ولد محفوظ: الدعوة واجب شرعي لا يحتاج ترخيصا من أحد
الاثنين, 10 مارس 2014 00:40

الشيخ محمد يسلم ولد محفوظالشيخ محمد يسلم ولد محفوظقال الشيخ محمد يسلم ولد محفوظ المدير التنفيذي لجميعة المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم إن حظر جمعية المستقبل لا يؤثر على الدعوة إلى الله تعالى، ولا على المشروع الإسلامي المبني على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.

وقال الشيخ في مقابلة مع السراج الدعوي، إن الدعوة واجب كل مسلم، وخاصة أهل العلم.

وطالب السلطات الموريتانية بالتراجع عن قرار حل جمعية المستقبل، لأنه رغم عدم تأثيره على الدعوة ومسارها يظهر السلطات على أنها مناهضة للدعوة مؤيدة للإلحاد.

نص المقابلة:

 

السراج: جمعية ضخمة بعشرات الفروع، ومئات الأنشطة، حبذا لو عرفتم القراء على هذه الجمعية؟

الشيخ محمد يسلم ولد محفوظ: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم، وآله وصحبه أجمعين، ولاعدوان إلا على الظالمين، جزى الله خيرا القائمين على موقع السراج واهتمامهم بالدعوة وأهلها، وقبل الإجابة على السؤال لا بد أن أبين أن ضخامة ما تقوم به الجمعية وكونه أكبر من عمرها راجع لنوعية قادتها والمنتسبين إليها وإخلاصهم، فكانت جهودهم مضاعفة، وتعطي إنتاجا أكبر، وسمعة أكبر من حقيقة الجمعية لو لم تر هذا المستوى من الإخلاص والتضحية، وليس ذلك بسبب مادي، وإنما بسبب بذل الوقت والجهد والفكر، والعلم من العلماء أصحاب الكفاءات الذين يملكون القدرة على التوجيه وحسن الإدارة، ويبذلون الوقت والمال في سبيل الدعوة والتعليم والتثقيف.

أما عن جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم، فهيكلتها الإدارية تتألف من مجلس شورى ، ومكتب تنفيذي.

وأما مجالات عمل الجمعية، فهي الدعوة والثقافة والتعليم، فالجمعية متخصصة، لا تهتم بغير مجالها، ورغم ما للعمل الخيري الإغاثي من أهمية فلا تهتم الجمعية به، فلا تكفل الأيتام، ولا تبني المساجد، ولا تساعد المرضى، ولا تحفر الآبار.

وبناء على التخصص يتألف الكادر البشري العامل في الجمعية من علماء ربانيين، ودعاة مخلصين، ومثقفين واعين يتوزعون المجالات الثلاث الآنفة الذكر.

السراج: هل من تفصيل أكثر عن هذه المجالات؟

ولد محفوظ: يمكن أن نعطي لكل مجال من المجالات الثلاث حديثا خاصا به نفصل فيه، وذلك على النحو التالي:

الدعوة: ففي المجال الدعوي تأخذ الدعوة الوسائل التالية لإيصالها للناس:

المحاضرات، والندوات، والدروس، والمخيمات، والرحلات الدعوية، والدعاة المتجولون، والبرامج التربوية المعروفة بالمحاضن، والليالي التربوية، وإقامة المؤتمرات الدولية، والتعاون مع الهيئات الدعوية المماثلة كمنتدى الوسطية.

كما تستخدم النشريات والمطويات الدعوية حيث أنجزنا حجوالي 5000 مطوية، موزعة على خمس وعشرين موضوعا، سميناها "سلسلة قيم وأخلاق" هذا بالإضافة إلى المطويات المتخصصة، كمطويات الحج، ومطويات رمضان، وعشر ذي الحجة...

كما تستخدم الوقفات التربوية، وتشمل أيضا عدة مجالات في التزكية النفسية، وقد أعددنا فيها كتيبا وزعنا منه ما يزيد على 1500 نسخة.

كما تستخدم ضمن وسائلها الدعوية، لقاءات أعيان الدعوة، أو إفطارات العاملين للإسلام في البلد، وهي لقاءات تفكيرية، تهدف لتقريب وجهات النظر بين العاملين في الدعوة من مختلف التوجهات، وقد كانت تتم سنويا في رمضان على شكل إفطارات.

هذا بالإضافة إلى العلاقات الاجتماعية مع المجتمع، ويدخل فيها التعازي والتهاني وعقود الأنكحة والعيادات، وغيرها مما تساهم الجمعية من خلاله في ربط المجتمع في بينها على الخير، وإبعاد البدع عن هذه المناسبات، ومشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم، والتي تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة مقعدا".

هذا بالإضافة إلى توفير الفتوى للناس، وإرشادهم، والسعي في الإصلاح بينهم.

وفي مجال الثقافة: سعت الجمعية إلى توفير البديل الإسلامي عن الثقافات المنحرفة الدخيلة على المجتمع، وخلق ثقافة إسلامية وسطية منفتحة على الناس، وفي هذا المجال جاء مهرجان حداء الصحراء الذي شاركت فيه عدة دول وكان يستهدف إعطاء البديل الإسلامي في مجالين، هما المجال الأدبي والمجال الإنشادي.

وفي هذا الإطار أيضا جاء "لقاء الفن والفقه"، وقد تمت لقاءات في هذا المجال مع الفنانين لتقديم البديل الإسلامي وتقديم تصور، وإعطاء ضوابط للفن المقبول شرعا، وكان لقاءا مفيدا للمجتمعين.

ومن الجانب الثقافي إنشاء المجلات الثقافية.

كما نظمت الجمعية بعضا من الأنشطة الثقافية، كأمسيات الإلقاء الشعري والأدبي وقد قيم ببعضها في فضاء التنوع الثقافي والبيئي، كما في دار الشباب.

هذا بالإضافة إلى بعض النشريات الثقافية التي وزعتها لجنة الثقافة والإعلام.

كما أنشأت موقعا إلكترونيا متميزا كانت تعلن من خلاله أنشطتها، وكذا صفحة على الفيس بوك، لكي تعلم المهتمين بها بكل جديد.

 

أما في مجال التعليم فتسهر الجمعية على تقديم الدورات التكوينية، في المجالات العلمية المختلفة، وكذا المجالات الفنية، كالمعلوماتية والفرنسية، وكتحفيظ القرآن وتعليم التجويد.

كما تسعى في تكوين الخريجين من المدارس والمحاظر (وتقدم لهم دورات متخصصة في كيفية التدريس حتى يمتلكوا مهاراته، وتستغرق الدورة غالبا شهرين أو ثلاثة).

وتنظم أيضا دورات للأئمة (على الخطابة، وإدارة المسجد، ومسؤولية الإمام) والمؤذنين (عن الأذان وأهميته وأخطاء المؤذنين) وأساتذة المحاظر.

وفي مجال التوجيه توجه الجمعية مجموعة من المحاظر وتساعدها في وضع مناهج للتعليم المحظري.

وتقوم بتوفير مشايخ المحاظر لمن يطلبهم ويحتاجهم، خاصة في تدريس القرآن وتحفيظه، ولكن ذلك لا يتم إلا حسب الطلب.

السراج: هذا عن الجمعية بشكل عام، فماذا عن عمل الفروع؟

ولد محفوظ:

للجمعية من الفروع 27 فرعا موزعة على عموم التراب الوطني.

وميزة هذه الفروع أنها تعمل بلامركزية، في ختطه وفي تسييره المالي، فكل فرع وخطته الخاصة به، التي تناسب البيئة التي يعمل فيها، وتنطلق الخطة من الأهداف الثلاثة الكبرى التي هي الدعوة والثقافة والعليم.

ويأخذ تمويلاته من منتسبيه والقائمين عليه.

فالجمعية لا تقبل فرعا ميتا، بل لا بد لفروعها أن تكون عاملة، وبجدية وانضباط، كما لا تقبل فرعا يخرج عن أهداف الجمعية.

وفتح الفرع تابع لقابلية وأهلية القائمين عليه للقيام بمهمته بجوانبها المختلفة، مالية، وإدارية، وعلمية وفكرية وثقافية.

 

وبالنسبة لإنجازات الفروع فإنها تنظم دورات سنوية للشباب، وبعضها تصل أعداد المستفيدين من دوراته سنويا لما يقارب 300 شاب، وقد يصل العدد 500 كما في فرع عرفات.

ومن إنجازات هذه الفروع، ومؤشرات نجاحها في مهامها أن الفائز الأول والثاني في الباكالوريا الأصلية 2011 خريج من فرع دار النعيم، وبعض المشاركين في دوراتها يتخرجون الآن من المعهد العالي والجامعة.

فمثلا منتسبو فرع دار النعيم، يزيدون على ثمانين من المشاركين في دورة الباكالوريا، وهناك ما يزيد على 100 من المشاركين في الدورات الأخرى كحفظ القرآن والتجويد، والفرنسية والمعلوماتية.. وهذا يمكن أن يؤخذ كنموذج لمتوسط فروع الجمعية، فهناك دورات تصل هذا الرقم، وتزيد عليه. وهناك أخرى تقل عنه قليلا.

السراج: من أين تأتي تمويلات هذه الإنجازات الكبيرة؟

ولد محفوظ: هي فعلا إنجازات كبيرة إذا نظرنا إلى الوسائل المتوفرة، لكنها متواضعة، ولا تلبي كل طموحنا وأملنا لجمعية نعلق بعد الله عليه الأمل الكبير في إصلاح المجتمع ودعوته وتثقيفه وتعليمه.

وعموما فإن أساس مالية الجمعية اشتراكات الأفراد التطوعية، ولكن طبيعة القائمين على الجمعية تجعلهم يبذلون فيها، ويرون السباق في البذل من أجل إقامة هذه الأنشطة، وإيصال الخير للمجتمع، عملا صالحا يتقربون به إلى الله تعالى.

لذلك لا تجد الجمعية صعوبة في إقامة أنشطتها، إذ القائمون عليها متطوعون، يعملون مجانا، بل القائمون عليها يدفعون أموالهم من أجل إقامة الأنشطة، وإيجار المقرات، وغير ذلك من مستلزمات العمل.

لذلك دائما تكون ماليتها لا مركزية، إذ كل جهة قائمة على عملها عن طريق منتسبيها.

السراج: وماذا عن تمويلات الأنشطة الضخمة التي تحتاج تمويلا كبيرا، كمؤتمري الوسطية، وحداء الصحراء؟

ولد محفوظ: أحيانا تقيم الجمعية أنشطة كبيرة، كمؤتمر الوسطية وحداء الصحراء، فتكون جهودها الذاتية أقل من أن تغطي تلك التكاليف فتحتاج للدعم، لكن في الشركات الوطنية والدعم الرسمي الذي قد يوجد ما يسد النقص، وقد ساهمت في كل من النشاطين المذكورين شركات وطنية رسمية وغير رسمية، أوصلت إليها الجمعية طلبات دعم، بالإضافة إلى شخصيات ذات سعة مالية، حتى تمكنت الجمعية من القيام بالنشاطات المذكورة.

والجمعية رغم طموحها وإنجازها ذات موارد محدودة فكل مقراتها مؤجرة، فهي لا تملك مقرا واحدا، وقد طلبت من الدولة أرضا تقيم عليها بناء لها، ولكن الدولة لم تحقق ذلك الأمل بعد بل مازال يراوح مكانه، ولم يتقدم تقدما يذكر.

السراج: جمعيه كهذه بحصاد كهذا كيف تغلق بهذه الفجائية، وما هي أسباب هذا الإغلاق؟

ولد محفوظ:

مبررات إغلاق الجمعية كما قدمتها وزارة الداخلية ليست مبررات قانونية، ما قدمته الداخلية في قرار الإغلاق لا يزيد على مبررين اثنين؛ الأول إقامة التظاهرات غير المرخصة، والثاني: النيل من مصداقية الدولة.

-  فأما المبرر الأول وهو إقامة التظاهراتمن غير ترخيص، فالجمعية لم تقم بأي عمل غير مرخص مهما كان، ونتحدى من يوفر دليلا على هذه الدعوى، فالجمعية مسؤولة عن أي نشاط ينظم تحت لافتتها ولم يتم البتة تنظيم نشاط تحت لافتة الجمعية غير مرخص، ولا ينظم أي نشاط لها خارج مقراتها إلا إذا كان مرخصا.

وأنشطة الجمعية عمومية، وتدعو لها السلطات غالبا. فاتهام الجمعية بأنها تثير التظاهرات وتثير الشغب اتهام جائر ومخالف لمنهج الجمعية، ولا يمكن توفير أي دليل عليه، فهي لا تعمل المظاهرات أصلا، بل تقوم بالندوات والمهرجانات المرخصة، والمرخصة فقط.

-       واما المبرر الثاني وهو النيل من مصداقية الدولة:

فمن المفروض أن تكون الجمعية مفخرة للدولة؛ إذ تقوم بأنشطة تخفف من وطأة الإلحاد والانحلال المنتشر, وتساهم في نشر الوسطية، ومحاربة الغلو، وإشاعة الأخلاق والقيم، والإيجابية والخير بين الناس، وبالتالي فهي لا تنال من مصداقية الدولة، بل من المفترض أن تكون مفخرة لها، فهي ذات مصداقية كبيرة، وينتمي لها علماء ربانيون مخلصون، يقدمون برامج تلفزيونية وإذاعية، ويرشدون الناس للخير والبر أينما كان، كما تشيع الطمأنينة في نفوس المواطنين، فليس من الوارد اتهامها بأنها تزعجهم.

لذلك كان خبر إغلاق الجمعية أمرا مفزعا آلم قلوب المواطنين وأثار تساؤلات كثيرة جدا، وكثر الترقب في المواطنين والسؤال عن الجمعية، وأثار البلبلة، وقدمت السلطة نفسها من خلاله على أنها محاربة للدين ساكتة عن الإلحاد.

ومع هذا فإن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في قلوب وأفكار القائمين على الجمعية، ولن تتغير بإغلاق الأبواب، ولا منع التراخيص، إذ الدعوة انطلقت من المجتمع، تهدف لإصلاحه، ولا يمكن منعها ولا حجبها عن الناس.

السراج: هل من توصيات وكلمات أخيرة، تريدون توجيهها في هذا الوقت؟

ولد محفوظ: في هذا الوقت بالذات أود أن أرسل ثلاث رسائل:

الرسالة الأولى للسلطات الحاكمة، وأطلب من السلطة أن تتراجع عن قرارها، وأن تحرص على رغبة مواطنيها في الدعوة والخير وعدم إثارة شعورهم الإسلامي ضدها، مما يساهم في إيجاد أرضية مناسبة للتشدد والغلو، وانتشار الإلحاد والإساءة للمقدسات والرموز الإسلامية، وأن يكون خوفها من الله تعالى مالك الملك، أكبر من خوفها من أي شيء سواه.

الرسالة الثانية للدعاة إلى الله تعالى والعلماء أن يقوموا بدورهم في بيان الحق للناس، وعدم كتمه، وأن يخافوا أن يعاقبهم الله كما عاقب المتخلي عن الحق وعن القيام به، حين أخلد إلى الأرض واتبع هواه، كما قال جل وعلا: "واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث..."، وأن يجعلوا خوفهم من الخالق الرازق مقدما على خوفهم من المخلوق الفقير الضعيف.

فلا يتأثروا بإغلاق الجمعية وسحب التراخيص إذ الدعوة أمر واجب يجب القيام به، ولا يحتاج ترخيصا لأن الله هو الذي أوجب على عباده الدعوة إليه، وحمَّل كلَّ الناس مسؤوليتها: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"، "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس"، "..ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون"، وقد مارس يوسف عليه السلام الدعوة، واستمر عليها حتى وهو في السجن، يقول تعالى –حكاية عنه-: "يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار".

الرسالة الثالثة للمجتمع أن يحرص على الدين، وأن يقبل على الدعوة إلى الله، ونشر الخير، وأن يتعلم العلم يبتغي به وجه الله، وأن يذب عن حرمات الله، وأن يلتف حول الدعاة المخلصين، والعلماء الربانيين، وأن لا ييأس ولا يحزن فالعاقبة للمتقين؛ "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، "والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

 

 

ولد محفوظ: الدعوة واجب شرعي لا يحتاج ترخيصا من أحد

السراج TV