بنت أحمد سالم: طلاب ISERI فتحوا لنا باب التعلم خارج البيت |
السبت, 14 ديسمبر 2013 16:16 |
إنه علم على نار واسم على مسمى إنها "أم المؤمنين" بالدعوة الإسلامية الوسطية في موريتانيا التي شاء القدر أن يكون اسمها "أم المؤمنين" على حد قول ابن أحمد دام: "رآه ذو العرش علام الغيوب لذا أهلا فساق إليه قبله سببه" إنها "أم المؤمنين بنت أحمد سالم"، ولو كان في الدعوة تمييز بين الرجال والنساء في غير ما ميز الله بينهن فيه لاستنشدنا مع أبي الشعراء وأمير البيان أبي الطيب المتنبي قوله: "ولو أن النساء كمن [وصفنا] لفضلت النساء على الرجال فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال" ولكن الدعوة لا تشغلها تلك الجدليات، ولا تستوقفها تلك الفوارق، وحسبها ما في الشرع وما تمليه الوظيفة التكليفية.. ومع أم المؤمنين الصابرة الصادقة المحتسبة التي يلفها التواضع وتظهرها الثقة في الله ونصره وتمكينه، نرجع البصر إلى حيث تاريخ النشأة، ومسار الحياة، ونتفيأ ظلال بدايات الدعوة النسائية، وما دمنا مع أم المؤمنين فنحن نطرق باب نادي عائشة، ونمر بذات النطاقين، ولا نلام إذا كنت لنا مع الأدب النسائي وقفة أيضا في هذه المقابلة. السراج: الأستاذة أم المؤمنين ماذا عن النشأة الأولى، وأثرها في مسار الحياة؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، بادئ ذي بدء أشكر هذا الموقع، وأتمنى له التوفيق، وأسأل الله أن يفتح به عيونا مغلقة، ويسمع به آذانا قد صمت، وأن ينفع به، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أما عن النشأة فهي عادية جدا، وطبيعية في أسرى بسيطة من أسر هذا البلد، تتميز بمستوى من الرعاية لأبنائها، والجد في تربيتهم، وقد جعل ذلك هذه الأسرة التي كان من الفترض أن تكون من بيئة غير متعلمة إلى حد كبير تعزف عن ذلك وتتحول عنه، وقد أدى والدي شبه قسم ألا يسكن أبدا إلا في قرية متعلمة، أو في مدينة يتعلم فيها أبناؤه، وقد كان لذلك أثر كبير على الأسرة بشكل عام. وقد نشأت ولله الحمد في بيئة متعلمة بشكل عام، والدتي والحمد لله كانت فاضلة صالحة، وإخواني والحمد لله متعلمون ومتدينون بطبيعتهم، وقد نشأت في أسرة محافظة، وملتزمة؛ فدرست القرآن الكريم في بداية حياتي، كما كل الموريتانيين، أو معظم الموريتانيين والموريتانيات، وقد درستني امرأة فاضلة معروفة في بيئة التاكلالت جزاها الله خيرا. وقد كانت مدرستي معروفة بالقدرة على تحفيظ القرآن الكريم لطلابها وطالباتها، وللأسف لم أحفظ القرآن كاملا، وإنما زدت على نصفه ولم أتجاوز ذلك للأسف، رغم أنها كانت تصفني بأشياء لا أدري هل أنا متصفة بها فعلا، أم لست كذلك حيث كانت تصفني بمسوى من الذكاء والقدرة على الحفظ، وكان يحز في نفسها أني قادرة على الحفظ، ولكن للأسف لم أحفظ إلا نصف القرآن أو يزيد قليلا، ولكني بحمد الله تعلمت منها الشيء الكثير، وقرأت عليها أكثر من نصف القرآن الكريم، وقد أكسبتني قراءتي عليها مستوى من الإعجاب باللغة العربية والاهتمام بهذه اللغة، وزاد حبي للغة العربية أن أخي أحمد كان في المحظرة في الغالب ويترك مكتبته في البيت، وكنت أطالع في بدايات حياتي دواوين الشعراء، وبعض الكتابات الجيدة في الأدب العربي. هذا أساسا مما أثر في في بدايات حياتي، فنشأت بحمد الله وبفضه علي، نشأة -أسأل الله أن يختم لي بالسعادة- أظنها كانت نشأة طبيعية جدا وعادية. السراج: أين كانت بداية النشأة بالضبط؟ أم المؤمنين: البداية التي أعقلها كانت أساسا في الجنوب الموريتاني، في ولا ية الترارزة، في منطقة إكيدي، بالأساس، وقد عقلت في التاكلالت، ولكن حين كنت ابنة 15 أو 16 سنة انتقلت إلى المذرذرة. السراج: ما اسم المرأة التي كانت تدرسك؟ أم المؤمنين: اسمها عائشة بنت سيدي، رحمها الله وجزاها عني خيرا. السراج: بدأ المسار الدراسي بتعليم القرآن، ما هي أهم محطات هذا المسار، وما سبب الانتقال إلى المذرذرة؟ أم المؤمنين: طبعا الأسرة كانت تتنقل، وكان الناس يسعون شيئا فشيئا إلى التمدن، وكان كلما كان المكان أقرب إلى التمدن كان أحسن عند الناس، ولذلك كانت المذرذرة أحسن عند الناس من التاكلالت لكونها أكبر حجما من التاكلالت فكانت أقرب إلى التمدن، وإلى ما يقصده الناس فيها من التاكلالت. السراج: متى كان التحول إلى المذرذرة بالضبط؟ أم المؤمنين: أظنه كان آخر سنة 1973. السراج: المسار الدراسي بدأ بالقرآن الكريم ثم؟ أم المؤمنين: ثم ببعض القراءات المحظرية، لأني كنت درست في التاكلالت بعض ما يسمونها بالكتب الصغيرة، كالأخضري وابن عاشر، على بعض المشايخ هناك، وبعض علوم العربية على سيدي الملقب هيدي رحمة الله علينا وعليه، وقرأت عليه كذلك بن عاشر، ثم على بعض الشيخات الأخريات أخذت بعض الدراسات المحظرية خصوصا المتعلق منها بالفقه، ثم لما انتقلنا إلى التاكلالت. السراج: هل هناك شيخات يدرسن، وماذا يدرسن، ومن تذكرين منهن؟ أم المؤمنين: نعم هناك شيخات كن يدرسن القرآن والفقه والسيرة، وبعض غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، منهن عائشة هذه وخديجة أختها، كن يدرسن أهم أحداث السيرة، فكن يدرسن أشياء من هذه العلوم خصوصا بالنسبة للنساء، قد لا تكون علما بالمعنى الأكاديمي للعلم، ولكنه يغني خاصة بالنسبة للنساء، وقد تساعد على توجه المرأة في مسار معين، يحسم أو تحسم المرأة مسارها من خلال ذلك العلم التقليدي التلقيني المأخوذ بمستوى من العفوية أحيانا، وأحيانا فيه نوع جد. ثم انتقلنا إلى مقاطعة المذرذرة، وكانت والدتي رحمها الله تكره التعليم النظامي كراهة شديدة، وكانت تكره خروجنا إلى المدارس، حتى أقنعها أخي أحمد "القاضي" بأن نسجل في مدارس ابن عامر، وكان بعض فروعها الأهلية يومئذ في المذرذرة، والحقيقة أنها كانت أحسن في نظامها وأسلوبها في نظر الكثيرين من المدارس النظامية حينها. لأن المدرسة النظامية كانت تتميز بضعف عام في تدريس العربية والعلوم الشرعية في حين كانت هذه المدرسة تدرس المنهج المعتمد وتزيد عليه، لكن اختصاصها هو تدريس اللغة العربية والعلوم الشرعية، وهكذا يعني، وكنت حسب معلمتي فاطمة بنت امح رحمة الله عليها، ممن تصفهم بالمتميزين، وحصلت في هذه المدرسة مستويات سنة سادسة، وأولى إعدادية تقريبا، ثم انتقلنا بعد ذلك إلى نواكشوط. وكان ذلك سنة 1979تقريبا. ولما جئنا نواكشوط حصلت نفس المشكلة؛ حيث كانت الوالدة تخاف جدا من نواكشوط، ومن جو الانحلال والفساد الأخلاقي فيه، وما يمكن أن يصيب البنات فيه من عدوى سلوك أهله. وقد رفضتْ رفضا جديدا أن ألتحق بالتعليم، وكانت هذه السنة بالنسبة لي ضائعة، إلا مما كنت أحصله داخل البيت من معارف، يساعدني فيها إخوتي ومطالعاتي الفردية من أجل تحصيل ما ينبغي أن أحصله من العلم. ثم بعد ذلك كان الأخ أحمد قد بدأ في دراسته في المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية مع انطلاقته، وكان من أول الأفواج فيه، وكان مع إخوة آخرين، ساعدوا أمثالنا من اللواتي يمكن أن يتعلمن، ولكن يخاف عليهن أهلوهن من فساد نواكشوط، ففتحوا قسما حرا للبنات اللاتي يتصفن بصفاتنا، فكان أول قسم أدخل فيه في نواكشوط، وحضرنا فيه للشهادة الإعدادية، سنة 1981-1982؛ لأننا جئنا لنواكشوط في الشهر التاسع من سنة 1979، جئنا في نهاية السنة، وضاعت السنة التي تليها. ولما انفتح باب الخروج، وصرنا نخرج إلى هذا القسم التحقنا ببعض المدارس الأخرى التي كانت وقتها قد انفتحت في ذلك الوقت، وكانت مدارس حرة ولكنها طوعية.
يتواصل.............. |