ولد حيلاجي: لا بد أن تكون خطبة الجمعة ذات صلة بحياة الناس وما يعانونه |
الخميس, 21 نوفمبر 2013 08:20 |
إنه الإمام والأستاذ الداعية الشيخ سيدي محمد ولد حيلاجي.. نسير معه خلال هذه المقابلة في ظلال الأدب ونسائم الدعوة. السراج: وماذا عن الشيخ سيدي محمد الإمام؟ ولد حيلاجي: أنا إمام لمسجد خالد منذ تأسيسه في العام 1999، أصلي فيه الجمعة وأقدم فيه دروسا ثابتة للمصلين، وقد قدمت فيه سلسلة عن "فقه السنة" اعتمدت فيها عدة كتب، بدءا بكتاب "فقه السنة" لسيد سابق رحمه الله وقد واصلنا في الكتاب وتقديمه للمصلين حتى البيوع، وبعد ذلك تحولت إلى كتاب عمدة الأحكام فأكملناه تقديما وشرحا وتعليقا، وقد اعتمدنا فيه على شرح لعالم سعودي اسمه "البسام" ربما يكون من أفضل شروح هذا الكتاب. والآن نقدم تلك السلسلة اعتمادا على موطأ الإمام مالك، وقد وصلنا فيها كتاب الحج. السراج: يرغب كثيرون في حضور خطبكم في الجمعة حتى من غير جيران المسجد، ما سر هذا؟ ولد حيلاجي: الله أعلم، ربما رأوا فيها ما لم أر فيها، وعلى كل فأنا أعتمد في الخطب على التحضير الجيد للموضوع ومحاولة الإحاطة به من جميع جوانبه المهمة للمصلين. ومع ذلك أراعي دائما الزمان والمكان والظروف المحيطة، فالخطبة لا بد أن تكون ذات صلة بحياة الناس وما يعانونه، توجهم إلى الخير وترشدهم إلى الله بحكمة وموعظة حسنة وجدال بالتي هي أحسن، وإذا خرجت عن ذلك فكانت مواعظ غير منزلة على الواقع، كانت أقل تأثيرا، أو ربما كان فيها نوع من مجاملة المصلين، والبعد عن مس ما يعانونه... وبناء على ذلك فقد أعددت مواضيع للمناسبات، وهي خطب شبه ثابتة كخطب الأعياد، وخطب مناسبات الهجرة ورمضان... حيث أبين للناس فيها حسب الطاقة ما يجب أن يكون عليه الإنسان في هذه المواسم، وبعض الأحكام المتعلقة بها، ثم هناك خطب تابعة لبعض النوازل التي تنزل بالناس وتظهر من غير وجود سابق لها، كظاهرة التكفير، والغلو، والتشدد، وكبعض مظاهر الميوعة والانحراف والسلبية التي يعانيها بعض الشباب، وعندي نماذج كثيرة من تكل الخطب، بل يمكن أن أقول إن أعلبها ما زال عندي مكتوب عليه موضوعه وتاريخ إلقائه من بداية تقدمي للخطابة في جامع خالد وحتى الآن. وفيما يتعلق بالخطبة ذاتها فإنها تنقسم إلى محاور تتناسب منهجيا مع المتلقي، وتعتمد غالبا منهجا يبدأ بذكر الإشكال، وأصله أو أصل التعامل معه في الكتاب، ثم في السنة، ثم في الشعر أو مأثور الكلام إن كان له فيه ذكر، ثم تخلص الخطبة في الغالب إلى خلاصات عملية تقدم للناس على شكل نقاط معدودة قابلة للتطبيق. السراج: ما هي رسالة الإمام للمجتمع في نظركم؟ ولد حيلاجي: رسالة الإمام يمكن إيجازها في نقاط أهمها: 1-أن يكون مطلعا على ما يجري في بلده وفي العالم من حوله، فلا يصح أن يكون الإمام مغفلا جاهلا بما يجري، وهو يريد أن يعظ الناس وأن يوجههم إلى الخير بل لا بد أن يكون على علم ووعي بأحوال بلده، وبأحوال البلدان المجاورة، وبما يجري في العالم من حوله، وبكبريات الأمور التي تؤثر في حياة الناس وفي معايشهم حتى يتسنى له التوجيه على بينة وعلم، وحتى لا يكون توجيهه نظريا بعيدا عن الواقع، وغير قابل للتطبيق. 2-البعد عن التصنيف: فالإمام في رأيي ابن الناس أجمعين أو أبوهم أجمعين، فلا يمكن أن يكون مائلا إلى صنف من الناس دون صنف، ولا إلى بعض المأمومين دون بعض، بل لابد أن يكون توجيهه عاما للناس، وأن يكون على نفس المسافة منهم، حبا للخير، وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وإرشادا للضال، وتعليما للجاهل، ومراعاة للحال؛ فلا بد أن يكون حياديا في اختلافات الناس الجزئية، وموضوعيا في طرحه، وواقعيا في توجيهه. 3-لا بد أن يتأكد من الأخبار التي يروي فلا يمكن أن يكون الإمام صاحب دعاية يحدث بكل ما سمع، و"كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع"، بل لا بد أن يتأكد مما يروى له من أخبار فلا ينقل إلى الناس منه إلا ما صح، ولا يروي لهم منه إلا ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، أو يعود بالنفع والصلاح عليهما... وإذا كان الأمر كذلك فيما يتعلق بأخبار الناس فالأمر آكد فيما يرويه من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي للإمام أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثا صح سنده، أو يبين مدى صحة ما ينسبه له إن نسبه إليه لداع من الدواعي... كما لا يحق له أن يروي للناس كل العلم، فليست الخطب مكانا لإظهار العضلات العلمية، وإنما ينبغي الاقتصار على النافع المفيد الذي لا يحتاج عنتا في شرحه ولا مشقى في فهمه، "ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"... ينضاف إلى ذلك تصحيح تلاوة القرآن الكريم، فهي آكد فيه من غيره، وإن كان تصحيح التلاوة يلزم كل تال، وكذلك عليه أن ينسب الشعر الذي يروي أو يتأكد منه حتى لا يزعج الناس بشعر فاسد غير مستقيم... 4-أن يطلع على أحوال جيرانه، فلا يمكن أن يخاطب قوما لا يعرف أحوالهم، ولا يحس بمشاكلهم.. فالخطيب ليس ملكا نازلا من السماء بل هو من الجتمع، منه خرج وإلى صلاحه يهدف.. ومعرفة أحوال الجيران هذه عامة، تشمل أحوالهم الثقافية والعلمية والمادية وغير ذلك من كل ما لمعرفته تأثير في صياغة الرسالة الدعوية الإيمانية التوجيهية التي انتدب نفسه لتبليغها إليهم... الاطلاع على ما ينشر في الإعلام، فالاعتماد على نقل من رأى الإعلام لا يعطي الحقيقة مهما كان صدوقا، لأن فهم الإنسان للأمر قد يشوش على نقله له، ولذلك لا بد أن يعتمد الإمام على نفسه في تلقي ما ينشر في الإعلام، وغربلته وتدقيقه، وإحسان تفسيره، حتى يوجه الناس على بصيرة وبينة.
يتواصل............... |