بنت أحمد سالم: التدين والمحيط الطيب كانا وراء قبول الأهل اصطحاب "الأخوات"
الجمعة, 27 ديسمبر 2013 01:31

الأستاذة أم المؤمنين بنت أحمد سالمالأستاذة أم المؤمنين بنت أحمد سالميدخل السراج الدعوي اليوم بقرائه الكرام إلى صفحة جديدة من صفحاة التاريخ الدعوي، وإلى علم من أعلام الدعوة الإسلامية الوسطية في موريتانيا، ورمز من رموزها جهادا وصبرا وتضحية ودعوة بالحكمة والموعظة والجدال بالتي هي أحسن....

إنه علم على نار واسم على مسمى إنها "أم المؤمنين" بالدعوة الإسلامية الوسطية في موريتانيا التي شاء القدر أن يكون اسمها "أم المؤمنين" على حد قول ابن أحمد دام:

"رآه ذو العرش علام الغيوب لذا أهلا فساق إليه قبله سببه"

إنها "أم المؤمنين بنت أحمد سالم"، ولو كان في الدعوة تمييز بين الرجال والنساء في غير ما ميز الله بينهن فيه لاستنشدنا مع أبي الشعراء وأمير البيان أبي الطيب المتنبي قوله:

"ولو أن النساء كمن [وصفنا]

لفضلت النساء على الرجال

فما التأنيث لاسم الشمس عيب

ولا التذكير فخر للهلال"

ولكن الدعوة لا تشغلها تلك الجدليات، ولا تستوقفها تلك الفوارق، وحسبها ما في الشرع وما تمليه الوظيفة التكليفية..

ومع أم المؤمنين الصابرة الصادقة المحتسبة التي يلفها التواضع وتظهرها الثقة في الله ونصره وتمكينه، نرجع البصر إلى حيث تاريخ النشأة، ومسار الحياة، ونتفيأ ظلال بدايات الدعوة النسائية، وما دمنا مع أم المؤمنين فنحن نطرق باب نادي عائشة، ونمر بذات النطاقين، ولا نلام إذا كنت لنا مع الأدب النسائي وقفة أيضا في هذه المقابلة.

السراج: حصلت على الإعدادية سنة 1982، فمتى حصلت على شهادة مدرسة تكوين المعلمين؟

أم المؤمنين: تخرجت من تلك المدرسة سنة 1986-1987، حيث حصلت على الإعدادية سنة 1982، ثم في السنة التالية شاركت في مسابقة تكوين المعلمين، 1983-1984، وبعد ثلاث سنوات تخرجت، أي سنة 1987.

وقد أمضيت ثلاث سنوات في المدرسة، وأغلب ما قرأت فيها قرأته قبلها، وقد عمقت لدي بعض العلوم، والمعارف، خاصة ما يتعلق بالجانب التخصصي كالتربية وعلم النفس، والتربية الخاصة، أي كيف تعد درسا، كيف تقدمه، أي التربية بمفهومها الخاص.

أمضيت فيها ثلاث سنوات وكانت حينها لا تزال معقلا ناصريا بامتياز، وأذكر أنه ليس فيها من الأخوات إلا قلة، وقتها أصبحت ملتزمة، وأحسب نفسي من الإخوان، أدافع عن رأيهم، وأناقش باسمهم، وليس معي في تلك الفترة إلا ستة أو سبعة من الأخوات تقريبا.

وكانت المدرسة بالنسبة لنا صعبة، وكانت الغالبية العظمى فيها ضدنا تشوهنا وتعيرنا، وكنا نحاول أن ننحت في صخرتها مكانا للفكرة التي نحمل، وقد نكون وفقنا بحمد الله في شيء من ذلك، وإن كان كل ذلك جاء دون ما نطمح إليه بكثير.

السراج: كانت مدرسة تكوين المعلمين –في فترة سابقة عليكن- مليئة بالأساتذة الأجانب، وأغلبهم ليسوا متدينين، فماذا عن الأساتذة في فترتكن؟

أم المؤمنين: كان يدرسنا أساتذة أجانب عدة، منهم سوري يدرسنا الموسيقى، وأستاذ مصري للتكنولوجيا وعلم الأخشاب، ودرسنا مغربي التربية وعلم النفس، وكان هذا المغربي يصرح أنه لا يصلي.

ومما يدل على عمق التدين في الموريتانيين عموما، أنه مرة في فترة حرة كان يحدثنا عن الملابس الموريتانية، وقال إن سبب تخلف الموريتانيين هو أن المرأة ساترة، وتلبس الملحفة السابغة، فضج القسم، وأعرض عنه، ورفض كلامه، وقال إن تقليد المغربيات غير مطروح لهن، فكيف بمغربيات مقلدات الأربيين ليس في أهدافهن ولا من خططهن، وإن الدين والستر خط أحمر بالنسبة لهن، فكأنهن بذلك حثين التراب في وجهه كما يقال.

وعموما فقد كان التدين في المدرسة ضعيفا بشكل عام، وكان بعض الأساتذة لا يستحي من إشهار هشاشة دينه.

وذات مرة قالت لي إحدى الأخوات كانت تدرس في القسم الفرنسي، إن تدين الأساتذة في القسم الفرنسي أحسن من تدين الأساتذة في القسم العربي يا سبحان الله!!.

وعموما فتأثير الأستاذ الأجنبي يبقى محدودا وفي أطر ضيقة، ويبقى أقل أيضا حين يتعلق الأمر بالمرأة لأنها لا تحتك بالأساتذة الرجال احتكاكا يولد التأثير أوالتأثر بأفكارهم، فكيف بالأساتذة الأجانب الذين لا يجمعها معهم إلا الدرس.

السراج: وماذا عن وجود الأساتذة الموريتانيين في المدرسة؟

أم المؤمنين: درسنا أساتذة موريتانيون خاصة في السنتين الثانية والثالثة، فأستاذ الفقه موريتاني، وأستاذ اللغة العربية موريتاني، ولأننا كنا نلقب الأساتذة دائما وصعب علينا ذلك حفظ الأسماء الحقيقية، ولا أريد أن أذكر إنسانا بلقب لا أدري أيعجبه أم لا.

السراج: متى تعرفت على الدعوة الإسلامية، وما هي بداياتك الأولى معها؟

أم المؤمنين: من بدايات الثمانينات ارتبطت بمن كان وقتها يوجد من الأخوات....

أذكر أن أول من ارتبطت به من الأخوات هي الأخت منّ بنت الشيخ ولد حمدي، وهي زوجة الأخ المختار ولد محم، وقد تزوجها بعد معرفتي بها، وهي أول من عرفت.

ولا زلت أذكر أول لقاء جمعنا؛ حيث جئت إلى ذلك القسم الذي تحدثت عنه سابقا، أعني القسم الذي فتحه الإخوة؛ وقد جئت لاحقة عليها، حيث كانت قبلي فيه..

جئت ذات يوم قبل إحدى الصلوات، وحين جلست تذكرت أني لم أصل، فتوجهت إلى الميضئة، كي أتوضأ فوجتها هناك تتوضأ فكانت تلك أول صلة بيننا.

وقصة الوضوء هذه دائما عندي معها حكاية، حيث خرجت مرة، وأنا في مدرسة البعثيين سابقة الذكر، لأتوضأ خلف أحد الأقسام، فجاءني أحدهم فقال: هل أنت إخونجية؟، وأنا حينئذ لا أعرف شيئا عن هذا الاسم، فتساءلت ما معنى: إخونجية؟، فقال: يعني هل أنت من الإخوان المسلمين، فقلت ببراءة: وهل أنت من الإخوان المجرمين؟

 نعم، أنا من الإخوان المسلمين، ولم أكن أدرك حينها أبعاد ما ادعيت ولا مراميه، ولم أكن أعرف غير أن ما ينتمي إلى الإسلام ويلتصق اسمه به مشرف...

ومن العجب أنه ظن أن كلمتي كلمة شخص واع، دار بما يقول، وليس الأمر كذلك، بل كنت في منتهى البراءة...

وهي أيضا لما رأيتها تتوضأ حرك ذلك الوضوء التواصل بيننا، فأعجبت بها.

السراج: هل هي من أقنعك بفكر الإخوان؟

أم المؤمنين: لم تقنع أي منا الأخرى؛ حيث كنا من الفكرة في مستوى متقارب، فأنا جئت إلى نواكشوط متدينة، ومحبة للتدين، وأحب المتدينين.. وأحس أن الوضع الذي نعيشه غير طبيعي، ولا قريب من ذلك.

في الحقيقة أعجبني وضوءها، وأعجبني أنها كانت تظاهر بين ثوبين رقيقين، ولم تكن الملابس حينها إلا رقيقة، ولا وجود للأقمصة، ولا للملابس الساترة، فأعجبتني فيها محافظتها على الستر وعلى الوضوء.

فهي كانت تظاهر بين ثوبين رقيقين، وتحرص على أن تستر، فأعجبني فيها ذلك.

ولما تعارفنا وارتبطنا وقويت العلاقة بيننا، وأصبحت تزورني في البيت، وأعجب أهلي فيها أيضا إضافة إلى تدينها الشخصي، محيطٌها الاجتماعي، حيث تنتمي إلى أسرة معروفة من المجلسيين، مشهورة بالعلم والورع، فكان ذلك عاملا مساعدا للأهل على تقبلها والسماح لي بزيارتها، واتخاذها صديقة.

وقد ساعد ذلك في أن تتقوى أواصر العلاقة والصحبة بيننا، وأن نعمق فهمنا الشرعي والإسلامي، وأخوتنا في الله أيضا إلى أبعد مدى.

وبعدها تواصلت مع أخوات أخر؛ كأسماء بنت الرباني، ومنّ بنت ابياه، وحاجَ بنت البخاري... وبعض الأخوات الأخريات، ولم يكن يومئذ كثيرات، ولكن كن فاعلات بحمد الله، يسر الله على أيديهن كثيرا من الخير، وهذه على كل حال كانت بداية.

 

 

 

يتواصل.......................................

بنت أحمد سالم: التدين والمحيط الطيب كانا وراء قبول الأهل اصطحاب

السراج TV