثر تلك الشريعة ملآ بالمصالح لـ ـكن المصالح قد تخفى على البشر ومن جميل ما قال محمد سالم بن عدود، مما أذكر قوله في قضية تبديد الثروة الإسلامية في الغرب: سئمت الشعـــر حتى ما أقيم لـه وزنـا فسالمـه سقيــم ومارست البحور ومارستــني فمعـــوج علي ومستقيـــم يبث أخي عدوي ســر سري فكيف ترون حــالي تستقيــم؟ ويحرقني العدو بنفــط أرضي فما أدري أأظعـن؟ أم أقيـــم؟ فليت النفـط بالدمـام مــاء تقيـم عليـه قيــس أو تميـم وليت الأرز في لبنان مــرج تروض بـه قضاعـة أو تسيـم ........الخ هذا شعر محمد سالم بن عدود، وممن قدمت لهم أيضا الناجي ولد محمود، وهذا له شعر أيضا في قضية المرأة. ومن أهم من ترجمت له في السبعينات أحمد الحسن بن آلا رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، وكان من رواد الحركة الإسلامي، ولكنه غلب عليه الجانب الصوفي الآن. وكان ذا شعر كثير، وكان شعره حماسيا، وقد تناول معظم الأغراض التي تهم الشباب في تلك المرحلة. يقول في بداية الثمانينات، أو سنة ثمانين أو تسع وسبعين على ما أعتقد: يا شباب الإسلام آن الأوان أن يقود المسيرة القرآن أفلست كل دعوة غير هذي وتداعت من صرحها الأركان يا شبابا نعدهم خير ذخر واجهوا الزحف هاهو الميدان لا تهابوا الدخيل ليس سواءا صاحب البيت فيه والقرصان لا تضيعوا في الحاكمين رجاء بعدما نكبوا الصراط وخانوا أوترضون أن يظل الطوا غيت رعاة وأنتم القطعان خسرت أمة يشرع فيها ويصوغ المبادئ الشيطان تملك الجاهلية الرد والأخـ ـذ ودين الهدى سجين مدان قعد المبصرون منها بعيدا وتولى قيادها العميان وأحمد الحسن هذا قال شعرا في قضية فلسطين باعتبارها إسلامية، وقال شعرا حتى في قضية إيران التي انبهر بها كما انبهرنا بها جميعا، وكذلك قال شعرا في أفغانستان، وأذكر أنه قال فيها قصيدة جميلة عندما احتلها الروس سنة تسع وسبعين تسع مائة وألف، وكانت مبكية تذكرني بشعر رثاء مدن الأندلس، وبشعر أبي البقاء الرندي، يقول في هذه القصيدة: تذكروا اللاجئين الشعث ليس لهم إلا ثلوج شتاء قارس خيم يستنجدونكم يرجون نصرتكم لو كان يسمع هذا الصوت معتصم كانت بخارى وتركستان موعدنا إذا بلاد أفغانستان تخترم وقبل ضاعت فلسطين وأندلس جرحان يزداد لذعا فيهما الألم فهل يدوم لنا البيت الحرام إذا ظلت معاقلنا تغزى وننهزم؟ والقصيدة مطلعها... أو يقول فيها: يا أمة الحق هبوا حسبكم فإلى كم لا يهاب لكم في ساحة حرم هذي الصليبية السوداء ما برحت في عقر داركم بالكيد تعتصم وذي الشيوعية الحمراء قد زحفت عليكم وجهها كالليل ملتطم تلقي بعنف على كابول كلكلها فتستغيث ولا يرعى لها حرم أناتها تقرع الأسماع صارخة أين الإباء وأين النبل والكرم يصاحب النبل أيام الحبور ولا يستشعرون غدا أن ترحل النعم إلى آخره... السراج: أبرز الشباب الذين ترجمتم لهم أحمد الحسن ولد آلا؟ ولد حيلاجي: لا، ليس وحده بل هم كثر، منهم أيضا الشيخ الدكتور محمد الأمين ولد مزيد، فقد كان شاعرا من شعراء الصحوة المميزين، وله قصائد مهمة ومؤثرة، ولعل من أبرزها قصيدتاه عن النفط، والظلم، ومطلع الأولى: عجبت لماذا النفط لم يغسل الفقرا ولم يرفع الجدب الكئيب عن الصحرا وقد استجوب على إثر إلقائه لها في المملكة العربية السعودية والقصيدة الثانية هي: ظلموني حقا لقد ظلموني حرموني الحياة في ظل ديني حكموني بغير ديني فنفسي في اضطراب وأمتي في شجوني أبعدوني عن هديه فخطا الـ ـيوم عرج مصابة بالجنون إلى آخره...
يتواصل.............. |