إفطارات الشوارع.. مجالس للذكر ومطاعم للفقراء |
الثلاثاء, 30 يوليو 2013 11:10 |
لا يعدم المتجول في شوارع نواكشوط في هذه الأيام بعض الإفطارات المنظمة في شوارع المدينة، وهي ظاهرة وإن كانت حديثة نسبية إلا أنها تلفت في أسبابها، ومظاهرها، والمستفيدين منها، ورسالاتها التربوية والاجتماعية.. في مجتمع ظل إلى عهد قريب يرى الأكل في الشارع سبة، وقادحا في الشهادة.. إلا أن للظروف المعاصرة والحياة المعقدة السريعة إملاءاتها وأثرها المفروض. أماكن الإفطارات: أغلب الإفطارات المفتوحة تحظى بها ملتقيات الطرق وأماكن الاكتظاظ، ومحطات النقل... فحين تصب جمعية بسمة وأمل كل جهودها في إفطارات الشارع على ملتقى طرق "مدريد" في خيمة تكتظ بالحضور، ويجدون في جنباتها أماكن للجلوس في فضاء الخيمة.. (إضافة إلى إفطاري مستشفيات الشيخ زايد، والاستطباب الوطني) تقسم جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم إفطاراتها على ثلاث مناطق رئيسية، هي فضاء التنوع الثقافي، وملتقيات الطرق القريبة من مداخل نواكشوط، وكذا محطات النقل التي يقصدها المسافرون، والعاملون في النقل...والإفطار الثالث هو إفطار الطلبة الأجانب القادمين من غرب إفريقيا وخاصة الدارسين للعلوم الشرعية... هذا بالإضافة إلى الإفطارات التي تنظمها فروع الجمعية في مقاطعات العاصمة، والتي لا تلتزم مكانا ثابتا، وإنما تتحول من مكان إلى مكان حسب الحاجة، وكثرة تواجد الناس... الأماكن وسر الاختيار: ترجع جمعية بسمة وأمل سر اختيارها لمتلقى الطرق "مدريد" إلى الظروف الحالية التي ظهرت فيها بعد التنظيمات الطرقية جعلت ملتقى مدريد محطة أكثر منه ملتقى، ما سبب حسب موسى كليم الله وجود الكثيرين فيه وقت الفطر.. لذلك سعت جمعيته بسمة وأمل إلى تحويل إفطارها من "ساحة بلوكات" إلى تلك المنطقة الاستراتيجية.أما جمعية المستقبل فتبرر إبقائها لإفطارها في فضاء التنوع الثقافي بعدة مبررات من أبرزها: أن المنطقة لا يوجد فيها حسب محمد الأمين ولد المختار أي إفطار آخر غير إفطار الجمعية، كما أنه فضاء واسع مساعد على الاجتماع واحتواء عدد كبير من الناس لحظة الإفطار، وهو –يضيف ولد المختار قريب من الأسواق الرئيسية في العاصمة.. كما أنه مكان معروف تعودت الجمعية على تقديم الإفطار فيه منذ سنوات، وبالتالي تحويل الإفطار عنه سيربك المستفيدين.كما أن للجمعية حسب ولد المختار دائما إفطارات في ملتقيات الطرق الرئيسية، وفي فروع الجمعية في المقاطعات والداخل... ضيوف متنوعون: تستقبل جمعية بسمة وأمل في خيمتها المنصوبة على الضفة الجنوبية لملتقى الطرق المعروف بمدريد كل ليلة ما بين 100 و200 زائر، يتوزعون على مشارب شتى، فمنهم العمال، والطلاب، ومن أعاقهم النقل عن الوصول إلى أهليهم...وتستقبل جمعية المستقبل في إفطارها بفضاء التنوع الثقافي ما بين مائة ومائة وعشرين صائما كل يوم... فللحمالين، وأصحاب العربات في الإفطارات نصيب، بعامل بعد أهليهم عن مركز المدينة، وسكنى أغلبهم في الأحياء البعيدة، ما يضطرهم إلى انتظار الإفطار في إفطارات الشوارع، لكن أغلبهم ينصرف بعد صلاة المغرب مباشرة، في حين ينتظر أغلب الآخرين صلاة العشاء وأحيانا والتراويح. وللشباب أيضا نصيبهم، فأغلب من يرزورون هذه الإفطارات من غير المعوزين والعمال شباب، في حين أن نسبة الشباب العاملين تقل لصالح الطلبة المحظريين... كما أن للطلاب الأجانب خاصة الأفارقة منهم حضور في هذه الإفطارات، حيث خصصت جمعية المستقبل لهم إفطارا خاصا بهم بالإضافة إلى وجود بعض الطلبة العرب في إفطاراها في فضاء التنوع الثقافي... وللنساء نصيب: وتتميز جمعية بسمة وأمل بحضور نسائي في خيمتها الموجودة في ملتقى طرق "مدريد" بحضور النساء لإفطاراتها، ورغم امتناعهن من الإدلاء للسراج الدعوي بأي تصريح، فإن الواضح من أحوال أغلبهن أنهن من البائعات في الشوارع، أو السائلات، كما أن من بينهن من هي مبتورة اليد... وإذا كانت جمعية بسمة وأمل تحظى بالحضور النسائي أثناء الإفطار فإن ساحة "التنوع الثقافي" أيضا تلقى إقبالا من السيدات، لكن العدد لا يصل حجمه إلا أثناء التراويح... مآرب شتى: وحسب من التقى السراج الدعوي من المستفيدين من الإفطارات فإن أسباب استفادتهم من الإفطار تتراوح ما بين الفقر والعوز، ومشاكل النقل، والرغبة في سماع المواعظ، بالإضافة إلى بعد الأهل، ونوع المهنة كأصحاب السيارات، وطلبة المحاظر، ومآرب أخرى... فالصائم (س) قال إن سبب اختياره للإفطارات في الشوارع هو العوز والفقر، فهو لا يجد ما يفطر به، وقد وجد هذه الخيمة التي توفر له الفطر مجانا.. وبنفس السبب علل "أ" إفطاره في فضاء التنوع الثقافي الذي تتولى جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم تنظيم الإفطارات فيه.وأغلب الصائمين يرجعون السبب إلى مشاكل النقل، فالصائم "أ.م" قال إن سبب اختياره لخيمة بسمة وأمل، هو كونها في ملتقى مدريد حيث إن أهله في الترحيل، ولن يصل إليهم في الوقت المناسب، خاصة أنه لا يستطيع الخروج من السوق بسبب مشاغله فيه في وقت مناسب، مستبعدا أي سبب آخر لإفطاره في الخيمة البسموية، وكذلك "ج "، و"م" ، و"ع" في اختيارهم الإفطار المنظمة في فضاء التنوع الثقافي...والصائم جدو يقول إن السبب الأول لحضوره لإفطارات جمعية المستقبل هو ما تقدمه هذه الجمعية في فضاء التنوع الثقافي من دروس وعظات .. هذا بالأساس، في حين يأتي حسب تعبيره الموقع الجغرافي للإفطار، ومشاكل النقل في مرحلة ثانية...والصائم "سيد" يعلل إفطاره في خيمة بسمة وأمل بأنه طالب يسكن في محظرة، لا ينظم فيها إفطار للطلاب، وأغلب طلابه يكون أهليهم موجودين في نواكشوط، بينما هو غريب لا أهل له فيه، وبالتالي يحتاج من يوفر له الإفطار، فكان اختياره على أساس ذلك. ومنهم ذوي مآرب أخرى ، كذاك الشاب الذي قال إنه إنما جاء إلى إفطار جمعية بسمة وأمل، رغم كونه غير صائم، ليرى ما تقدم بعد أن شاهد تقريرا مقدما عنها في التلفزيون الوطني.صلوات، وكلمات، وتراويح: ولا تخلو بعض الإفطارات من برامج تروبوية واضحة، رغم تراجع بعض الجمعيات عن تنظيم الدروس على هامش الإفطار، كما هو الحال في جمعية بسمة وأمل التي لم تبين سبب تخليها عن برامجها التربوية، وغلبة الجانب الخدمي عليها بدل ذلك. فجمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم يغلب على إفطارها الجانب التربوي حيث الصلاة جماعة، في مكان منفصل عن مكان الإفطار، -نظرا لسعة الفضاء- وبعد الصلاة تنظم كلمات تربوية، وكذا بعد صلاة التراويح... ويقول القائمون على إفطارات الجمعية إن لديها لجنة خاصة للتربية تتولى السهر على تنظيم تلك الكلمات التربوية، واختيار مواضيعها، وكذا اختيار الآيات التي يتم التعليق عليها بعد التراويح... العشر الأواخر.. اطمئنان وتخوف: لا تتفق آراء القائمين على الإفطارات في الشوارع حول مستقبل الإفطارات في أيام العشر الأواخر، وإطلالة العيد، والاعتكافات التي قد تمنع بعض الناس من حضور الإفطارات. فحين يبدي موسى كليم الله القائم على إفطار جمعية بسمة وأمل في ملتقى "مدريد" تخوفه من انشغال الشباب القائمين على إفطارات جمعيته بالاعتكاف في العشر، ويدعوهم، وغيرهم من الشباب المتطوع إلى المساهمة في أعمال الجمعية، وتقديمها على الاعتكاف باعتبار فائدتها أعم منه... لا يرى محمد الأمين ولد المختار القائم على إفطار جمعية المستقبل في فضاء التنوع الثقافي أي تخوف من هذا القبيل واردا، بل لا يرى نقص الزبناء في العشر واردا، إذ أغلب إن لم يكن كل المستفيدين من إفطارات الجمعية من أصحاب المهن المشغولين بكدهم وكدحهم وبالتالي يستبعد أن ينشغلوا بالاعتكاف، كما يستبعد ذلك في الشباب القائمين على الإفطارات. رسائل.. وأهداف: يتفق القائمون على الإفطارات والمستفيدون منها على ضرورة تقديم مثل هذه الخدمات للناس، ويقولون إن الواقع يشهد على حاجة الناس إليها، ما يستدعي طلب القائمين عليها من المتبرعين المساهمة فيها... ويجمع القائمون على الإفطارات على ضرورة تقديم الدروس التربوية والتعليقات البيانية الآيات القرآنية.. رغم عدم حضور مبرر عند بعضهم في توقف الدروس التربوية هذا العام... ويجمع القائمون على الإفطارات على أن المقصود الأول هم الفقراء والمعوزون، في حين قد يستفيد منها من ليس كذلك... |