الإمام ولد إسلم: تربيت في بيئة يطبعها الجد تتصالح فيها المدرسة والمحظرة
الأربعاء, 11 يونيو 2014 15:40

الإمام خالد ولد إسلمالإمام خالد ولد إسلم

قال الإمام الداعية خالد ولد إسلم إنه تربى في بيئة يطبعها التصالح بين المدرسة والمحظرة، حيث كان "يبدأ يومه بالمحظرة، ويختمه بها" مرورا بالمدرسة، ولم يكن يلاحظ أي تعارض بين الدراستين، وقال الإمام إن أساتذته ومعلميه، كان يطبعهم الجد والحرص على العلم والعليم، كما كان نفس الطابع مع القدوة يطبع مشايخه في المحظرة.

وقال ولد إسلم إن التلاميذ الذين كان يرافقهم كانوا ذوي شغف بالمطالعة والقراءة، وكانوا يقتنون مكتبة خاصة بهم يسمونها مكتبة الأصدقاء.

الإمام خالد ولد إسلم يحدث موقع السراج عن حياته ومساره الدعوي، فإلى الحلقة الأولى من حلقات مقابلة السراج الدعوي معه.

السراج: ماذا عن البيئة الاجتماعية التي تربيتم فيها؟

الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وإمام المتقين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

يسرني أن أكون ضيفا على إخوتي في هذا الموقع  الدعوي الهام، وفي البداية أشير إلى أن الاستضافة كانت بطلب منكم بارك الله فيكم، وأرجو أن تكون لها فوائد ولها منافع إن شاء الله تعالى.

من فضل الله تعالى علي، "وأما بنعمة ربك فحدث"، البيئة التي تربيت فيها بيئة –على كل حال- علمية فقهية وإن صح التعبير شعرية، - ولا تسألوني عن الشعر لأني لست من أهله طبعا، وإن كان الأب والأعمام شعراء وقضاة-، الحمد لله، هي بيئة علمية، تقليدية، بيئة زوايا كما تسمى اجتماعيا، بيئة محافظة، فقد نشأت بحمد الله في بيئة محافظة، ونشأتي في أسرة محافظة، قادتني إلى أن أتقبل المنهج الدعوي، وأن أتفهم الدعاة، وأنسجم معهم بسرعة، لأني تحولت من البيئة الاجتماعية المحافظة، إلى البيئة الدعوية

السراج: البيئات المحافظة تصنف أحيانا في غنى الدعوة، فكيف اقتنعتم بالدعوة؟

الإمام: هذا السؤال مطروح، وتوقعت وأنا أجيب على سابقه أن تفرعه عنه، وعموما فهذا يختلف من أسرة إلى أسرة، ولا يمكن تعميمه على كل الأسرة، وأنا لم أكن من أبناء مشايخ الصوفية، ولا من الأسر الغنية والثرية، ولا من الأسر ذات الامتيازات الكبيرة، وكذلك الوالد رحمة الله عليه لم يكن صوفيا، ولا ذا علاقات بمشايخ الصوفية، وهذا المجال، وقد ربانا على التدين والأخلاق والعلم وحبه، وحب القرآن وحب اللغة العربية، وبالتالي لم أجد شخصيا أي حاجز يمنعني من الانسجام وتقبل المنهج الدعوي كما يدعو إليه الدعاة المعاصرون.

السراج: ماذا عن المحيط الاجتماعي الذي تربيتم فيه؟

كما قلت لك الأب لم يكن من تلامذة المشايخ، ولا من أصحاب الامتيازات، وقد كان إنسانا بسيطا، وبالتالي لم يكن عندنا ما يمنع من تقبل كل ما يتفق مع الدين والأخلاق، وهذا قبل كل شيء من فضل الله وتوفيقه.

أنا ولدت في مدينة روصو، وتنقلت في الحادية عشرة من عمري إلى نواكشوط.

السراج: ما سبب التحول، وماذا عن أثر بيئة روصو فيكم؟

الإمام: سببه وظيفي فالوالد معلم، وقد تم تحويله إلى نواكشوط.

وبيئة روصو لا تختلف عن بيئة نواكشوط، ولم يكن عمري يساعدني على فقه المقارنة بين هذه المدينة وتلك.

السراج: والأصدقاء؟

الإمام: حينما جئنا نواكشوط في سنة  1980 حباني الله تعالى بشلة أصدقاء محترمين، ووفقني في اختيارهم وكانوا يحبون العلم والثقافة والمطالعة، كنا نعد مكتبة صغيرة نسميها "مكتبة الأصدقاء"، يعني مكتبة مشاركة بين الأطفال، نحن أطفال ولكن يأتي كل منا بكتبه ويضعها في المكتبة المشتركة، وكنا نجمع هذه الكتب ونتبادلها، حتى يقرأ كل منا كل تلك المكتبة.

ورغم أننا طلاب في المحاظر والمدارس النظامية، كنا نجد من الوقت والإرادة والتصميم ما نعطيه للمطالعة، فنقرأ المجلات وكتب القصص.

السراج: هل تذكرون بعض أسماء هذه الكتب؟

الإمام: نعم بعض أبطال الإسلام، كخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص، والخلفاء الراشدين، ولم تكن اهتماماتنا تقتصر على ذلك فقد كنا نقرأ كتب المغامرات والقصص، فقد كنا نقرأ كلما يقع بين أيدينا، ككتب المغامرات والقصص بجميع أنواعها، قصص تاريخية وغيرها.

السراج: من أين تحصلون على هذه الكتب؟

الإمام: نشتريها، أذكر أنني في الحادية عشرة من عمري، في سنة الأولى في نواكشوط طلبت من الوالد أن يعطيني ثمن كتاب لأشتريه من المكتبة، فأعطاني ثمن كتابين، فذهبت منفردا إلى المكتبة، وأخذت سيارة الأجرة بعشرين أوقية، وذهبت إلى "غراليكما" فاشتريت الكتب وعدت.

السراج: وما هي تلك الكتب التي اشتريت؟

الإمام: هي كتب قصص كنا نحب قراءة القصص كثيرا، والأطفال لهم ولع بقراءة القصص والروايات.

السراج: من أين اكتسبتم هذا الولع بالمطالعة؟

الإمام: جاءنا أولا وبصراحة من التربية ومن الوالد نفسه بشكل خاص، وكان معلما، وخريجا من معهد أبي تيليميت الشهير، فقد كان مولعا بالمطالعة، وكان يملك مكتبة في المنزل، وكان يطالع فيها دائما، فحتى وفاته كان يطالع رحمة الله عليه، وقد كان مولعا بقراءة القرآن والمطالعة، وخاصة اللغة العربية وما يتعلق بها كان يهتم به كثيرا.

فهذه المطالعة أتتني أساسا من الوالد، بالإضافة إلى أساتذتنا ومعلمينا، فقد كانوا يشجعوننا على المطالعة كثيرا، ويطالبوننا بكتابة مقالات عن أهم ما طالعناه وقرأناه، وأتذكر أن أحد الأساتذة أجرى مسابقة في القسم لأحسن مقال إنشائي يكتبه تلميذ عن مطالعاته في الكتب، وفزت بحمد الله بالرتبة الأولى في هذه المسابقة.

السراج: من تذكرون من الأساتذة الذين كانوا يشجعونكم على المطالعة؟

الإمام: للأسف لا أذكر الأسماء لأني كنت صغيرا حينها، وعموما كان الأساتذة والمعلمون كانوا يشجعوننا على المطالعة.

السراج: من تذكرون من الطلاب شلة المكتبة؟

الإمام: أذكر منهم الشيخ السالك ولد سيدي باب، وهو الآن أستاذ في التعليم الثانوي.

السراج: هل ما زال على ولعه بالمطالعة؟

الإمام: ربما يكون قد خف ذلك بسبب مشاغله المهنية، أنا أزوره بشكل دائم بسبب قرابة بيننا.

السراج: ومن تذكرون غيره؟

الإمام: الأستاذ كليكم ولد بلاهي، والأستاذ عبد الله ولد ميارة، ولم أعد أتذكر الأسماء بشكل جيد، وهؤلاء الثلاث من أبرز من أذكر.

السراج: وهل ما زالا يحافظان على المطالعة؟

الإمام: أظن أنهما ما زالا يحافظان على مستوى من المطالعة لا بأس به.

وإن كنت قد ابتعدت عنهما قليلا بسبب مشاغل الحياة، فلم تعد الظروف تساعدنا على التلاقي كما كنا.

ومع ذلك فأظن أنهما ما زالا يحافظان على الأقل على مستوى من المطالعة...

السراج: وماذا عن صعوبات وإيجابيات هذه المرحلة؟

الإمام: بالسبة لأبناء الأسر الفقيرة التي لا تجد سعة في الرزق قد يجدون بعض الصعوبات في توفير أدوات الدراسة، كالكتب وغيرها من الأدوات، خاصة الكتب، لأننا كنا نجد صعوبة في توفييرها.

وعموما فالدراسة في تلك الأيام كانت سهلة ومتيسرة، فالشيخ الذي كان يدرسنا كان زاهدا في المال، وكان يقول لي: أريدك فقط أن تكون من أهل القرآن ولا أريد منك جزاء ماديا، ومع ذلك كنت آتيه بما يستحق.

والأساتذة والمعلمون كانوا في قمة الجدية والاهتمام بالتعليم، وكانوا يهتمون بالطلبة ويشجعونهم، خاصة الطلبة الذين يرون فيهم بعض النبوغ والاهتمام بالدراسة.

وشخصيا لم أجد أي صعوبات تذكر سوى بعض الصعوبات المادية غير المؤثرة، فمحظرتي كانت في المدينة، غير بعيدة من المدرسة التي كنت أدرس فيها.

وتشجيع الوالد كان كبيرا، والوالدة كان لها دور كبير أيضا في الدراسة، والترغيب في التحصيل والثبات على طريق التعلم.

وإيجابيات هذه المرحلة أنها علمتنا قدرا من الجدية، والإخلاص لله في طلب العلم، وتقدير العلم وأهله، وهذا عايشته ولا حظته في المحظرة والمدرسة، فقد كان شيخ المحظرة قدوة يحتذى، وكان المعلمون والأساتذة جادون كذلك.

لم ألحظ أي تناقض بين المدرسة والمحظرة، وما أراه هو مستوى من التعايش بين المدرسة والمحظرة.

السراج: كيف تنظمون الوقت بين المدرسة والمحظرة؟

الإمام: كنت أبدأ بالمحظرة فجرا، وأعود للمنزل لفطور خفيف قبيل الثامنة، ثم أذهب إلى المدرسة، ويدي مخضبة بالدواة، من آثار الكتابة في اللوح، وفي العشي حين لا تكون هناك دراسة أعود للمحظرة، فأبدأ نشاطي اليومي بالمحظرة، وأختمه بها.

وقد كان جوا رائعا جدا، كنت أحس فيه بلذة كبيرة، وشوق للدرسة، وولع بها.

السراج: والدراسة في روصو؟

الإمام: لا أتذكر فيها كبير شيء، أتذكر أنني كنت في مدرسة جادة في روصو، وكان يعد فيها طعام في الزوال، يعد للتلاميذ، هذا ما أتذكره من مميزاتها، وأن الجو كان جادا.

 

 

يتواصل.................................

الإمام ولد إسلم: تربيت في بيئة يطبعها الجد تتصالح فيها المدرسة والمحظرة

السراج TV