بنت أحمد سالم: على الأخوات إجادة استخدام الوسائل الحديثة في الدعوة |
الجمعة, 31 يناير 2014 08:58 |
يدخل السراج الدعوي اليوم بقرائه الكرام إلى صفحة جديدة من صفحاة التاريخ الدعوي، وإلى علم من أعلام الدعوة الإسلامية الوسطية في موريتانيا، ورمز من رموزها جهادا وصبرا وتضحية ودعوة بالحكمة والموعظة والجدال بالتي هي أحسن.... إنه علم على نار واسم على مسمى إنها "أم المؤمنين" بالدعوة الإسلامية الوسطية في موريتانيا التي شاء القدر أن يكون اسمها "أم المؤمنين" على حد قول ابن أحمد دام: "رآه ذو العرش علام الغيوب لذا أهلا فساق إليه قبله سببه" إنها "أم المؤمنين بنت أحمد سالم"، ولو كان في الدعوة تمييز بين الرجال والنساء في غير ما ميز الله بينهن فيه لاستنشدنا مع أبي الشعراء وأمير البيان أبي الطيب المتنبي قوله: "ولو أن النساء كمن [وصفنا] لفضلت النساء على الرجال فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال" ولكن الدعوة لا تشغلها تلك الجدليات، ولا تستوقفها تلك الفوارق، وحسبها ما في الشرع وما تمليه الوظيفة التكليفية.. ومع أم المؤمنين الصابرة الصادقة المحتسبة التي يلفها التواضع وتظهرها الثقة في الله ونصره وتمكينه، نرجع البصر إلى حيث تاريخ النشأة، ومسار الحياة، ونتفيأ ظلال بدايات الدعوة النسائية، وما دمنا مع أم المؤمنين فنحن نطرق باب نادي عائشة، ونمر بذات النطاقين، ولا نلام إذا كنت لنا مع الأدب النسائي وقفة أيضا في هذه المقابلة. السراج: حبذا لو ذكرت بعض أصعب وأطرف المواقف التي مررت بها في الحياة؟ أم المؤمنين: لا أتذكر كثيرا من تلك المواقف لأن الله من علي بنعمة كبيرة، هي نعمة النسيان، وهي نعمة كبيرة، فقديما قيل: "لا يستهويك صاحب الذاكرة القوية، فإنها تذكر دائما المواقف السلبية"، وبالتالي لا أتذكر من تلك المواقف ما يستحق الذكر.. وربما يعود ذلك للميل النفسي، في حين أتذكر الأدب لأن نفسي ميالة إليه محبة له، وللشعر، بطبيعة الحال ولا تميل النفس إلى المواقف الصعبة، ومن هي مثلي بذاكرة ضعيفة قد تنساها بسهولة. وعموما أذكر أنه في مرة من المرات في بداية أو وسط 1982، (وحينها بالطبيعة كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يملأ حيزا كبيرا من تفكير الأخوات والإخوة المشتغلين بالدعوة) كنت في سوق المقاطعة الخامسة، ورأيت سيدة متبرجة فاقتربت منها لكي أساعدها في الستر، فلمتطني لطمة بالغة، ففرحت بتلك اللطمة فرحا شديدا، وتذكرت قول الصحابي: "والله إن عيني الأخرى لفقيرة لما أصاب أختها في سبيل الله"، فرجعت للبيت وأنا فرحة بهذه اللطمة. وأذكر أيضا من المواقف الطريفة أننا حين كنا في تكوين المعلمين دخلنا بعد المغرب، ونحن مجموعة حوالي سبعة من الأخوات، وكانت تلك الليلة ليلة انتخاب مكتب الطلاب، فنظر إلينا أحد الإخوة الناصريين فاستهزأ وقال بسخرية: "يلالي ما اشين اعلايات الإخوان"، محاولا التأثير على نفسياتنا بهذا الكلام لكن لم ينجح... السراج: هل من توصيات ونصائح أخيرة للأخوات؟ أم المؤمنين: إذا كان لي أن أنصح أخواتي فأنصحهن بصدق التوجه، بصدق التوجه لله عز وجل، وأن لا يعجلن عن إخلاص النية لله تعالى، لأنه أحيانا حين تنجح الفكرة وتنتشر وتتعاظم فقد يسير فيها الإنسان لا إراديا أو يسير سيرا شبيها ذلك؛ يعجب بهذا فيسير معه فيما هو فيه، أو يتخذ هذا الموقف لعيون فلان أو فلانة من الناس، أحذِّر من هذا وأرجو أن تكون كل من تحمل هذا العبء الدعوة تحمله بصدق، وتتوجه فيه إلى الله بصدق، تبذل فيه بصدق، وتتأكد أن الله معها وأنه لن يترها عملها، وأن الحقيقة أنه كلما زاد منسوب الإخلاص زادت قيمة العمل، وكلما قل الإخلاص في العمل قلت فائدته، ولو بذل صاحبه عمره كله، فإن العمل الذي لا يكون خالصا لله تكون ثمرته ضعيفة، وبالتالي يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أخلص العمل يكفك القليل". وأيضا أذكرهن بالبذل في هذا العمل، والضحية في سبل الله، فالذي يريد أن يحقق شيئا، وأن يضيف شيئا لا بد أن يبذل وأن يستعد للتضحية وأن يستعد لابتلاء والامتحان، لأن هذه كما ذكرت سابقا متلازمات مع هذا العمل فمن لوازمه الامتحان والابتلاء والاختبار، لأنه تمحيص للمؤمن، ولأنه كلما زاد إيمان المؤمن وصلاحه كلما تعرض للابتلاء، وهذا الابتلاء فيه خير كثير، ينبغي أن يكون المؤمن مستعدا للصبر فيه، وقد يكون هذا الابتلاء خفيفا بسيطا، لكن له أجره، فالمؤمن يثاب على الشوكة يشاكها. وعلى الأخوات أن يجدن استخدام الوسائل الحديثة في الدعوة، وأن يجددن طرق هذه الدعوة، وأن يفكرن لذلك.. فمرة قلت لإحدى الأخوات، إننا تعودنا روتين الأيام التربوية التي نقدم فيها الموعظة للناس، وكل الأخوات القديمات والجديدات يرين أن الأمر انتهى، وأنه ليس بالإمكان أبدع مما كان، في حين هي وسيلة ويمكن تجديدها واستبدالها بما هو خير منها، وهي فكرة عادية، وقد استطاعت إحدى الأخوات قبلاً أن تجد هذه الفكرة، فلو أننا نفكر بجد، ونبحث عن وسائل أكثر فعالية لتوصيل فكرتنا، وتعميق الخير في الناس لكنا قد حصلنا عليها...
|